اعتدت أن أبدأ عملي في الصباح الباكر، أنظف المتاجر والمكاتب… وأحيانا، أعمل مساء في بعض البيوت…!
كنت أدخر الدرهم تلو الدرهم، وأصرف الباقي على أسرتي الصغيرة.. كان حلمي أن أزين معصمي بأساور من ذهب… قد يبدو حلمي تافها، ولكن الذهب من الطيبات التي أحلها الله لنا -نحن النساء-!
بعد عامين، وضعت الأساور في معصمي.. وخرجت من متجر المجوهرات، تسبقني فرحتي.. خطوت بضع خطوات في الشارع، وإذا بشاب يشهر سكينه في وجهي، ويأمرني أن أسلمه الذهب.. ذلك الحلم الذي عملت من أجله كثيراً، في الحر والقر، وفي المرض… أيعقل أن أفقد حلمي في اللحظة نفسها التي حققته فيها؟! أيعقل أن يسلبني فرحي، وعرقي؟! أليس من حقي الفرح بعد كدي الطويل؟!
انفجرت ضاحكة في هستيريا ودموعي تنهمر، وقد أمسك الشاب بمعصمي، يسلبني الأساور.. كادت موجة الضحك الهستيري تلقيني أرضاً، وهو يبتعد عني.. قلت في نفسي : ياالله.. ألم ترني؟! أعرف أنك تراني، فلا تسلبني فرحتي!!
استدار الشاب مندهشا لضحكي.. وعاد مهرولاً إلي… سيغرس سكينه في لا محالة… سأموت وأنا أضحك وأبكي كالمجنونة…!
لكنه ألقى بالأساور على وجهي… داعيا علي : >الله يعطيكم الخْلا آلنْسا.. دوْختونا بالذهب المزوْر!<.
لم أع نفسي إلا ونسوة يلتقطن الأساور ويقدمنها لي، ظانات أنه ابني…
بكيت بحرارة، أيمكن أن يعود إلي رزقي، وقد جربت الفرح والحرمان، ثم الفرح ثانية في لحظة واحدة؟!
آه أيتها الدنيا… أنا أمية مغلوبة على أمري… لكنني أثق في الله سبحانه وتعالى… وأعرف جيداً أن رزقي الذي كتبه لي لن يأخذه غيري مهما كان… وأعرف أن الفرح لا يدوم.. وأن الحزن أيضاً لا يدوم… لكن الله كبير في كل الأحوال… ولذلك الشاب أدعو بالهداية والرزق الحلال…!