قال تعالى: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}(البقرة : 215).
{ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا}(البقرة :108).
{ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}(النساء :88).
{إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون}(الممتحنة : 2).
إن إعلان فكرة أو نظرية صراع الحضارات لم يكن بداية شن الحرب الأمريكية على المسلمين بل كانت استمرارا للحروب الاستعمارية السابقة في أثواب صليبية، إن بوش الأب والابن كانا صريحين في أن حرب أمريكا في العراق كانت صليبية..
وما يقال عن العراق يصدق على الحرب في أفغانستان والصومال.
والوجه الآخر لهذه الحرب هو التنصير العلني إذ يوجد في الكونغرس لجنة خاصة من الحزب الجمهوري بالإشراف على التنصير.. وإن النفوذ الأمريكي ليستخدم جهوده للتمكين لجحافل التنصير في العالم الإسلامي بشتى الوسائل والطرق وإحاطتها بالحصانة وعدم المساس بنشاطها.
وقد وقع هجوم كثير على هذا العالم حتى أصبحنا نسمع فتح كنائس في الجزيرة العربية ونشاط التنصير في القبائل بالجزائر والمغرب.
وحسب مقال السيد أسامة عبد السلام المنشور في المجتمع أنه يوجد بالمغرب 800 منصر تقريبا ومن الهيئات المنصرة جمعية الكتاب المقدس الموحَّد ولها فرع بالمغرب ومركزها بالدار البيضاء حي الوازيس ( الواحة) تحت قيادة قس أمريكي ” جاك روزينكو ” وهناك جمعيات أخرى والهدف كما يقول تقرير معتمد تنصير 10 % من المغاربة حتى عام 2020.وهؤلاء المنصرون يعملون في عدة كنائس، ويقال بأن سنة 2004 شهدت وحدها ارتداد 2000 مغربي، ويقال إن 150 ألف مغربي يتلقون دروسا في النصرانية عبر البريد، وهذا المقال جدير بأن يقرأ، بل هناك معلومات أكثر لو قمنا بدراسة أمورنا دراسة جادة وحازمة، ولاشك أن للسلطات المغربية معلومات دقيقة في الموضوع.
إن هناك أكثر من عشرة آلاف موقع في البلاد العربية يدعو للتنصير تصرف عليه ميزانية ضخمة تبلغ مليار دولار أو أكثر ولا يوجد فيها كلها أكثر من مائتي موقع ميزانيته مليون دولار، أما المغرب والجزائر فقد شهدا غزوا صريحا للتنصير والقصد من ذلك قبل كل شيء إيجاد أقليات دينية التي يمكن أن يعتمد عليها في تكوين دويلات في بعض الجيوب بهذه البلاد كما وقع بأندونيسيا وماليزيا وإفريقيا، فما العمل ؟
1- إن على الدولة المغربية أن تقوم بواجبها نحو شعبها في هذا المجال، وعلى الجهات الموكول لها حماية حرية المواطنين والمحافظة على دينهم وعقيدتهم وممارسة عباداتهم وحفلاتهم الدينية أن تطبق ما ورد في القانون الجنائي الباب الثاني الفرع الثاني الفصل 220 الذي جاء فيه ” يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائة إلى خمسمائة درهم كلُّ من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم ويجوز في حالة الحكم بالمؤاخذة أن يحكم بإغلاق المؤسسات التي استعملت لهذا الغرض وذلك إما بصفة نهائية أو لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات “.
وعلى كل مغربي يغار على بلده أن يطالب زيادة على ذلك بالتنصيص على وجوب التصريح بعدم المساس بعقيدة الأطفال والقاصرين وبدينهم، كما يجب إصدار قوانين تمنع إعطاء رخص بفتح مؤسسات أجنبية مشبوهة ولا سيما التنصيرية منها لحضانة الأطفال وتربيتهم والسفر بهم للخارج.
2- ثم إن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تتحمل المسؤولية الأولى في هذا الموضوع، ونحن نشاهد حرص هذه الوزارة على المحافظة على مذهب إمامنا مالك رضي الله عنه، بل على بعض الأمور ليست من صميم المذهب، فنحن الآن أمام تهديد المغرب في دينه لا في مذهبه الفقهي وعقيدته الأشعرية، فعلى الأقل أن نبذل لمكافحة التنصير مثل ما نبذل لمكافحة الخروج عن المذهب وعن العقيدة الأشعرية.
وبجانبنا الجزائر التي ينشط فيها التنصير بشكل خطير ولا سيما في القبائل حيث الأوراس تلك الجبال التي انطلقت منها الثورة الجزائرية التي انتهت بطرد فرنسا بعد مائة وأربعين سنة من الاستعمار.
لقد قامت الجزائر بطرد بعض الأساقفة لكونهم تعدوا حدودهم واجتمع الأساقفة واحتجوا لدى وزير الأوقاف والشؤون الدينية فرد عليهم بأن هؤلاء خارجون عن القانون واتهمهم بالسعي لإقامة أقلية دينية يمكن أن تُعطيَ القوى الأجنبية حجة للتدخل في شؤون الجزائر إضافة إلى اعتمادهم في دعوتهم على تشويه الإسلام والهجوم على مقام النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم(1).
وفي هذه الأيام قرأنا في جريدة البصائر الجزائرية أن بعض الهيئات التنصيرية في أمريكا صارت تطالب بوجوب حماية المتنصرين بالجزائر.
وبالتنسيق بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والداخلية يمكن وقف هذا الزحف ووضع حد له..
وهناك قوانين عالمية تمنع تحويل الأطفال عن دينهم الذي نشأوا عليه وهذا المنع يشمل حتى آباءهم وأمهاتهم وهناك بعض المواقع والأماكن التي تتظاهر بالأعمال الإنسانية والخيرية وهي تقوم بالتنصير وما يتبع ذلك وهذا أمر مرفوض قانونا.. وقد حدثني بعض الإخوة أنسيت اسمه أنه اكتشف بعض هؤلاء الذين تنصروا من المغاربة وهم أشد كرها للإسلام وللمغرب.. وما أظن هذه المعلومات والمظاهر تخفى على المسؤولين بالمغرب.
3- وعلى المجالس العلمية وعلى رأسها المجلس العلمي الأعلى أن تضطلع بواجباتها التي حددها لها قانون تأسيسها وتكافح الجهل بالإسلام ليس فقط في بعض المساجد وعبر المحاضرات في مقرها بل يجب أن يمتد نشاطها إلى الأحياء الفقيرة وإلى مجالها الإقليمي بالبادية وإلى مدارس الولاية التي توجد بها …
وفي هذا الصدد على وزارة الأوقاف أن تدعم هذه المجالس ماديا ومعنويا حتى تتمكن من تنويع نشاطها وتوسيعه والاستعانة بالكفاءات من الدعاة المقبولين شعبيا والصالحين للدعوة في أوساط الشباب وفي البوادي. والمهم على المجالس العلمية أن تضع خطة متكاملة ومتنوعة للتوعية الإسلامية في الأوساط الشعبية وبخاصة الشباب والشابات بالمدن والبادية وتستعمل الوسائل الحديثة مثل الأشرطة والأفلام والأنترنيت والقوافل الدعوية..
أما وزارة التربية والتعليم فركن أساسي في مكافحة التنصير والآفات كلها لأنها تمتلك أهم مصدر للتربية والتكوين من روض الأطفال إلى الجامعة، فموضوعها ينبغي أن يدرس وحده دراسة مفصلة ولكن أحب أن أشير هنا إلى نقطة واحدة وهي وجوب العناية باللغة العربية وبالتربية الإسلامية وإعطائهما المكانة اللائقة في سلم التنقيط وفي النجاح، فكفانا إهمال هاتين المادتين اللتين يعتبران من صميم كياننا.
وما نقوله عن وزارة التعليم يقال أيضا عن الشبيبة والرياضة، وباختصار فإن الدولة ينبغي أن تسخر جميع إمكانياتها لحصانة شبابنا وشاباتنا من الوقوع في شباك التنصير وفي مهاوي سوء الأخلاق وتفسخها كما يشاهد مع الأسف في بعض أبواب المدارس.
وعلى الجهات المعنية قبل كل شيء أن تقوم بمسح خلال التراب المغربي لتحديد مواقع التنصير وتحديد الجهات النشيطة في هذا الميدان والوسائل المستخدمة والشباب والشابات المتصَل بهم وكذلك الذين تنصروا بالفعل ومعرفة أسمائهم وعناوينهم، ثم وضع خطة لفتح حوار مع كل واحد منهم، واتخاذ الإجراءات المناسبة للعودة إلى دينهم الحق.
4- ويمكن للمجالس العلمية أن تقوم بتنظيم قوافل التوعية وقوافل الخير لزيارة القبائل البعيدة والأحياء المهمشة وفي هذا الميدان يمكن التعاون مع بعض الجمعيات النشيطة في هذا المجال. كما يمكن التعاون مع جمعيات الدعوة الإسلامية المعروفة مثل جماعة التبليغ.
ويمكن لوزارة الأوقاف مباشرة أو من خلال إعطاء الصلاحية للمجالس العلمية الاستفادة من تجارب بعض المنظمات التي تعمل في إفريقيا لمواجهة التنصير وقد استطاعت هذه المنظمات أن تنقذ مئات الآلاف من المسلمين الذين تنصروا أو كانوا يجهلون دينهم وإدخال مئات الآلاف من الوثنيين مثل لجنة مسلمي إفريقيا وغيرها، وهذه المنظمات على استعداد للتعاون مع المغرب كما تتعاون مع أكثر من ثلاثين دولة في إفريقيا من السودان إلى موريطانيا.
5- إحداث كراسي بجامعة القرويين وبجامع القرويين وأمثاله في موضوع ” الدعوة الإسلامية وسبل مقاومة الانحراف ” ومن هذا الانحراف التنصير، وعلى هذه الكراسي أو الأقسام أن تكون في المستوى الجامعي اللائق وأن يكون القائمون بها أهلا للرسالة المنوطة بهم، ومن أهم شروط القائمين عليها: أن يكونوا دعاة ذوي رسالة وعلى علم بدينهم وعلى دراية بسياسة سبل الدعوة ومناهجها وأن يتقنوا أولا الانجليزية فإن استطاعوا أن يضيفوا إليها الفرنسية فنعما هي، وأظن أن دار الحديث كانت تهتم بهذا الموضوع ويبدو أنه لم يكن يُعنى بواقع المغرب.
6- إحداث جوائز ومسابقات بين الباحثين الشباب في موضوع التنصير والنِّحَل التي تغزو المغرب مثل البهائية.
7- إلقاء محاضرات وملتقيات من قِبل متخصصين في موضوع التنصير بالمغرب وغيره، ويمكن عقد ملتقى على المستوى المغاربي لتبادل المعلومات والخبرات ويمكن تكوين جمعية مغاربية.
8- التعاون وعقد شراكة مع جمعيات طبية واجتماعية المعترف بها ولها من السلطات، التي تضطلع برسالة إنسانية عظيمة من خلال حملاتها الإنسانية التي تترك آثارا إيجابية مباركة ولا سيما في أقصى الجبال والقرى والصحاري وفي الأحياء الفقيرة.
9- إحداث تغيير جذري في أساليب الوعظ والإرشاد واختيار العناصر الكفأة ذات شعور رسالي والاستغناء عن الأساليب الميتة وأصحابها.
10- وهناك اقتراح طريف وهو إعداد ثلة من الدعاة المؤهلين لغزو هؤلاء المنصرين أنفسهم لتعريفهم بالإسلام وإطلاعهم على عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه دين إبراهيم يعترف بجميع الأنبياء ويدعو إلى التوحيد الخالص، في نفس الوقت بيان تهافت ما عندهم وأنا على يقين أن بعض هؤلاء سيهديه الله لهذا الدين كما وقع بالفعل مع بعض الرهبان بأمريكا وبفرنسا وبإفريقيا.
——
(ü) موضوع ألقي في ندوة المجلس العلمي المحلي بفاس حول التنصير يوم 2008/04/19.
1 -جريدة القدس 9 / 3 / 2008.