ليس غريبا علينا الصمت الرسمي العربي، فصوت الأنظمة العربية يخنس كلما تكلمت أمريكا، أو همّتْ بالكلام، وإنما الغريب أن تُحَمِّل هذه الأنظمة المُقاومة في غزة نتائج الوضع الكارثي الذي سببته الآلة العسكرية الهمجية للجيش الصهيوني، ففي اليوم الأول للعدوان الاسرائيلي على القطاع، صرح “نمر حماد” مستشار ر”ئيس السلطة الفلسطينية في رام الله أن التصرفات الطائشة لحماس هي السبب في هذا العدوان، وأنها -أي حماس- شريكة في هذه الجريمة… نفس الطرح جاء على لسان وزير الخارجية المصري >أبو الغيط< حيث اتهم حماس بخرق الهدنة مع العدو، واستمرارها في إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل.. والأغرب من هذا كله، استمرار الأقلام الكسيحة في الترديد بشكل ببغائي للأسطوانة الصهيونية الأمريكية بأن حماس تنفد الأجندة الإيرانية في المنطقة شأنها شأن حزب الله في لبنان، فقد كتب أحدهم بصحيفة الشرق الأوسط(ü) -التي أبانت على الوجه الكالح للإعلام العربي الذي يتمسح بأعتاب الأنظمة المستبدة- >…أن الزهو بالانتصار الوهمي للحزب الإلاهي -(يقصد حزب الله) في حرب 2006، دفع حماس إلى تكرار نفس التجربة، معرضة بذلك الشعب الفلسطيني لهذا الدمار الوحشي…<.
لقد راهنت إسرائيل ومعها الأنظمة العربية المتواطئة على الحصار لكسر شوكة المقاومة، ودفع مجتمع غزة إلى الانفجار في وجه حماس والجهاد الاسلامي وباقي الفصائل المقاومة، ولما يئس العدو، وباءت خطته بالفشل قرر غزو غزة وتأديب المدنيين العزل الذين عبروا عن مساندتهم اللامشروطة لفصائل المقاومة.
إن الرهان على الغرب الأمريكي من قبل الأنظمة العربية سيجعلها في عزلة شعبية مقيتة، وبدل أن تراهن على الدعم الشعبي لها، نراها تتمسح بأعتاب النسر الأمريكي، وتساهم في حصار وتجويع الشعب الفلسطيني في غزة وطعنه من الخلف.
فإلى متى يستمر ارتهان القرار السياسي العربي؟ وهل تتجاوز الأنظمة لغة التنديد والوعيد، وتظهر لشعوبها وللعالم أنها قادرة على اتخاذ المواقف الحاسمة في الوقت المناسب… إنه لمن العيب أن تطرد فنزويلا سفير الكيان الصهيوني، بينما تتذرع مصر والأردن بتحليلات واهية لاستمرار علاقتها الدبملوماسية مع الكيان الغاصب.
—-
(ü) صحيفة الشرق الأوسط، عدد الأربعاء 10 محرم 1430 الموافق 7 يناير 2009.