شهر رمضان هو شهر التوبة والإنابة إلى الله، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر تصفد فيه الشياطين، ويكثر فيه الذكر، ويؤم الصائمون فيه المساجد ابتغاءَ فضل الله ورحمته.
وتبعا لذلك كان من المفروض أن تكون القنوات الفضائية العربية على قدر هذا الشهر الكريم، فتشعر الصائم بما يليق بجلال الشهر وقدره وعظمته، عن طريق برامج مستوحاة من نفحات هذا الشهر المبارك ومن خلال تاريخ الحضارة الإسلامية وما تميزت به هذه الحضارة، وما صنعته من مآثر غيرت مجرى التاريخ، وخاصة في شهر رمضان.
لكن قنواتنا تأبى إلا أن تكون بالمرصاد للصائمين وكأنها من شياطين الإنس التي لا تصفد، تلج البيوت بدون استئذان، وتبث السموم بأشكال مختلفة، إلى درجة أن كنا نسمع ونقرأ قبل حلول هذا الشهر الكريم، عن فلان وفلانة من “الفنانين” أو “اللاعبين” أو “غيرهم” من المشهورين، قد لازموا استوديوهات معينة من أجل إنتاج برامج خاصة بشهر رمضان، مع صرف مبالغ مالية ضخمة من أجل إنتاج هذه البرامج… وتتمخض هذه “الجِمال” كلها فتلد “فئرانا” تصك آذان السامعين، وتؤذي أبصارهم آناء الليل وأطراف النهار، وخاصة في وقت الإفطار.
قنواتنا المحلية الوطنية حشدت في ساعة الإفطار مجموعة من البرامج التي تتناول كل شيء إلا ما يتعلق بالصيام والقيم الحضارية التي يحملها، فليس هناك ما يشير إلى فوائد الصيام، وإلى فضل رمضان، وإلى الأدعية المسنونة في رمضان وخاصة عند الإفطار، وكأن وقت الإفطار ملهى من الملاهي، يُرَادُ للصائم أن ينْسَى كل ما يتعلق بالصوم، ولا يفكر إلا فيما يمْلأ معِدته مما لذّ وطاب، أو يشحن ذهنه من هموم المجتمع التي يفترض أن تكون قيمٌ الصوم هي المعالجة لهذه الهموم، والبانية للنفوس، والرافعة للهِمَم، وليس القهقهات المصطنعة على قول أو سلوك لا يغني عن الحق شيئا.
وأما القنوات العربية، فليس في جلِّها ما يوحي بأنها تعيش في ظلال شهر يقال له رمضان، تقلّب هذه القنوات، فلا تجد فيها إلا ما يُحزن ويؤلم : أجسام عارية، أغان هابطة، أزياء فاضحة، مسلسلات مائعة، برامج فارغة، هذا ونحن نعيش أيام الشهر المبارك، أما خارج أيام هذا الشهر، فليس هناك فرق كبير، وإن كانت الميوعة تزداد، إلى درجة أن المَرء يتساءل : لماذا يصرف القائمون على هذه القنوات الملايين؟ ما هو الهدف؟ ما هو التصور؟ ما هي الغاية؟! أي مستقبل يريدونَه لشباب الأمة؟ أي بناء يريدونه لأوطانهم؟ أي تقدم يرغبون فيه لأمتهم؟ أي دين يرتضونه لأبناء جلدتهم؟ أسئلة كثيرة تطرح، وتعتصر المرء، خاصة حينما يقارن هذه القنوات التي تسمى عربية بقنوات أخرى لأمم غربية أو حتى آسيوية التي تبني العقول والأوطان، وتدافع عن اللغة والهوية، بمختلف البرامج، بما في ذلك البرامج التي يُقلدها عدد من القنوات العربية بشكل ببغاوي.
إن هدف الإفساد بكل أنواعه من أساسيات هذه القنوات : إفساد للعقيدة والأخلاق، وإفساد لمقومات الثقافة والحضارة الإسلامية، وإفساد لأمن المجتمعات، وهدم لكل ما هو إيجابي فيها.
ولقد تتبع أحد الدارسين بالدراسة قناة من أكثر القنوات سوءاً، وأفتكها بالناس، وهي قناة mbc بفروعها، ووصل إلى نتائج تبين حقيقة هذه القناة. مع العلم أن الدارس اختار 8 ساعات بشكل عشوائي من البث. فكيف لو تتبع دارس بثّ شهر أو سنة، وكيف لو تتبع الدارسون قنوات أخرى مما يشبه mbc ومالا يشبهها، بالتأكيد سيجدون هناك المصائب العظمى.
ومن أراد الإطلاع على تفاصيل هذه الدراسة فليتصفحها في شبكة المعلومات عن طريق محرك البحث غوغل، وهي بعنوان “الدور المشبوه لقنوات mbc” لعبد الكريم آل عبد المنعم.