يُحكى أن أحد العُبّاد أحسّ بأن باب داره قد فُتح، فقام من خلوته ومجلسه وإذ به يصادف لصًّا يحاول أن يسرق بعض متاع داره، ففاجأه بالسلام عليه فاضطرب اللص وحاول الهروب، فمنعه الرجل الصالح بأدب وقال له: “لعلك جائع فلست خارجا حتى تتعشى فإن لي طعاما يشبعك إن شاء الله ولا تخف مني”. وأتاه بكسوة مناسبة وقال له: “عندما تفرغ من الأكل قم وانزع عنك هذه الثياب والبس هذه الكسوة”، ثم حاول اللص بعد أن اعتذر أن يخرج، فقال له: “ما رأيك أن تبيت عندي فليس معي أحد الآن” فاطمأن اللص وانعقدت صداقة بين الجانبين وشعر اللص بأن الرجل صادق، وأحسّ باطمئنان عندما دعاه أن يقيم عنده فصار الرجل يُعلِّم “هذا اللص” شؤون دينه حتى أصبح مواظبا على صلاته تائبا إلى ربه، فكان الرجل الصالح يقول لبعض أصدقائه: “هذا رجل دخل ليسرقنا فسرقناه”. وهكذا أصبح السارق مسروقا، إذ جرده الشيخ الصالح من أخلاقه الذميمة، وربّاه على التقوى والصلاح والصدق…
وبمناسبة الهجمات التنصيرية على المغرب يجب علينا أن نقلل من الكلام الذي لا طائل تحته، ونتجه إلى العمل وذلك بإعداد دعاة يتقنون الانجليزية ويقومون بغزو هؤلاء المنصرين في عُقْر مقراتهم، ويعرضون عليهم الإسلام ويزودونهم بالمصاحف المترجمة إلى الانجليزية، ونعمل ما يعمل إخواننا في السعودية والكويت وغيرهما، فقد قاموا بأعمال مشهودة في مجال الدعوة إلى الإسلام بين الجيش الأمريكي في معسكراتهم، وقد أسلم الكثيرون تعدّوا في السعودية الألفين، وكذلك في الكويت التي شاهدت بعضهم يتلقى دروسا في الإسلام “بجمعية التعريف بالإسلام” التي صادفتُ فيها الشيخ متولي شعراوي رحمه الله، وقد زرت هذه الجمعية زيارة ثانية وثالثة فوجدتها قد طورت أساليبها وزادت من فعاليتها…
وقد حكى لنا القس الأمريكي يوسف إستيس قصة إسلامه، فقد كان أحد المصريين يسكن معهم أو بجانبهم، فحاول القس يوسف أن ينصره فعرض عليه التوراة والإنجيل ورغّبه في التخلي عن دينه والدخول في النصرانية فأجابه المصري: “الأحسن من هذا أن يعرض كلُّ واحدٍ منا حقائق عن دينه ومبادئه فحيثما كان الحق اتبعناه جميعا”.. وهكذا عرض يوسف ورهطه دينه وعرض المصري دينه، وكان ذا اطلاع على ما عندهم، فكان عرضه رائعا.. قال لي يوسف إستيس : “فاقتنعنا بأحقية دينه وصوابه فأعلنتُ إسلامي أنا وزوجتي وأخي وراهب صديق للعائلة ثم والدي”، وقد أصبح يوسف إستيس من دعاة الإسلام المميزين في أمريكا، حضرت له محاضرة لطلاب بجامعة الأخوين استغرقتْ حوالي ساعتين فما غادر القاعة ولو واحد.. وكثيرا ما نلتقي معه عبر قناة الهدى…
وهذا الأسلوب يذكرنا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاءه أحد دعاة الشعوذة يقول له: “علمت أنك مصاب بالأرياح (مس الجن) فجئت لأعالجك”. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : >هل لك في خير من ذلك ؟< فقال له المشعوذ: “وما هو؟” فقال له صلى الله عليه وسلم : >اجلس واستمع. فتلا عليه آيات من القرآن الكريم، فتأثر الرجل وانتهت الجلسة بإعلان إسلامه<.
إن في المغرب والحمد لله شبابا وكهولا في المستوى المطلوب، وحبذا لو تضطلع وزارة الأوقاف والرابطة المحمدية لعلماء المغرب بهذه الرسالة العظيمة، فإني على يقين أن الله سيفتح الأبواب، وسيوفق القائمين بالدعوة إليه إلى النصر المبين والفتح العظيم، ويمكن لهما أن يستدعيا بعض الدعاة المشهورين من أمريكا وإنجلترا لإلقاء محاضرات بالمغرب ويُدعى هؤلاء المنصرين كما يمكن تزويدهم بأشرطة مناسبة لهم، وهكذا يمكن أن يشفيهم الله من الكفر إن كان فيهم استعداد، والمهم أن نقوم بالواجب وبالله التوفيق وحسبنا الله ونعم الوكيل.