كنت أتعذب كل لحظة.. وكان راتبي كالجمر يحرقني.. وكنت أمتهن وظيفة فيها شبهة… بحثت عن عمل آخر بلا جدوى.. ولم أستطع الاستقالة، لأني لا معيل لي… وكدت أيأس لولا أن رحمة الرحمان الرحيم تداركتني..!
لجأت إلى الله بالدعاء والاستخارة، وأنا واثقة من عدله واستجابته لي..
جاءتني صديقة تخطبني لعمها.. ولهذا الأخير حكاية : هو طبيب كبير ومطلقته طبيبة أيضا… عرضا نفسيهما على أمهر أطباء العالم في العقم… وكانت النتيجة واحدة : إ نه عقيم لا علاج له البتة!
حاول إرضاءها بكل متع الدنيا… لكن صبرها نفذ فطلبت الطلاق… ليصاب باكتئاب حاد لتعلقه بها…!
استخرت الله.. قبلت به زوجا، ليس عطفا عليه، وإنما رضاء باختيار الله الذي استخرته طويلا…!
استقلت من عملي والتحقت بعيدا بزوجي.. تفانيت في كسبه، لأغير نظرته المتشائمة إلى نفسه وإلى الحياة وإلى النساء، لأنه كان يعتبرهن كلهن انتهازيات…!
فجأة، مرضت… وبحكم أنه طبيب أعتقد أني أصبت بفقر الدم… ليفاجأ بعد فحصي أني حامل…!
سبحان الله… أمره بين كاف ونون… والطب -رغم تطوره- نسبي أمام قدرة الله الطبيب الأكبر، الذي لا يعجزه شيء، وفوق كل ذي علم عليم…!
امتلأ البيت أطفالا… وصار زوجي أيضا طفلا يلاعبهم، ويشاركني عبء تربيتهم.. وتغيرت شخصيته تماما، فصار أكثر تدينا وتفاؤلا وسعادة…! وأصبحنا -أنا وأبناؤه- محور حياته، بعد أن كان متقوقعا في كآبته!
مهنتي التي كنت أتقاضى عنها أجراً مغريا تركتها لله… فعوضني خيراً منها.. رضيت باختيار الله تعالى حين استخرته، وكنت أعرف أن زوجي عقيم وأني لن أفرح بالأمومة… لكنني كنت واثقة من ربي ألا يخلف وعده لي وأن يرزقني من حيث لا أحتسب..
وإني لأجأر إليه عز وجل بالدعاء أن يرزقنا الباقيات الصالحات، كما رزقنا المال والبنين زينة الحياة الدنيا، وأن يجعل أبنائي صدقة جارية عنا وينفع بهم الأمة…!