اتهم أعداء الإسلام هذا الدين ولا يزالون بألف تهمة وتهمة ومن بينها احتكار الحقيقة ونفي الآخر.
وهم قد ازدادوا شراسة تحت مظلة النظام العالمي الجديد والهوبزية الأمريكية التي تجد في ” الإسلاميين ” الترسانة الصلبة التي تقف قبالة أهدافها وتلوي أذرعها لكي لا تمضي للإمساك برقبة الإنسان المسلم في كل مكان.
والظاهرة ليست جديدة، انها قديمة موغلة تمتد إلى البدايات الأولى لهذا الدين الذي قدّر له أن يظهر على الدين كلّه بإرادة الله وجهود أجيال الدعاة والعاملين في كل زمان ومكان.
فليقولوا في الإسلام والإسلاميين ما يشاؤون أن يقولوا.. ولطالما تساقطت مئات الشبهات الباطلة وألوفها وطاشت سهامها ذات اليمين وذات الشمال دون أن تصيب من الحقيقة الإسلامية مقتلاً، بل على العكس ما زادتها إلاّ صلابة وتفوّقاً. وبمجرد نظرة سريعة على جغرافية العالم عبر اللحظات الراهنة فإننا سنجد، رأي العين، ما الذي تفعله هذه الحقيقة قبالة كل تصوّرات الآخرين ونظمهم ومذاهبهم التي راحت تتعرّض للتداعي والانهيار الواحدة تلو الأخرى. ولن يكون بمقدور النظام العالمي الجديد أن يمسكها عن السقوط، لأنه هو نفسه ـ بقوّة قوانين الحركة التاريخية وسنن الله في العالم ـ لن يقدر على مواصلة البقاء بصيغته الشاذة أحادية القطب.
أي احتكار للحقيقة هذا؟ وكيف ينفي الإسلام الآخر، وتاريخه الطويل وتقاليده المؤكدة تقود إلى شيء واحد : أنه ما من عقيدة في تاريخ البشرية أتاحت الفرصة للآخر، على مستوى الحرية والتحقق كعقيدة الإسلام؟
يكفي أن نتذكر ـ والمجال لا يتسع للإفاضة ـ كيف أن باحثاً متمّرساً كالسيد توماس أرنولد، المستشرق البريطاني المعروف، سهر لمدى أربعين عاماً على إنجاز كتابه القيّم.
( الدعوة إلى الإسلام ) الذي يتحدث فيه عن سبل انتشار الإسلام وتعامل المسلمين مع الآخر. ولم يكد يدع وثيقة أو مصدراً إلاّ وضع يده عليها لكي يصل إلى جملة من الاستنتاجات القيمة حول الموضوع، كان من بينها قوله : إنه على مدى ثلاثة عشر قرناً من الزمان لم يعثر على حالة واحدة أكره فيها غير المسلمين على اعتناق الإسلام.
نتذكر قبالة هذا ما الذي فعلته الكنيسة الكاثوليكية في أسبانيا لحظة انتصار فرديناند وإيزابيلا على آخر المعاقل الإسلامية هناك : غرناطة.
لقد ذبحوا أمة بكاملها وأتوا على دينها وتقاليدها وثقافتها وتراثها وهوّيتها ووجودها المادي من القواعد، فلم يعد لها أي وجود عبر عقود معدودة من الزمن.
لنتذكر ـ أيضاً ـ ما الذي فعله الأمريكي بالهنود الحمر، والصهيوني بالفلسطينيين، والفاشستي الإيطالي بالليبيين، والفرنسي ( المتحضّر ) بالجزائريين؟
الشواهد كثيرة والبقع السوداء تملأ ساحات الآخرين.. أما في تاريخ الإسلام وواقعه فتكاد تكون استثناءً لقاعدة أوسع بكثير.