طوفان العري والعهر


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا..

عباد الله : لقد شاء الله تعالى أن يخلق طبيعة الأنثى ميالةً إلى الذكر، وطبيعة الذكر منجذبة إلى الأنثى، لأن حكمته سبحانه اقتضت أن يكون خليفتُه في الأرض ذكراً وأنثى، ولا تقوم الخلافة إلا بالتوافق والتكامل المنتظمين. وقد خلق سبحانه في الذكر والأنثى شهوة متجاذِبة تزيد من رغبة الذكر البالغ في الأنثى البالغة وهي كذلك، ولما علم سبحانه بأن الاتصال بين الذكر والأنثى لابد أن يقع، ولابد أن يتمتع أحدهما بالآخر، وضع سبحانه لذلك الاتصال وذلك التمتع نظاماً شرعيّاً، وأوجب اتّباعه والعمل به، من اختيار وخطبة وإشهاد وعقد ودخول، وبذلك يتم الاتصال ويقع التمتع في جو الحلال والرضى وفي مناخ الاطمئنان والانسجام، وضمن الثواب والأجر لمن امتثل ذلك، واحترم ذلك المنهاج، ووعده بالبركة والتوفيق والذرية الطيبة قال تعالى : {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه}، وأخبر تعالى أن أي اتصال بين الرجل والمرأة عن طريق غير الطريق الذي أذن به هو اتصال حرام، وهو اعتداء وظلم وإفساد في الأرض، وإنتاج ضار لا يبارَك فيه، ويعاقَب فاعلُه بأشد أنواع العقاب في الدنيا والآخرة، لأنه يفسد نظام الخلافة!

ولما كان التزيُّنُ والتجملُ والتأنقُ يزيد من التفات واستحسان واشتهاء الرجل للمرأة وإقبال المرأة ورغبتها في الرجل، أباح ذلك وأمر به بين الزوجين بطريق الشرع، والغرضُ منه أن يجد كل من الزوجين في صاحبه ما يغض طرفه، ويروي شهوته، ويطفئ غلته، ويهدئ فتنته، وأباح للزوجين الشرعيين أن يتكشف ويرى ويقبل ويلمس كل منهما من صاحبه ما شاء من بده، وكل هذا يعتبر تلبية لشهوة الزوجين واستجابةً لرغبتهما الفطرية إلى أبعد حدود الشرع، وقد أخبر  أن رجال بني إسرائيل لم يكونوا يتزينون لنسائهم، فنفرت منهم نساؤهم وكرهنهم، فأدى ذلك إلى ظهور الزنى عندهم.

لكنّ ما نراه اليوم من تزين النساء وتجملهن وكشف أبدانهن من جميع الجهات ليس هو تجملَ الزوج لزوجه، وليس هو التأنق والتزين المسموح به شرعاً، وإنما هو تجمل للعالمين، وكشف للناس أجمعين، وتبذل وإهداء وإذن بالتمتع لكل الجائعين، وقد بلغنا عن كثير من البنات والنساء المتعريات المتكشفات أن منهن من تَعتبر ذلك اللباس أمراً عادياً، لا حرج ولا إثم ولا فسوق فيه وأنها قد تربَّت منذ صغرها كذلك، ولم يمنعها أبواها، ولم يخبرها أحد بأن ذلك اللباس غير شرعي، وأنه محرم، وأنه يجر عليها سخط الله ولعنتَه لأنها تفتن به الرجال، فإن كان هذا الجواب صادقاً، فالإثم على الأبوين المنشِّئين، وعلى المربين، وعلى من ينصح. وبلغنا عن بعضهن أن اختيارهن للعري والتكشف أمر اختياري، وحرية شخصية، لاحق لأحد أن ينكره أو يمنعه، وهذا الصنف من النساء يعبُد رأيه، ويقدس هواه، ويعارض ربه! وبلغنا عن بعض منهن أنهن رأي