خديجة الإدريسي
مولاي، يا مولاي،
أسْدل الليلُ أستاره، وغفت القلوب، ونامت الأعين، وسكنت المنازل، وأشرق نورك في فؤادي وتنبهتْ الجوارح وانتعشت روحي، وتيقظت أعيني، وتاقت نفسي للقائك، فوقفت ببابك طاهرة زاهية باهية بتقواك، مشتاقة لرؤياك مستوحشة لأنسك، راجية معيتك، طالبة رضاك، مستبشرة بعطائك، مستيقنة لحبك وودك وعطفك.
وامتثلت بين يدي عزتك يا مولاي مستبصرة لجلالك، طامعة في رحمتك الدائمة الكاملة الشاملة، ووقفت ببابك أطلب القربى والزلفى وأستأذنُ في الوصال، وأترقب العفو والغفران والرضوان، لاسهو ولا غفلة بعد الآن، فقد عرفت بيقين ألا باب إلا بابك يارحمن يا رحيم تظل دائما مفتوحة ليل نهار تستقبل كلّ مريد، ولا تردّ خائبا أي وافد أبدا، فتعلقت بحبال عروتك الوثقى ومشيت على الصراط المستقيم وتسلحت بالصبر والصلاة عساني أبقى على ولائك، ولا أرغب في بديل عنك ولا مؤنس سواك فأكون السابقة إلى ركنك الشديد، السابقة إلى ظلك المديد، الدانية إلى حوضك لأرتوي من معين فضائلك وأتنعم بجنانك وأسعد برؤية جلالك والنظر إلى قدسيتك فلا أشقى ولا أظمأ أبدا بعد ذلك.
مولاي، يا مولاي،
جودك غطاني وكرمك حباني فانطلق لساني بالشكر والحمد والثناء وأخرج صوتي نغمات وتسابيح وذكراً ملأ الأجواء بعبقات لا متناهية. أبدا لا أريد عن بابك حولا ولا عن عزتك وجلالك بدلا. أبدا لا أريد غير رضاك ومعيتك ولا يرضيني غير قبولك لي، فاقبلْني يا مولاي وسيدي ومالك كُل أمري مسلمة مؤمنة طائعة تائبة منيبة، وارفع الحُجب عني لأنعم بالنظر إلي سبحات قدسك وأدخل رحاب جنانك لأحيى بسلام في أمان حمايتك، فلا باب إلا بابك سبحانك، وبحمدك أقف عليه، فلك العتبى حتى ترضى، وعلى نبيك الصلاة والسلام الأزكى.