الوقت له قيمة كبيرة في الإسلام لأنه هو الحياة والزمن الذي نعيشه هو العمر الذي نسأل عنه يوم القيامة، قال رسول الله : >لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه<(رواه الترمذي).
ونلاحظ في هذا الحديث الشريف أن العبد يسأل عن عمره مرتين : يسأل عنه عامة، وعن شبابه خاصة، لأن زمن الشباب يتميّز بالفتوة والقوة والعطاء، وللأسف نجد شبابنا المسلم في عصرنا هذا يبخلون بهذه المرحلة المتدفقة بالحيوية والنشاط على دين الله والعمل للإسلام، وينفقونها بسخاء في الملاهي والمقاهي والملاعب، حتى إذا أصبح الواحد منهم عاجزاً عن الحركة، وهن عظمه، وقل نشاطه، وانحنى ظهره، جاء حينئذ إلى بيت الله ليصبح حمامة المسجد، وكأن هذا الدين لا يستحق منا إلا أرذل العمر، أما أفضل العمر فهو لغير الإسلام!!
والواعظ عند كلامه ووعظه يكون مسؤولا عن وقت الناس فلا يضيعه بالإطالة والإطناب وعليه بالاقتصاد والإقلال، فضمير الأمة لازال ينبض بالحياة، ويعرف قدر الواعظ ويوقر العلماء والمرشدين.
فالواعظ عند تذكيره للناس تخيم على المجلس السكينة و الوقار ويلتزم الناس حالة الهدوء والصمت كما كان شأن الصحابة في مجلس الوعظ عند رسول الله ، فعن أسامة بن شريك ] قال : >كنا جلوساً عند النبي فكأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم..<(رواه أبو داود).
فعلى الواعظ أن يراعي حالة السكون التي عليها الناس في مجلسه فلا يطيل تجميدهم بل يختصر في وعظه، وقد كان فقهاء الدعوة من علماء الأمة يعتبرون الموعظة الحسنة هي التركيز والاقتصاد في الكلام.
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى : باب الوعظ والاقتصاد فيه، قال تعالى : >ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}(رياض الصالحين 296) فجعل الآية في تبويبه ليفيد أن الموعظة الحسنة هي الاقتصاد في الإرشاد.