عاودت صحف غربية نشر الصور المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أمر لا يستغرب أن يصدر ممن ألفوا السخرية من الدين والأنبياء والقيم السامية، وألَّهُوا الحداثة في شقها المزري بالإنسان كطامح نحو السمو الخلقي، والانعتاق من ربقة الشهوات الخسيسة والمتع الرخيصة، وغدا الإنسان في حداثتهم عبدا لفرجه وبطنه وأهوائه، لا يضيره كيف يصل إلى رغباته ولا يهتم إن كانت قنوات تصريف شهواته تتعارض مع القيم التي أجمع عليها عقلاء البشر، وأرسى دعائمها صفوة البشر من الأنبياء والرسل.
إن الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تزيده إلا تألقا في سماء المُثُلِ والفضائل.
وهل يضير البحر أمسى زاخرا
أن رمى فيه غلام بحجر
ولرب ضارة نافعة، فكم من جاهل بقدره نبهته الإساءة إلى البحث والتأكد من حقيقته، فأعمته أنواره، وأخذت بمجامع قلبه أخلاقه، فأصبح له محبا ولدينه متبعا وعن شريعته منافحا، وكم من مسلم مسرف على نفسه، بعيد عن هدي نبيه أيقظته الإساءة من سباته، وأدمى قلبه التطاول، فسخر قالبه لنصرة دينه، وألبس جوارحه خلعة شيمه وسجاياه.
إن ردود الأفعال التي صدرت عن كثير من المسلمين في شكل تظاهرات واعتصامات واستنكارات، تبقى غير ذات جدوى، إن لم يصحبها عود حميد إلى دين النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أعظم ما نرد به على الإساءة هو التخلق بأخلاق الحبيب صلى الله عليه وسلم ولزوم غرزه، والاهتداء بهديه، ذلك أن أكثر ما يغيط شانئيه هو التفاف الأمة حول دينه، وتشبتهم بشريعته، أمّا أن يخرج المسلم ساعة يصيح فيها ويندد، ويشجب ويتوعد، ثم ينقلب إلى ما كان عليه من مخالفة نهج من خرج من أجله، وبح صوته تنديدا بالإساءة إليه، فأنَّى يرعوي هؤلاء عن السخرية منه، وهم يرون أمته قد ولت ظهرها لدينه، وأعرضت عن كتابه، بل ربما وجد ممن يحسبون على أمته، من هو أشد سخرية واستهزاء بأحكام شريعته.
إن الله عز وجل ناصر نبيه صلى الله عليه وسلم {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد} فيا ترى هل تظفر بشرف أن تكون أداة من أدوات نصره؟!