لم يكن الرسول بأبي هو وأمي ليرغب الناس في صلاة الجماعة ولا يهتم بها بل كان أشد الناس اهتماما بها حتى في أشد الأحوال وأصعبها وفيما يلي أذكر موقفين له:
أ- قيامه بأداء الصلاة مع الجماعة في شدة المعركة :
فقد روى الإمام مسلم عن جابر ] قال:(غزونا مع رسول الله قوما من جهينة فقاتلونا قتالا شديدا فلما صلينا الظهر قال المشركون : (لو ملنا عليهم ميلة واحدة لاقتطعناهم) فأخبر جبريل الرسول بالأمر فذكر لنا ذلك رسول الله قال: وقالوا:(انه ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الأولاد) لما حضرت العصر قال : صفنا صفين والمشركون بيننا وبين القبلة قال : فكبر رسول الله وكبرنا وركع فركعنا ثم سجد فسجد معه الصف الأول فلما قاموا سجد الصف الثاني ثم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني فقاموا مقام الأول فكبر رسول الله وكبرنا وركع فركعنا ثم سجد وسجد معه الصف الأول وقام الثاني فلما سجد الصف الثاني ثم جلسوا جميعا سلم عليهم رسول الله .
ويتجلى اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام بصلاة الجماعة من عدة وجوه وهي:
< أدى الرسول صلاة الظهر مع الجماعة أثناء قتال قوم من جهينة وكانوا قد قاتلوا المسلمين قتالا شديدا.
< أن الإطلاع على قرار المشركين بالإغارة دفعة واحدة أثناء تأديتهم لصلاة العصر مع الجماعة لم يقلل من اهتمامه بها.
ب- جهود النبي للخروج لصلاة الجماعة في شدة المرض:
فقد روى الإمام البخاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله ؟
قالت : بلى. ثُقل (بضم القاف) النبي فقال :(أصلى الناس) ؟
قلنا : لا. هم ينتظرونك.
قال : ضعوا لي ماء في المخضب.
قالت : ففعلنا. فاغتسل عليه الصلاة والسلام فذهب لينوء أي ليقوم فأغمي عليه ثم أفاق عليه الصلاة والسلام فقال : أصلى الناس ؟
قلنا : لا . هم ينتظرونك يا رسول الله..
قال : ضعوا لي ماء في المخضب.
قالت : فقعد فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال: أصلى الناس ؟
فقلنا : لا . هم ينتظرونك يا رسول الله..
والناس عكوف في المسجد أي مجتمعون ينتظرون النبي لصلاة العشاء..
فأرسل النبي إلى أبي بكر ] بأن يصلي بالناس فأتاه الرسول الذي بعثه الرسول فقال : (إن رسول الله يأمرك أن تصلي الناس).
فقال أبو بكر ] : وكان رجلا رقيقا: (يا عمر صل بالناس)..
فقال له عمر ] (أنت أحق بذلك)..
فصلى أبو بكر تلك الأيام..(الحديث)..
الله أكبر!! كم كان حريصا على حضور صلاة الجماعة؟.. يشتد مرضه فيغتسل ثم يغمى عليه فيفيق فيغتسل للمرة الثانية ثم يغمى عليه فيفيق فيغتسل للمرة الثالثة!.. كل ذلك لعله يكسب نشاطا يمكنه بفضل الله تعالى من حضور صلاة الجماعة في المسجد..