خديجة وسعدان – طاطا -
قال تعالى : {فاذكروني أذكركم} وقال عز وجل : {واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين}، وقال عز من قائل : يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا}.
هذه دعوة من رب الأرض والسموات يدعو فيها عباده لذكره وتلاوة كتابه، فبه تطمئن القلوب وتنشرح الصدور، فذلك لا يأتي من فراغ ولا من سِعة المال والجاه، والعيش في أرقى البيوت وأفخمها، والحصول على أكبر المناصب وأفضلها، فهذا ما يسعى أغلب الناس إليه اليوم في عمر طغت فيه الماديات بشكل كبير ظانين أن السعادة والاطمئنان في جمع المال بأي شكل من الأشكال، المهم الوصول للهدف والشهرة، ولكن الواقع عكس ذلك فربّ غني عاش حزينا ومات منتحرا، ورب فقير عاش حميداً ومات شهيداً، فالغنى غنى القلب وليس كما يعتقد البعض، والاطمئنان يدخل للقلب بمحبة الله والتقرب إليه بطاعته ومناجاته في السر والعلانية بكل حال وفي جميع الأحوال تلذذا بذكره وتلاوة كتابه آناء الليل وأطراف النهار قال تعالى : {إن في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الالباب، الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار}(آل عمران : 191) فبه يطمئن القلب وينشرح الصدر مصداق ذلك قوله تعالى : {ألا بذكر الله تطئمن القلوب} وقوله صلى الله عليه وسلم : >ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا : بلى قال : ذكر الله تعالى<(رواه الترمذي) فبه يكون صادقا مع ربه طامعا في رضاه ليذوق طعم الإيمان ولذة الاطمئنان فيغوص في معاني الآيات منبهراً بها فيفهم معانيها ويقف عند حدودها خاشعا خاضعا مستسلماً لأمره تعالى. فسعادته في طاعته والاشتغال بذكره والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم.
فمما يزيد الإنسان إطمئنانا الثواب الكبير والأجر العظيم الذي خص به الله سبحانه عباده المخلصين الذاكرين فقال : {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً}، فهذا مما يحفزنا ويعيننا على ذلك لنكون من الذين اصطفاهم لذكره وشكره وحسن عبادته فتطمئن قلوبهم وتنشرح صدورهم كما قال سبحانه : {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.