د. عبد العزيز انميرات
-استاذ الفكر و العلوم الانسانية بكلية الاداب و العلوم الانسانية – سايس فاس
1- توطئة :
ينتمي الكلام عن هذا الموضوع إلى سلسلة النقاشات التي تراوح الخطو باتجاه الإسلام في تجديد الخطاب الديني المعاصر، موضوعا ومنهجا، في محاولة من قبل ثلة من العلماء والمفكرين ومختلف الباحثين المسلمين للانخراط الفعلي والجاد، بل والجري في مشاريع التجديد والتغيير، وذلك من داخل فعلي المراجعة النقدية والتأسيس للقواعد المطلوبة لإعادة إخراج أمة الخاتمية والخيرية والشهود من جديد.
من هنا يكون موضوع التنصير وما يتصل به من قريب أو بعيد، جزءاً من الملفات الساخنة التي تحتاج إلى الجرأة في التناول، والعمق في التحليل، وبُعد النظر في المعالجة، وذلك لأننا بكل بساطة شديدة، أمام موجة قوة، ماديا وتخطيطا وإصراراً على بلوغ الأهداف، لاتكفي لمواجهتها خطابات النقد والحماسة، بقدرما تحتاج إلى قوة بالمثل تتجاوز خطاب الانفعال إلى خطاب الفعل، وما ذلك بعزيز على أمة من الممكن أن يخرج من رحمها رجال في مستوى هذه التحديات، لو علم المنتمون إليها أنهم مستهدفون في هويتهم وثقافتهم ونفوسهم بل وكرامتهم، وأن العدو لن يتقاعص في سعيه، ولن يتراجع عن أهدافه، وتلك سنة من سنن التدافع العقيدي والثقافي على حد سواء، لابد لنا من فقه أصولها والتمكن من الياتها والتحكم في مسارها.
من هنا نقول، إن حملة التنصير التي يتعرض لها المغرب، جزء من سلسلة الحملات الصليبية التي عرفها، ولا يزال، العالم الإسلامي برمته، وذلك في سياق مخططات تهدف -في مجموعها- إلى إخضاع المسلمين لثقافة عقيدية تحدث قطيعة تامة مع الإسلام، عقيدة وشريعة وثقافة وتراثا وتاريخا…، يسهل معها -من بعد- إخضاع الجغرافية البشرية والطبيعية، لسلطة النهب والاستغلال، فتتحول -من جراء ذلك- إلى أمة تابعة.
إن هذه الصورة تتضح بجلاء إذا استحضرنا -في هذا السياق- جملة من الكتابات والأقوال، وتوصيات المؤتمرات التنصيرية، والتي تُجمع على ضرورة تحقيق الغلبة على المسلمين، وذلك من خلال معركة العقيدة على وجه الخصوص، ويكفي أن نستحضر القاعدة الخبيثة التي أرساها منظر الارساليات التنصيرية المعاصرة (صموئيل زيمر) منذ عقود عدة، والتي تقول : >إذا لم تستطع أن تنصر مسلما، فلا يجب أن تبقيه مسلما حقيقيا<، وهي القاعدة التي سارت على خطاها مختلف المنظمات التنصيرية العالمية، سعيا منها إلى تذويب الهوية المسلمة، وتحويل عقيدة المسلمين باتجاهات غير الإسلام، فيسهل -بذلك- إفراغ الشخصية المسلمة من كل المقومات الحافظة لنزعة التدين الصحيح.
وإذا كان هذا هو الإطار العام لضرب المقومات الرئيسية للعالم الإسلامي فإن المغرب جزء رئيس في خارطة هذا العالم؛ إذ يتم التركيز عليه، منذ سنين مضت، لموقعه الجغرافي والاستراتيجي والثقافي، ناهيك عن تاريخه في مقاومة كل ما من شأنه سلخ المغاربة من هويتهم الدينية، وفصلهم عن تاريخهم الثقافي، الشيء الذي يجعل المغرب في المخططات التنصيرية خطوة مهمة لإتمام السيطرة على شمال افريقيا وبلدان جنوب الصحراء على وجه الخصوص، خاصة وأن تحقيق هذه الخطوة كفيل بتعريض المغرب إلى مضار ثقافية واجتماعية، ناهيك عن المضار السياسية والاقتصادية، وهي :
1- التخريب الثقافي والعقدي، وذلك بنسف مختلف مقومات الثقافة المسلمة، والتشكيك في الثوابت العقيدية والوطنية الحافظة للهوية، بل والتطاول على المقدسات الوطنية والطعن في الحقائق التاريخية المرتبطة بالحضارة الإسلامية في المغرب، وناهيك عن إثارة النعرات الثقافية والإثنية بين العرب والأمازيغ، هذا بالإضافة إلى بثهم روح التشكيك في صلاحية القرآن لكل زمان ومكان وصدق النبوة المحمدية ومصداقية الانتماء إلى تعاليمها؛ وهكذا تستمر الحرب على المسلمين من خلال الحرب على الدين الإسلامي لمعرفتهم بأن هذا الأخير يشكل أكبر معيق وأعتى حقن أمام كل اختراق ممكن. يقول (أ-ل- شاتيلة) على لسان أحد القسس العاملين في إفريقيا : >إن الدين الاسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في إفريقيا، لأن انتشار الإنجيل لا يجد له معارضا، لا من جهل السكان، ولا من وثنيتهم، ولا من مناضلة أمة من الأمم، غير أمة العرب، فليس خصمنا غير الشيخ الذي يملك نفوذاً أكثر مما هو للفرسان المحاربين<.
2- الإفساد الأخلاقي والتربوي : حيث تقوم برامج التنصير -عموما- على قاعدة الإفساد للشباب المسلم، وذلك من خلال تفريغ بنائه الأخلاقي من المرتكزات الرئيسية التي يبحث عليها القرآن الكريم وترسخها السنة النبوية الصحيحة، ومن أهم هذه المرتكزات : كبح جماح الغريزة الإباحية في المسلم؛ ولذلك لا غرابة في إسهام برامج التنصير -بهذا الشكل أو ذاك- في مسلسل التغريب الذي يتعرض له المغرب حاليا، والذي تؤدي فيه القوى العلمانية والإلحادية دوراً خطيراً يجر مجموعة من المغاربة، وخاصة من ذوي الفهم البسيط أو المغلوط للدين، إلى حافة التفسخ والانحلال والعبثية، وهي الطبقة التي يراهن عليها المنصرون مما تتميز به من ضعف في البناء الثقافي، وفراغ في الجهاز المفاهيمي، واستعدادها للانجراف. وجماع الكلام في هذه النقطة : إن الهدف الأول والأخير للحملات التنصيرية، قديمها وحديثها وراهنها، نجده ملخصا في قوله تعالى : {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}(البقرة : 215).
2- المغرب في مهب التنصير :
لقد عرف المغرب حملات التنصير مبكراً، بحيث قام الاستعمار الفرنسي بإرسال أول بعثة تنصيرية سنة 1915م تابعة لمؤسسة أسيرام الفرنكوفونية، التي اهتمت بقوات الاحتلال الاسباني ساعتها، وقد اتخذت هذه الإرسالية من منطقة الريف والبربر نقطة للانتشار والتوسع فيما بعد، وذلك من خلال جملة من الأعمال الاجتماعية والأنشطة الثقافية، وخاصة في مدينة طنجة وأطلس الجنوب، ثم استمرت الحملات المنظمة ترسخ أقدامها شيئا فشيئا، مشكلة الوعاء الفكري والاجتماعي والثقافي للاستعمار بالمغرب.
وبناء عليه، فإن المغرب يحتل منذ ذلك التاريخ مكانة بارزة في برنامج التنصير، ويكفي أن نذكر في هذا السياق أن المجلس العالمي للكنائس كان قد أعلن أن سنة 2020م ستكون سنة دولية للتنصير في المغرب، وذلك من خلال مشروع تمت تسميته بعبارة (استيقظ يا مغرب وأشرق)، ناهيك عن المؤتمر السنوي الخاص بشمال إفريقيا الذي يعقد بجزيرة مالطا، والذي يؤكد على برنامج تنصير المغرب.
وإذا كان البرنامج التنصيري قد سار دون زوبعة في السابق، فإن ظاهرة انتشار الإرساليات التنصيرية بشكل ملفت للنظر، جلبت أنظار العديد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، الشيء جعل هذا الملف على طاولته للتناول والمتابعة بشكل مختلف عن السابق.
فقد خصصت صحيفة (لومند Le monde) الفرنسية إحدى صفحات عدد يوم السبت 6 مارس 2005م، لتقديم شهادات مسلمين من الجزائر والمغرب تحولوا إلى النصرانية، كما قدمت شهادات لمنصرين فرنسيين وبلجيكيين وأمريكيين أجمعوا في شهاداتهم على أن الهدف الرئيسي في برنامجهم بالمغرب هو دفع الشباب المغربي -على وجه الخصوص- إلى اعتناق (كلمة المسيح). وقد ذكرت الصحيفة في هذا السياق أن هناك نحوا من 800 منصر من البلدان الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية، ينشطون في مختلف مناطق المغرب؛ وأضافت -وهذا هو الخطير- أن الوقت أصبح مناسبا للتبشير بالنصرانية بسبب تورط العديد من المنظمات الإسلامية في القيام بما أسمته بالعمليات الإرهابية، ووصم الإسلام بتهمة الإرهاب والعنف.
وفي ذات السياق نشرت صحيفة (La gazette du Maroc) الأسبوعية الناطقة بالفرنسية في العدد 416 الصادر يوم 18 أبريل 2005م مقالا بعنوان (جيش الإنجيليين بالمغرب)، ذكرت فيه أنه خطة الانجيليين الأمريكان قطعت شوطا بعيداً في إقناع الحكومة المغربية بوجوب توفير الحماية للقداس الذي أقيم فيما بعد بمدينة مراكش في الفترة الممتدة ما بين 6 و8 ماي 2005، تحت شعار مهرجان بعنوان (قافلة الصداقة) ضم -حسبما يقول منظموه- نحو 100 ألف مشارك قدموا إليه من دول مختلفة للتحاور حول الإسلام والمسيحية.
وتجدر الإشارة إلى أن مدير المهرجان هو أحد المنصرين المعروفين، وأن حفلاته طُعمت بفرق موسيقية من مثل ناس الغيوان وجيل جيلالة، كما وجهت فيه الدعوات حتى لأطفال المدارس الابتدائية، وذلك للتخفيف من حدة الضغط الذي لاحق هذاالتنظيم.
ونشرت جريدة الاتحاد الاشتراكي في عددها الصادر يوم 20 يناير 2006 مقالاً أعلنت فيه أنه تم العثور باحدى عمارات يعقوب المنصور بمراكش على وثائق بشقة أحد الأجانب، وضمنها (قانون مجلس المدينة للمجموعات الإنجيلية) مكتوب باللغتين الفرنسية والعربية، يحتوي على أهداف التأسيس والمبادئ وشروط العضوية ومراسلات ولائحة الكنائس التي تم انشاؤها.
وإلى جانب ذلك عثر على ملفات للتسجيل فيما يُسمى بمدرسة التلمذة الروحية، وقد كُتب على صفحاتها الأولى عبارة مأخوذة من الانجيل تقول : >أظهرت لهم اسمك، وسأظهره لهم لتكون فيهم محبتك لي وأكون أنا فيهم<.
وفي 30 نونبر 2006 قضت إحدى المحاكم المغربية بسجن سائح ألماني -من أصل مصري- بتهمة تنصير مسلمين في منتجع سياحي بأكادير، وذلك بتوزيعه اسطوانات رقمية مدمجة وكتيبات عن النصرانية.
وفي أول فبراير 2007 كشفت مصادر اعلامية مغربية عن اطلاق موقع إلكتروني للتنصير بالمغرب يعتمد اللهجة العامية، ويعتمد شهادات حية لمغاربة غيروا دينهم، ويتحدثون عن المسيحية.
وفي 7 نونبر 2007 نشرت جريدة التجديد مقالاً بينت فيه أن التقارير التي تصدرها المنظمات التنصيرية كشفت عن وجود نحو 150 ألف مغربي يتلقون -عبر البريد- دروساً في النصرانية من مركز التنصير الخاص بالعالم العربي، وأن هذه المنظمات تملك برامج تلفزيونية وإذاعية دولية لنشر الانجيل، إضافة إلى 635 موقعاً إلكترونيا تنصيريا على شبكة الأنترنيت.
وفي مطلع نونبر 2007 شهدت مدينة أصيلة تنظيم نشاط ثقافي بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية أشرفت عليه راهبات الكنيسة بالمدينة، خُصص اليوم الأول للحديث عن (مريم العذراء في الانجيل)، وقد القى المحاضرة الكاهن فراردو سانسس ميلكو الذي حول اللقاء إلى نشاط تنصيري صرف استاء منه الحضور من أبناء أصيلة، والذين عبروا عن امتعاضهم بشكل واضح خلال نشاط اليوم الثاني الذي تم في وقت صلاة الجمعة، وكانت المحاضرة بعنوان (مريم في القرآن الكريم). وإذا كانت السلطات الحكومية قد غضت الطرف عن الأنشطة التنصيرية في الماضي، فإن انتشار الظاهرة بشكل ملفت للنظر -ناهيك عما بدأ ينشر في الوسائل الاعلامية الورقية والالكترونية، انتقل الحديث عن مشكلة التنصير بالمغرب إلى قبة البرلمان، كانت خلاصته إصدار تقرير حكومي (في مارس 2005) انتهى إلى أن هناك 800 منصر ينشطون في مختلف مناطق المغرب، كما قدم هذا التقرير معلومات إضافية عن وسائل المبشرين، بحيث تمت الإشارة إلى أن كنائس التبشير العالمية في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية تعمل على نقل المبشرين إلى المغرب تحت صفات مختلفة : مهندسين وممرضين وأساتذة في المراكز والبعثات التعليمية الأجنبية، ناهيك عن المستثمرين والمقاولين، كما تعمل على توزيعهم على كافة المناطق بهدف الاقتراب من السكان وقضاء حاجياتهم، نحو الأدوية والتطبيب والمواد الغذائية.
وأشار التقرير إلى أن جامعة الأخوين بإفران، أصبحت ملاذاً للمنصرين، وذلك بسبب اعتماد هذه الجامعة التي أنشأت بتعاون مغربي -سعودي، على تبادل الأساتذة والبعثات العلمية.
3- من آليات العمل التنصيري :
إذا كانت عملية التنصير -عموما تتم عبر مجموعة من الخطوات وهي :
أ- خطوة التهيئ.
ب- خطوة التركيز.
ج- خطوة المتابعة.
د- خطوة التلمذة.
ه- خطوة زرع خلايا مكونة لطوائف دينية محلية.
أقول : إذا كانت هذه الخطوات الرئيسة، فإن للمنصرين العديد من الوسائل وآليات العمل لتحقيق تلك الخطوات، تختلف باختلاف المناطق والناس والحاجيات والمستويات الثقافية والاجتماعية.
وعلى العموم يمكن حصر هذه الآليات والوسائل في خمس وسائل :
1- التعليم.
2- الإعلام
3- الخدمات الطبية
4- الأعمال الاجتماعية
5- التخريب الثقافي
أولا : التعليم : تقول الراهبة (أنا مليحان) : >ليس ثمة طريق إلى حصن الإسلام أقصر مسافة من المدرسة<.
وتنقسم هذه الوسيلة إلى قسمين :
أ- التعليم بالمراسلة وذلك عبر إرسال مجموعة من الكتب والدروس والمحاضرات المتنوعة إلى الشخص الراغب في التصرف على المسيحية ويتم إنجاز هذه المهمة إما عن طريق البريد العادي، أو عن طريق البريد الالكتروني.
ب- التعليم في المدارس المحلية، (وخاصة منها تلك المرتبطة بالبعثات الاجنبية بالمغرب) والمراكز الثقافية الأجنبية..
ثانيا : الإعلام بمختلف أشكاله (المقروء والمسموع والمرئي)
> مـــن الإذاعـات النيطة فـي هذا البـاب :
- إذاعة حول العالم (ثبت من فرنسا)
- قناة AT7 الموجهة خصيصا إلى شمال إفريقيا من قبرص.
> توزيع الأشرطة السمعية-البصرية، وقد تحدثت إحدى التقارير المتتبعة لهذا الموضوع أن 150 ألف مغربي تصلهم مواد تنصيرية عبر البريد الالكتروني، من المركز الخاص بالمغرب العربي (AWM)، ويتم التراسل مع المغاربة عبر دليل الهواتف العمومية، والبريد الإلكتروني،. ومن الرسائل المتوصل بها من إذاعة منتكارلو رسالة تقول : >أخي العزيز -نرحب بك صديقا في نادي الصداقة، والذي تبثه إذاعة منتكارلو، نرجو أن تتفضل بإرسال جواب تطرح فيه تساؤلاتك الشخصية، كما ندعوك إلى سماع برنامجنا عبر إذاعة منتكارلو. فإذا كان لك سؤال، ابعثه إلينا، ونحن على استعداد للرد على جميع تساؤلاتك. أخوك عبد القادر).
> ومن الوسائل الجديدة المتبعة في نشر النصرانية بالمغرب، إعادة توزيع بعض الأشرطة الموسيقية المغربية بتغيير كلماتها، من مثل أغنية الصينية لناس الغيوان وذلك لشهرتها في الأوساط الشعبية المغربية وعموم الشباب المغربي. هذا بالإضافة إلى إنتاج أشرطة غنائية باللهجة المغربية (تريفيت -تشلحيت- تمازيغت – عامية)، بغية الاقتراب من المستمع عبر بث كلمات الإنجيل وأفكار المنصرين.
ثالثا : الخدمات الطبية، وذلك من خلال تقديم الأدوية والتشخيص المجاني، خاصة في المناطق القروية والنائية من المغرب، هذا بالإضافة إلى تنظيم العديد من القواقل الطبية والصحية والتي تركز على المئات المحرومة والفقيرة من المغاربة.
رابعا : الخدمات الاجتماعية : وذلك من خلال :
أ- احتضان الأطفال المتخلى عنهم
ب- المنح الدراسية للتلاميذ والطلبة
ج- نوادي التأهيل الاجتماعي للمرأة
د- الحصول على التأشيرة، وخاصة لمن يريد أن يقدم نفسه كمضطهد نصراني
ه- الاهتمام بدور العجزة والمرضى المتخلى عنهم والذين لا أسر لهم.
خامسا : التخريب الثقافي : ببث روح التفسخ الديني والأخلاقي في نفوس الشباب، والمراهقين على وجه الخصوص، وذلك من خلال :
أ- اللقاءات الخاصة في الكنائس
ب- علب الليل والمراقص والأندية، بنشر ثقافة العري والخلاعة والمجون
ج- البعثات العلمية والثقافية المختلطة
د- الندوات والأيام الثقافية (مراكش -أصيلا..)
ه- الحفلات الخاصة برأس السنة الميلادية
و- زرع العصبية القبلية بين المغاربة.
4- خــاتـمة :
لقد حاولنا قدر الجهد تشكيل إطار عام لظاهرة التنصير بالمغرب المعاصر مع تقديم إطلالة عامة وموجزة عن أبرز آليات العمل.
وللخلاصة نقول :
أولا : إن المغرب أصبح مستهدفا بشكل كبير من قبل المنظمات التنصيرية وذلك :
أ- لأهميته الجغرافية والاستراتيجية وثرواته الطبيعية والبشرية.
ب- لانفتاحه على المحيط العالمي وثقافاته من داخل إيمانه بقيم التعايش والحوار وحقوق الإنسان والديموقراطية والحق في الاختلاف الديني والثقافي.
ثانيا : إن المنظمات التنصيرية تركز في المغرب على ثلاث فئات من المجتمع بالأساس، وإن كان كل المغاربة يستهدفهم برنامج التنصير :
أ- فئة الشباب (وخاصة المراهقين)
ب- فئة النساء (وخاصة القرويات والأميات)
ج- فئة الأطفال المتخلى عنهم.
ثالثا : إن من أبرز عوامل تطور العمل التنصيري بالمغرب ما يلي :
أ- سياسة الدولة المبنية على قيم التعايش والانفتاح.
ب- انتشار ظاهرة الخلل في التدين.
ج- انتشار الأمية الأبجدية والثقافية والعقيدية على وجه الخصوص.
د- اتساع دائرة الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية.
ه- غياب أجرأة النصوص القانونية القاضية بالمتابعة.
و- غياب مراكز البحث المتخصصة في ملاحقة الظاهرة، رصدا وتحليلاً ومعالجة.
ز- ضعف القدرة الإبلاغية -عبر مختلف الوسائل- الخادمة لبرامج الترشد الديني والتوجيه الثقافي.
ح- ضعف الخدمات الاجتماعية والاقتصادية.
ط- توفر المنظمات التنصيرية على قدرات مادية وتنظيمية هائلة ومؤهلة.
ي- الثورة المعلوماتية الجديدة التي أتاحت الانتقال الحر للمواد المعرفية عبر القارات.
وعليه، فإننا نؤكد -في الختام- على أن ظاهرة التنصير بالمغرب لم تجد الاهتمام الكافي من قبل مختلف المؤسسات المرتبطة بالموضوع، وذلك على الرغم من الخطورة التي يكتسيها هذا الموضوع الذي ينبغي أن يشكل أحد الهواجس اليومية المؤرقة في جميع البرامج السياسية والثقافية والدينية والإعلامية والتربوية والتعليمية وحتى الأمنية.
كما نؤكد على أنه لولا الجهود المبذولة من قبل المخلصين لهذه الأمة، الحارسين لبيضة الدين، لتم اختراق المغرب طولا وعرضا منذ سنين مضت.
ولكن -ولنقلها بكل صراحة ووضوح : إن الكلام عن التنصير ومجابهة مخططات المنصرين، لايُكتفى فيهما فقط بحبر لا يتجاوز مفعوله ملء بياض الصفحات، ولا بأفكار يُجتهد في صناعة ألفاظها لإحداث الحماس في نفوس السامعين، وإنما -وهذا هو المطلوب بالضرورة- بإحداث مراكز متخصصة تُنظم الجهود، وتجمع ُ شتات الباحثين -من مختلف التخصصات، لصياغة برنامج مجابهة يكون في مستوى القوة التي عليها المنظمات التنصيرية العابرة للقارات، وما ذلك بعزيز على نخبة عالمة في هذه الأمة تفقه قوله تعالى : {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}.
فما أحوجنا إلى مثل هذه الاستطاعة لنُعِد ما استطعنا من قوة مادية معرفية وفكرية، بل وما أحوجنا -قبل ذلك- إلى دروس في فقه الاستطاعة.
—
(ü) مــوضوع ألقي في ندوة المجلس العلمي المحلي بفاس حول التنصير يوم 2008/04/19.
(üü) أستاذ الفكر والعلوم الإنسانية كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سايس فاس -المغرب