محمد طاقي
أينما ذهبت وارتحلت في الجامعة، أو في الحافلة، في الشارع، وحتى في المساجد إلا وتجد : D&G ، 48، Nike، timbereland، Adidas، usa…..أسماء ورموز وأشكال في كل مكان يلبسها النساء والرجال، إلى درجة أصبحت لدى المرء حساسية مفرطة اتجاه هذه الأسماء والأرقام، يسأل أحدهم: لماذا هذه الحساسية؟ ولماذا أصلا هذه الحساسية؟ ما المانع من اقتناء مثل هذه الملابس؟ وأين المشكل في شراء ألبسة تتماشى مع عصر الموضة؟ والعجب العجاب أن الناس عامة والشباب خاصة عندما ينوون التسوق نجد في ألسنتهم فانتازيا ماركات معينة كل حسب ما اشتهت نفسه،بمعنى أوضح هوس الناس بأسماء ألبسة يشريها الشاري تحت ثقافة الضغط الإعلامي “سلع تبيع نفسها، لنتحدث بلسان أحدهم يسأل بائع الألبسة، هل عندك لباس “النيك”؟ الاسم هو كل شيء والرهان الرابح لترويج البضائع. هذه الفانتازيا تحمل في طياتها ثالوث موهم : الجودة، موضة الماركة، الثمن المناسب. كأصنام اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، لهذا حينما يغيب الوعي يبزغ الصنم هكذا قال مالك بن نبي. ولكن الإشكال لا زال مطروحا أين المشكل في اقتناء مثل هذه الألبسة؟ قد يقول قائل : فقط أنتم تتحاملون على المنتوجات الغربية، وآخر يقول ترفضون التجديد والموضة…، وثالث يقول: لكم موقف اتجاه هذه الماركات. في الحقيقة هذه الأقاويل لا أنفيها نفيا تاما، إلا أنني أزيد وأضيف قولا رابعا في شكل سؤال استنكاري، هل يعلم الناس خلفيات هذه الرموز ومعاني الأسماء والأشكال التي توجد على الألبسة التي تغرق أسواق الأمة من المحيط إلى المحيط؟ أكيد لا يعرف سيميائياتها ودلالتها إلا قليل!!!، لأنه لو عرف السبب بطل العجب وهكذا لو عرف السيمياء بطل الاقتناء، إن سيمياء الرموز سيل من الحرب الحضارية التي تشنها اليهودية العالمية على الإسلام، لتدمير مواقعه الوجدانية في بنية التدين الاجتماعي كما أشار لذلك الدكتورفريد الأنصاري في مقدمة كتابه “سيماء المرأة في الإسلام”. هذه الرموز على الملابس يمكن أن نشبهها بالقنابل العنقودية الذكية التي تنتشر في أوساط المجال المستهدف. بل إنها قنابل تستهدف العقيدة فيتجاوز مفعولها ألاف المرات قنابل الرؤوس النووية، فالذي يتصور أن الملابس متعلقة بالمظهر و الشكل فهو واحد من اثنين إما مجنون أو غبي؟ فاللباس تعبير شعوري عن القيم الأخلاقية التي يحملها اللابس، فاللابس والملبوس كتلة واحدة لا ينفكان. ومن هنا يتبين مدى الخطر الذي تؤدي إليه حرب الرموز وحرب الرموز التي على الملابس في سلخ الأمة عن هويتها، وتجريدها من المقومات الفكرية والعقدية تجاه ثقافات التغريب والنمط الاستهلاكي الغربي…. إنها حرب لاستعمار جديد بدون لون وبدون راية وبدون جواز كما أشار لذلك المهدي المنجرة في كتابه “انتفاضات في زمن الذلقراطية “، هي حرب لسلب إرادة الناس في الاختيار وضرب كينونة هذا الإنسان في المعنى الحق والأصيل للوجود وليس كما يراد له في تبضيعه أو تشييئه -أي جعله بضاعة أو شيئا- ليباع ويشترى في مزاد صناع الخراب والفجور، إنما حرية الشعوب هي كسر الأوهام الفكرية وأغلال العيش على النمط الأمريكي، فمصير الحرية مرهون بالقولة الوجودية : (أنت تختار،إذن أنت موجود). وإلا فعلى وجودك السلام، ويصح بذلك هذا القول: أننا نعيش في سجن أبو غريب من نوع آخر. أما أولئك الذين يظنون أن مسألة اللباس مسألة ثانوية أو شكلية فهم مخطئون، فأي شكل في الوجود لا يعبر عن مضمون؟
ومما يدعو للسخرية أن أجنبيا استوقف رجلا عربيا بصحبته طفل صغير، فسأله : كم ثمن هذا الطفل؟ فاندهش والد هذا الصبي لهذا السؤال، ما الداعي الذي جعل الأجنبي يسأل هذا السؤال؟ المسألة لا تحتاج إلى كثير من الذكاء أو الحداقة، كما أن المسألة ليست لغزا تحتاج ساعات من التخمين، الجواب ببساطة : For Baby Sale جملة مكتوبة على قميص الطفل ومعناها طفل للبيع.أترك للقارئ كامل التعليق…
وهلم جر من المصائب وأسلحة الدمار الإيماني التي يلبسها شبابنا على ظهورهم و صدورهم، على سبيل المثال لا الحصر: DوG هو رمز لماركة جابت وتجوب الأسواق ومفاد هذا الرمز هو كلمة اختصار لاسمي Dolce و Gabbana أحدهما إيطالي والآخر فرنسي أول شادين جنسيين في العالم،صادقت الكنيسة سنة 1995م على زواجهما، فتصور أنك تصلي بلباس فيه مــاركة أو علامة لشادين جنسيــا، فأسس هذا الزوج شركة أخطبوطية في العالم لتوزيع جميع أنواع الملابس والعطور…وما نأسف عليه أنها لقيت إقبالا كبيرا في الأوساط العربية المتخلفة، وما لا يعلمه المعجبون بهذه الماركة أن Dolce & Gabbana افترقا وطلقا طلاقا بائنا لم أعلم لحد الآن من كانت بيده العصمة؟.
أما عن كلمة timbereland فهي رمز لشجرة مرسومة على الملابس وتعني شجرة الغرقد، ومما لاشك فيه أن حديث رسول الله أخبرنا عن هذه الشجرة فقال نبي الله : >لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الشجر والحجر،فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود<(أخرجه البخاري في باب قتال اليهود من كتاب الجهاد). يقوم الآن اليهود في أرض فلسطين المحتلة باجتثاث جميع أنواع الأشجار وغرس بدلها هذا النوع من الأشجار.
كلمة الرمز usa تعني الولايات المتحدة الأمريكية، من الطرافة بمكان أنه في الشهور الأخيرة كانت تظاهرات احتجاجية واسعة النطاق حول الإساءة للحبيب المصطفى والحرب على العراق وانتهاكات سجن أبوغريب واقتحام الأقصى واللائحة طويلة.. فشاهدت شابا يصرخ بأعلى صوته ضد أمريكا وسياستها الإمبريالية في العالم الإسلامي، والمضحك المبكي أنه يلبس تيشورت عليه علم أمريكا مكتوب عليها usa، ويردد الموت لأمريكا، في الحقيقة هذا مشهد يتكرر عشرات المرات بطريقة أم بأخرى لنخلص أننا شعوب لا نتقن إلا فن الصراخ والعويل، ونبحث عن القشة في عيون الناس وننسى الجذوع بأعيننا، فرب احتجاج وتظاهر أقبح من الإساءة!!
خطب الجرذ يوما في النظافة وحذر الأوساخ من العقاب ومن حوله يصفق الذباب. (الشاعر أحمد مطر)
كلمة أخرى NIKE معناها إله الحب عند الإغريق وهو صنم يعبد من دون الله، والكلمات والرموز كثيرة:
صهيون Zion، امرأة فاجرة ووقحة Hussy، قبِّلني me Kiss، اتبعني me Follow، ماسوني Mason، خذني me Take، مريم العذراء Madonna، خنزيرة Sow،خنزير Pig….وتجدر الإشارة كذلك لرقم 48 المكتوب على الملابس لماذا هذا الرقم بالذات؟ الجواب لا يوجد عندنا نحن لأننا لا نفقه شفراته السيمائية، الجواب عند من يحترمون الأوقات ويضبطون المواعيد اليهود،48 السنة التي تم الاعتراف لهم بتأسيس دولة إسرائيل في الأرض المباركة،أما عن نجمة داوود النجمة السداسية التي تتوسط العلم الإسرائيلي فلا أكاد أحصيها على المنتجات الملبوسة والغير الملبوسة، فهذا غيض من فيض وحبة صغيرة في كومة من القش، وما خفي من الرموز فهو كان أعظم.
علاوة على هذا أو ذاك فشارات الفرق الرياضية إن لم أكن مبالغا فكل الفرق الأوروبية لها امتداد مسيحي، نرى عليها الصليب بالعين المجردة. ففي إحدى أيام صلاة الجمعة جلس بجانبي رجل والإمام يخطب، وضع على سجادة المسجد قبعة واقية من الشمس عليها شارة إحدى الفرق الإيطالية المشهورة،لم أستطع صبرا معه ما إن انتهى الخطيب من خطبته حتى أخبرت الرجل صاحب القبعة بالصليب عليها، وبعدها من شدة الاستغراب والدهشة شكرني،أين تكون عقولنا وحواسنا حينما نشتري مثل هذه المنتجات؟فهل رأيتم خزياً وخجلاً أكثر من هذا الموقف!! نخلص إلى الحقيقة المرة هي أن العرب أميون لا يقرؤون.
لهذا أقول ما قال خالص جلبي: عندما يغتال العقل بشكل منظم لا تبقى حدود لحماقات البشر.