عامل “الغفلة” -رحماك اللهم- من أكبر العوامل المؤدية إلى بروز الظواهر الاجتماعية والأخلاقية المدمرة.. ونشأتها في أوساط كل المجتمعات العربية والإسلامية.
في عصرنا : غفلة في الدين، غفلة في المبادئ، غفلة في الأخلاق… وهكذا.
وإنها لإحدى أخطر المصائب العظمى وأنكدها انعكاسا على عقلية شباب كل الشرائح الاجتماعية للأمة الإسلامية.. وأكبر منها إثارة للحيرة والدهشة، ظاهرة الاسترسال في عدم القبول بأية مصالحة أو تسوية لهذه الحالة. تنطلق في تأسيس دعائم برامجها الإصلاحية وتحضير مقومات قواعد تشييد صرحها على مرجعية إسلامية محضة. لتخطي مثل هذه الظواهر المؤلمة والقضاء عليها ومحو مخلفاتها وانعكاساتها: أخلاقيا وفكريا وعقليا وأسريا ونفسيا واجتماعيا. كما لو أنها سيول جارفة أو نوازل مدمرة أو أخطار ساحقة صحية.. بيئية.. جوية.. أو فترات جفاف متلاحقة تحتاج إلى مكافحة دقيقة بكل الوسائل المتاحة التي تعمل على استئصال أسباب نشأتها وظهورها ونموها وتطورها واستفحالها.. تلك الظواهر التي ما فتئت تزج بالإنسان في خضم المواقف الصعبة الأليمة.. واللحظات الحرجة منها ما يؤدي إلى العقوق أو إلى معاقرة الخمور والفجور أو إلى المقامرة ولعب الميسر أو… أو إلخ. وذلك قبل الوصول إلى مرحلة من مراحلها الحاسمة وقبل التنادي بضرورة الرجوع والعودة إلى مصدر عزة الأمة ومنبع نهضتها وحضارتها الحقة، شريعة ربها وسنة نبيها تسليما. يوم تكون فيه الأمور صعبة للغاية. فلا ينبغي انتظار الوصول إلى هذه المرحلة الاضطرارية اللاخيار فيها حيث تغيب المصداقية عادة وتظهر علامات البحث فقط عن النجاة بأية وسيلة. وهكذا هي دائما الإنسانية الضالة البعيدة عن ربها. وعن دينها وعن نبيها وعن قرآنها.. وهكذا يكون حالها في المراحل الخطيرة المفجعة والأزمات الشديدة القاهرة. حتى إذا ما مرت وانقضت مؤشرات المهلكة وهدأت العاصفة شيئا ما وزال الخطر الماحق عن طريقها وصفا لها الجو قليلا.. قليلا.. وطلعت في أفق سمائها شمس غد جديدة عذبة براقة من خلف الغيوم المتراكمة الملبدة عادت سيرتها الأولى. وانبرت جاهدة مجددا تخبط خبط عشواء وسط أوحال مفاهيم عقلية قرون الجاهلية الماضية ورجعت أدراجها إلى عوائدها القديمة.. وكأن شيئا لم يحدث من تلك العاديات البتة، وإنها لغفلة ويالها من غفلة” -رحماك اللهم-.
لقد كان الرسول الرحيم الكريم يدعو ويقول : {اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون} اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.
عبد الإله جرار