الآن خَرس الأفاكون، وسكت الكذابون، وا رتفع صوت الحق عاليا : ألم يخبركم المولى جل جلاله في كتابه الكريم أنه يمحق الربا؟ فأين خبراء الاقتصاد عندكم؟ وأين المتخصصون في التدبير المالي بين أظهركم؟ ها هي ذي مؤسساتكم -أيها المرابون أينما كنتم- تنهار واحدة إثر واحدة، كحبات انفرط عقده، وأنتم تنظرون، فماذا أنتم فاعلون؟
بالأمس فقط كنا نسمعكم تقولون {من أشد منا قو ة}؟ فما هذا الضعف الذي أصابكم؟ أم إنكم كنتم تكذبون؟!
بالأمس فقط كان كبراؤكم يرون أنفسهم شركاء لله في تسيير هذا الكون وتدبير أموره : يغنون ويفقرون، ويغفرون ويواخذون، ويرحمون ويعذبون، ويسعدون ويشقون.. فما لهم اليوم يئنون ويتأوهون؟ إنها الربا أيها المخبولون، هذه المعاملة القاتلة، والقنبلة المدمرة، كنا نراها دمارا وكنتم ترونها ازدهارا، وكنا نراها خرابا وكنتم ترونا إعمارا، وكنا نراها شقاء وكنتم ترونها سعادة، وكنا نراها خسارة وكنتم ترونها ربحا ونجاحا… وكنا.. وكنتم… فماذا تقولون لمن خدعتموهم وكذبتم عليهم من بني البشر؟
أما نحن فنقول لكم أينما كنتم :
إن ما تحاولون القيام به للخروج من أزمتكم لا ينفعكم شيئا، وها أنتم ترون بأنفسكم أنكم تتخذون في الصباح قراراً وتنسخونه في المساء بقرار آخر، وهكذا أنتم في كل يوم، مؤتمر هنا وآخر هناك، وقرار هنا وثان هناك. وإنما حالكم حال من أصابه المس سواء بسواء {الذين ياكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}(البقرة :274 ) والذي يتخبطه الشيطان من المس كلما قام سقط، تماما كما هو حالكم اليوم!! ونحن ننصحكم بما يعالج أمراضكم، ويشفيكم من عللكم : اتركوا الربا، فإن كل ربا يمحقه الله، قال تعالى : {يمحق الله الربا ويربي الصدقات} والمحق : ذهاب المال رأسا، أو ذهاب بركته والمنع من الانتفاع به.
تخلوا عن الربا، فإن المرابين في حرب مع الله، ومن حارب الله دمره الله تدميرا {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مومنين فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}(البقرة : üü).
فيا قومنا أجيبوا داعي الله، وأقيموا اقتصادكم على هدى من الله، وإلا فها هي ذي أبناك العالم المرابي، وخزائن الأمم التي كانت تظن أنها ترزق العالمين أصبحت خاوية على عروشها في لحظة!!
فهل أنتم معتبرون؟ وهل أنتم منتهون؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار.