مجالات الدعوة الإسلامية خارج العالم الإسلامي تمثل عوالم، فهناك أوربا، وأمريكا والصين والهند وروسيا والفيتنام وكوريا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، وللدعوة الإسلامية حضور متفاوت في العالم كله ومن أهم أهداف هذه الدعوة المحافظة على المسلمين وذلك بتفقيههم في دينهم وحسن تنشئة أبنائهم ثم دعوة الآخر… وأحب أن أركز كلمتي على بلدان قليلة لي بها اتصال وسبق أن زرتها مرارا مثل إسبانيا وفرنسا وكندا ولا سيما الكيبك منها وإفريقيا، ففي إفريقيا دعوة إسلامية رائدة خطت خطوات مباركة في نشر الإسلام وترسيخه وهي لجنة مسلمي إفريقيا الكويتية التي تتعامل مع حوالي أربعين دولة إفريقية وتقوم دعوتها على التعليم والتطبيب والتثقيف والتكوين المهني والإعلام، ويقول رئيسها الدكتور عبد الرحمان السميط لو أن المغرب اهتم بمجاله الإفريقي التاريخي والحيوي بغرب إفريقيا لأصاب نجاحا كبيرا لما له من نفوذ روحي وثقافي في تلك الشعوب التي ارتبطت بالمغرب منذ أمد بعيد ولكنه مع الأسف لا يلتفت إلى هذه الشعوب التي تقدر المغرب تقديرا كبيرا، نعم استطاعت الوكالة للتعاون المغربي- الموريتاني ثم الإفريقي ثم الدولي أن تسد فراغا كبيرا في مجال التعليم، وكانت وكالة التعاون المغربي الموريتاني نموذجا رائعا لتوثيق عرى الأخوة بين البلدين الشقيقين، ثم كان للتعاون الدولي بوزارة الخارجية نشاط كبير في مجال التعليم بإفريقيا بما تسديه تلك الوكالة من منح كثيرة للطلاب الأفارقة، وقد كانت لمديرية الشؤون العربية والإسلامية بوزارة الخارجية بادرة عظيمة للتعاون المغربي والجمهوريات الإسلامية المستقلة ومن أهم منجزاتها: تكوين بعض الأئمة والطلاب من بعض تلك الدول وقد أصبح لبعض أولئك الأئمة والطلبة شأن وأي شأن في بلادهم، ولكن هذه البادرة المباركة سرعان ما توقفت بتغيير القائمين عليها، ولقد شاهد سفيرنا في قرقيزيا بعض تلك الآثار الطيبة، إذ أصبح إمام من أوزبكستان كان يتدرب عندنا مفتيا لدولته، وقد حاولنا أن نُكَوّن طلابا من غينيا فتكلفنا بتدريسهم وإيوائهم ولكن لم تمض سنة ونصف حتى اضطررنا لإرجاعهم لبلدهم بسبب فتنة ” الإرهاب” بالدار البيضاء، وأظن أنه لو فُتِح مشروع ” للرقص” لنجح نجاحا باهرا.
إن جماعات الدعوة الإسلامية بالمغرب مقصرة تجاه إفريقيا تقصيرا كبيرا، وينطبق ذلك على وزارة الأوقاف التي كان عليها أن تملأ المغرب بطلاب من إفريقيا مثلما يفعل الأزهر الشريف والمعاهد السودانية، وبالمناسبة فقد كان للسودان جامعة إفريقية تمولها المنظمة العالمية للدعوة الإسلامية برئاسة الرئيس الصالح عبد الرحمان سوار الذهب حفظه الله؛ إن مستقبل الإسلام في إفريقيا عظيم لكن البلاد العربية مقصرة تقصيرا كبيرا، وستندم على ذلك يوم لا ينفع الندم، ولا سيما الدول العربية الواقعة في إفريقيا ودول البترول.
أما في البلدان الغربية المشار إليها آنفا فالملاحظ أن الدعوة الإسلامية عانت ما عانت فيها سنوات طويلة لأسباب عدة أهمها: قصور بعض الرئاسات وفسادها والصراع القاتل الناشب داخل بعض جماعات الدعوة وتسرب السياسة والنزعات القومية داخل المساجد والجمعيات الإسلامية… وقد لاحظت أن أهم دعوة ناجحة نجاحا مستمرا في تلك البلاد لهي جماعة التبليغ التي تعنى بالتربية على طريقتها المعهودة، وهناك بوادر مباركة بدأت تستجيب لما دعونا إليه منذ أكثر من ثلاثين سنة وهي إنشاء المدارس ولكن جلها يقتصر على قبول البنات بفرنسا وذلك للظروف القاسية التي عانتها البنت المسلمة المحجبة هناك، وقد كان الدكتور عمر لصفر رائد هذا النوع من المدارس، فأعطت مدرسة ليل أكلها والحمد لله وتبعتها مدرسة إسلامية بليون، ولعل هناك محاولة ثالثة بمرسيليا… أما كندا فقد بدأ المسلمون هناك يهتمون بإنشاء المدارس لكن هناك مع الأسف بعض الملل والنحل تزاحم الدعوة الإسلامية السليمة في ميدان التعليم والمساجد، ومن المبادرات الناجحة القليلة الإسلامية التي أنشأها اتحاد المنظمات الإسلامية التابعة للإخوان المسلمين.
أما إسبانيا فالتعليم الإسلامي فيها كارثة من الكوارث، ولولا المدرسة الإسلامية بالمركز الإسلامي السعودي بمدريد لكانت الكارثة شاملة، ولكن كان على هذه المدرسة أن تكون أوسع وأشمل وأرخص حتى تكون في المستوى المادي للآباء.
وبعد، فإن الصراع الداخلي بين المسلمين ضيع على الإسلام فرصا ثمينة، نسأل الله أن تكف الجهات المحركة لهذا الصراع، وأن تتعاون الدول الإسلامية والجمعيات التابعة لها على نشر الإسلام باعتباره دين الله لا دين دولة أو حركة معينة؛ والله المستعان.