كانتا من أنشط الداعيات إلى النصرانية من طائفة شهود يهود وهي طائفة عالمية لها حضور قوي في أمريكا وغيرها، وقد شاهدت نشاطها في لبنان سنة 1953 وكان دعاتها يزورون الأحياء والقرى، التقيت بأحدهم بقرية القرعون بسهل البقاع وأعطاني أحد كتبهم وما زلت أذكر ردهم على الطوائف النصرانية التي تعتقد أن عيسى قُتِل ثم عاد للحياة فراحوا يتساءلون فمن كان يسير الكون في حال موت المسيح…
وقد أوردت هذا الإشكال على صديق نصراني فأجابني إن الذي مات في المسيح هو الناسوت أما اللاهوت فقد بقي حيا فسألته هل يتحد البقاء والفناء في شخص واحد، هل اللاهوت هو الذي قبض روح الناسوت..؟
المهم أن فتاتين جميلتين كانتا من دعاة هذه الطائفة بمدينة بإنجلترا، فذات يوم دقتا بيت أحد المسلمين المصريين بإحدى أشهر مدن إنجلترا وكان يحفظ ردود الشيخ أحمد ديدات على الرهبان، رحّب الرجل بهما فعرضتا عليه النصرانية، فأنصت حتى أفرغتا ما في جعبتهما فأورد عليهما بعض الاعتراضات على أفكارهما، وصار يفند تلك المزاعم بحجج مقنعة وواضحة.. فطلبتا منه أن تزوراه مرة ثانية، وبعد أن عادتا إلى شيخهما وبينتا له ردود هذا الرجل على أفكارهما زودهما بحجج جديدة وعادتا إلى هذا المصري العنيد، وتكررت الزيارة واللقاءات، فاقتنعتا أنهما على باطل وأن دينهما متهافت، فعرض عليهما الإسلام فرأتا فيه الحق والحكمة والصواب، وسرعان ما أعلنتا إسلامهما، وحينئذ قال لهما ما رأيكما أن أتزوجكما معا، فقبلتا العرض وهكذا أصبحتا زوجتين لهذا المصري الذي كانتا تطمعان في تنصيره، فهما الآن تعيشان زوجتين سعيدتين له، وأصبح لكل واحدة منهما أربعة أبناء، وهكذا أصبحت هذه الأسرة مكونة إلى الآن من أحد عشر فردا: أبا وأمَّيْن وثمانية أولاد وكلها تؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيدنا محمد نبيا ورسولا…
قال صاحبي الذي قص عليَّ هذه القصة الجميلة: وأنا أعرف هذه الأسرة كما عرفت صاحبها قبل وقوعها وهم يسكنون حيث أسكن بمدينة مشهورة بإنجلترا.
وما دمنا نتكلم عن شهود يهوه فقد قام بعض دعاتهم بزيارة بعض الطلبة المغاربة وفيهم أحد طلابنا الثقات النوابغ الذي دخل معهم في حوار ونقاش وأخيرا قام بتأليف كتاب بعنوان محمد في التوراة والإنجيل وعيسى في القرآن الكريم وقد أهداهم كتابه فانقطعوا عن زيارته وفي مكتبتي نسخة من هذا الكتاب وودت لو قام ذاك الطالب الذي أصبح منذ أكثر من عشرين سنة أستاذا بإحدى الجامعات المغربية بإعادة النظر في كتابه هذا وإضافة ما جد في الموضوع وطبعه طبعة جديدة ثم ترجمته إلى الإنجليزية وإلى العربية، ونحن مستعدون للإسهام في طبعه وتوزيعه، فالمعركة محتدمة وما ينبغي النكوص أو تولي الأدبار فإن القوم لا يملكون علما ولا منطقا وفيهم من هو على استعداد للإسلام إن وجد من يقنعه بهذا الدين… أما هم فيستعملون المال والإغراء بالخروج إلى بلادهم للعمل إضافة إلى إغراءات أخرى تناسب الشباب كالرحلات المختلطة والغناء والرقص.
ومن أهم ما يجب على القادرين والمحسنين أن يقوموا به لتشجيع ومساندة الدعاة بتزويدهم بأشرطة الشيخ ديدات وأمثاله من الدعاة الغربيين المشهود لهم بالاستقامة والعفة والإخلاص لرسالتهم لإلقاء المحاضرات وعقد الندوات في أوساط شبابنا ويمكن تنظيم مناظرات بينهم وبين بعض المنصرين عندنا.
وحبذا لو ينشر بالإنجليزية والفرنسية ما كتبه وقاله المنصفون الغربيون عن الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك كتاب ألفه ونشره حديثا أحد الدنماركيين الذي سبق أن كان سفيرا في بعض البلاد العربية.
{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}. {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}.