ستون عاما على اغتصاب الأرض والعرض والإنسان في أرض الرسالات… ستون عاما والشعب الفلسطيني المسلم يمشي على حد السيف، أكثر من نصفه في المنافي.. والنصف الآخر محاصر ومجوع، من قبل الاحتلال ومن قبل دول الجوار العربي… لن أجتر التاريخ وأقلب المواجع، لن أحدثكم عن مذبحة دير ياسين، وحصار جنين، وحرق الأقصى ومذابح العصابات الصهيونية “اشتيرن وأراغون”، لن أحدثكم عن اغتيال الصبي الدرة وعن الرضيعة إيمان، وعن.. وعن… أنا هنا أخاطب الضمير العربي المسلم الذي مازال يلهث وراء سلام ملغم وسراب مزعوم.. من كامب ديفيد، إلى أوسلو إلى واي الريفر وحتى أنابوليس… جفت حلوق المهرولين وتقطعت أوصالهم من غير أن ينالوا من جنس صهيون خرم إبرة، ومع ذلك مازال الأمل يحدوهم في قطف ثمار السلام، وقص أجنحة كتائب القسام… إني أنظر إليهم بعين الشفقة وهم يستجدون اللص الذي سطا على الدار أن يسمح لهم بغرفة صغيرة إلى جانب حديقة البيت الذي كان في يوم من الأيام سترا لهم… أنظر إليهم وصوت الشاعر الصهيوني >أفرايم تسيدون< يصك مسمعي :
يا مردخاي غور
سأقص عليك قصة
حتى لو تخلت المنظمة(*) عن ميثاقها
حتى لو تخلى الفدائيون عن
أسلحتهم وعقيدتهم
وأرسلوا بطاقات التهنئة
لكل بيت يهودي في رأس السنة العبرية
وحتى لو قامت نساء “فتح”
بنسج قبعات الصوف
لجنود إسرائيل
واستقبل أهالي الضفة
جماعات “غوش إمونيم”(**)
بالأغاني والزغاريد
وحتى لو نقلوا اللاجئين
إلى القطب الشمالي
ورفعوا رايات الهزيمة
أياما وليالي
وحتى لو تحولت سيوفهم
إلى أقلام ومساطر
فلن نجالسهم أبدا
ولن نحاور…
فهل بعد هذا الكلام، كلام آخر يا سادة العرب؟!!
—-
(*) يقصد منظمة التحرير العربية.
(**) يقصد عصابة صهيونية متطرفة اركتبت عدة مجازر في حق الفلسطينيين العزل.