إن من أفضل الأعمال التي يوفق إليها المسلم آناء الليل وأطراف النهار زيارة الإخوة الصالحين، والشيوخ المرضيين، لطلب الدعاء منهم، والتأثر بأخلاقهم، والانتفاع بوعظهم ونصحهم، فقد كان النبي يشتاق لزيارة الأطهار من الملائكة الأبرار، فقد قال لجبريل : ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا، فنزلت : {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك}<(رواه البخاري).
إن زيارة الأخيار وصحبة الصالحين لها أثر كبير في قوة التزامك واستقامتك، فلهذا جاء قول النبي موجهاً : >لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي<(رواه الترمذي). والنفس إذا أشرقت بأنوار الإيمان فهي لا تتطلع إلا لزيارة من شاكلها وشابهها، قال رسول الله : >الأرواج جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف<(رواه مسلم).
والجلساء ينقسمون إلى قسمين مهما كثر عددهم، فهناك جلساء الصلاح فهم فأل النجاح والربح والفلاح، وجلساء السوء، الجلوس معهم يزيد القلب غمة، ويختم أمره بالبلاء والندامة. قال رسول الله : >مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، وأما نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة<(متفق عليه).
ومن أبر البر زيارة الرجل الصالح إكراماً له، وتواضعاً معه فقد جاء في الحديث : >إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط<(رواه أبو داود بإسناد حسن).
إنها أخي المسلم من أخص أخلاقياتنا التي ربانا عليها إمام الدعوة حيث يقول : >ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا<(رواه الترمذي وقال حسن صحيح).
واعلم أخي المسلم أنك يوم القيامة ستكون مع أحبائك وجلسائك في هذه الدنيا، جاء رجل إلى النبي فقال : >يا رسول الله متى الساعة؟ فقال له : ماذا أعددت لها، قال الرجل : ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة، إلا أنني أحب الله ورسوله، فقال له : المرء مع من أحب<(متفق عليه).
بل إن النبي كان يزور حتى البقاع التي تذكر بالله، أو تحفز على عبادة الله، فقد كان يزور قُباء راكبا وماشياً فيصلي فيه ركعتين<(متفق عليه).
ذ. عبد الحميد صادوق