سارة أبو الأنوار
لقيت الفتاة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة، كفيلة بأن تصون عفتها، تجعلها عزيزة الجانب، سامية المكانة، وإن القيود التي فرضت عليها في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج، فما صنعه الإسلام ليس تقييدا لحرية الفتاة أو المرأة، بل هو وقاية لها مخافة أن تسقط في درك شباك الرذيلة والمهانة، ووحل الابتذال أو تكون مسرحا لأعين الناظرين أو سلعة رخيصة لهم.
وهذا هو التبرج الذي يجعل الفتاة كالسلعة المهينة الحقيرة المعروضة لكل من شاء أن ينظر إليها.
التبرج هو إظهار الجمال وإبراز محاسن الوجه والجسم ومفاتنهما، أو كما يقول البخاري رحمة الله عليه >التبرج أن تخرج المرأة محاسنها<.
وحفظا للمجتمع من ضرر التبرج، وصيانة لأجسام النساء من التهتك، ولحيائهن وعفافهن من الفساد، وإبعادا لنفوس الرجال من الإغراء والتدهور، نهى الله العليم الحكيم النساء عن التبرج، وهو سبحانه الخبير بضعف الإنسان وطيش الشباب، فاسمعن أيتها المسلمات أوامر الله لكن إن كنتن حقا من المؤمنات {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن، أو إخوانهن، أو بني إخوانهن، أو بني أخواتهن…<(سورة النور).
أما فتاة اليوم فقد أصبحت متبرجة لدرجة لا تتصور، حيث أصبحت من العاريات الكاسيات الفاسدات، ونسيت قوله :> صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأدناب البقر يضربون الناس (إشارة إلى الحكام الظلمة أعداء الشعوب) ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا<.
وإنما جعلن “كاسيات” لأن الثياب عليهن، ومع هذا فهن “عاريات” لأن ثيابهن لا تؤدى وظيفة الستر، لرقتها وشفافيتها، فتصف ما تحتها، كأكثر ملابس النساء هذا العصر، والبخت نوع من الإبل عظام الأسنمة، شبه رؤوسهن بها، لما يعرفن من شعورهن على أوساط رؤوسهن، وكأنه كان ينظر من وراء الغيب إلى هذا الزمان، وكل هذه الفتنة ترجع إلى إهمال الرجال للقيام بواجبهم نحو المرأة، وهذا الإهمال ناشئ عن جهل أو تجاهل إنهم مسؤولون عنها نفسا وعقلا وجسما، وأنهم قيمون عليها مكلفون برعايتها أباء كانوا أو أزواجا أو أخوانا، كما قال رسول الله : >كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته<(رواه البخاري ومسلم).
أعجب لهذا الأب أو الزوج أو الأخ الذي يشفق على ابنته أو زوجته أو أخته من الاختمار ولايشفق عليها من غضب الله وعذاب النار. هل من الحب والحنان ألا تبالي بتعرضها لغضب الله وعقابه، ولا تحاول إنقاذها من مخالب الشيطان؟ ألم تسمع قوله تعالى : {ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة}.
كما ترجع الفتنة إلى إهمال النساء لحفظ أنفسهن وصيانتها من الذل والمهانة، وسترهن لعورتهن، لكي لا تظهر كالسلعة الرخيصة المعروضة، ألا تحبين الطهارة والعفة والحياء والتقوى؟! ألا تحبين أن تكوني من أشرف وأعظم الناس مظهرا وخلقا ودينا؟
والأسوأ من هذا أن الفتاة المرتدية الحجاب المزيف، بإرسال خصلات من شعها اللامع على جبينها بعد خروجها من منزلها أو داخل المدرسة بنية إتباع “المودة”، ألا فلتعلم هذه المخادعة أن الله عليم بما في نفسها من شهوة التجميل والتبرج، وأنه لا يخفى عليه ما في قلبها من الاحتيال والمخادعة، فرغبتها في أن تبدو جميلة وأن تحوز إعجاب من يراها ولو بالحجاب أو بالخمار، تبرج يمقته الله ومعصية يعاقب عليها أشد العقاب.
إن هذه الفتنة التي يعيشها مجتمعنا اليوم، هي تقليد أعمى، حيث أردنا تقليد البلدان الغربية في ملبسهم، لكن نسينا أن هذا استثناه ديننا والرسول.