أخرج ابن سعد في الطبقات أن عبد الله بن مسعود قال : >إن إسلام عمر كان فتحاً، وإن هجرته كانت نصراً، وإن إمارته كانت رحمة، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه<.
كثيرة هي الروايات التي تحكي قصة إسلامه ] فلقد روى الترمذي في المناقب أن النبي قال : >اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك : بأبي جهل بن هشام، أو بعمر بن الخطاب، قال : وكان أحبهما إليه عمر<.
كنَّاه رسول الله بأبي حفص كما جاء في السيرة لابن اسحاق أنه ، وكانت حفصة أكبر أولاده.
وكان عمر ] كما قال الزبير من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وذلك أن قريشاً كانت إذا وقعت بينهم حرب وبين غيرهم بعثوه سفيراً، وإن نافرَهُم مُنافِرٌ، أو فَاخَرهم مفاخرٌ رضوا به وبعثوه منافراً ومفاخراً،
يصدق عليه قول الحبيب المصطفى : >خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا<.
وصفه الشيخ علي القرني في محاضرته صور وعبر من حياة عمر ] فقال :
إنه من أظهر إسلامه يوم كانوا يُخفونه.
إنه مرقع القميص وبين يديه الغالي والنفيس.
إنه من يسلك الشيطان فجاً غير فجه.
إنه الوقاف عند كتاب الله… إنه المجاهد في سبيل الله.
إنه القِيم والمثل بعينها.. وما أروع المثل يوم تكون رجالا فتكون الأخلاق فعالاً.
إنه العادل إن ذكر العادلون، هو من سهر لينام الناس، وجاع ليشبع الناس.
هو من جعل كبير المسلمين أباً، وأوسطهم أخاً، وأصغرهم ولداً، فوقر أباه، وأحب أخاه ورحم ولده.
هو من لا تأخذه في الله لومة لائم
هو قائل الحق ولو كان مراً
إنه من اشترى أعراض المسلمين من أحد الشعراء بثلاثة آلاف درهم حتى قال ذلك الشاعر :
وأخذت أطــراف الكــلامِ فلــم تدع شتماً يضر ولا مديحاً ينفع
ومنعتني عرض البخيل فلم يخف شتمي وأصبح آمناً لا يفزع
إنه فاروق الأمة الذي زلزل عروش الظالمين، ودك قلاع الأكاسرة والقياصرة وخضعت لعدالته الجبابرة والأباطرة وهوت عناكب الظلم أمام رايات عدله الخفاقة وفتوحاته المظفرة، فأرغم أنوف الروم، وحطم كبرياء الفرس، وأخرج المغضوب عليهم من جزيرة العرب (يعني اليهود) وأخرجهم أذلة صاغرين.
إنه الزاهد العالم العابد الغيور… الخائف من الله…
إنه عمر بن الخطاب… نور أضاء سطور التاريخ…
غرة في جبين الزمان…
أمة في رجل…
إمام همام…
مميت الفتن ومحيي السنن…
عمر في عين رسول الله
روى الترمذي في المناقب وصححه الألباني أنه قال : >نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر…<.
وصحح الألباني ما رواه أبو داود، عن أبي سعيد الخذري أن رسول الله قال : >إن أهل الدرجات العُلى ليراهم من تحتهم، كما ترون النجم الطالع في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم، وأنعما<.
وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ] أنه قال : >لقد كان فيمن قبلكم من الأمم مُحَدَّثُون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر<.
موقف ليوم القيامة
أخرج ابن الأثير في أسد الغابة بسند صحيح عن قسامة بن زهير قال : وقف أعرابي على عمر بن الخطاب ] فقال :
يا عمر الخير جزيت الجنة جَهِّز بنياتي و اكْسُهُنَّهْ
أقسم بالله لتفعلنَّه
قال : فإن لم أفعل يكن ماذا يا أعرابي؟
قال : أقسم لأَمْضِينّه.
قال : فإن مضيت يكون ماذا يا أعرابي؟
والله عن حــالي لتُسْألَنَّه ثم تكون المسألات عنَّهْ
والواقف المسؤول بيْنَهُنَّهْ إما إلى نار وإما جنَّهْ
قال : فبكى عمر حتى أخضلت لحيته بدموعه، ثم قال : يا غلام، أعطه قميصي هذا، لذلك اليوم لا لشعره، والله ما أملك قميصاً غيره.
{فاعتبروا يا أولي الأبصار}.