سنوات والكل يحلم في هذا البلد السعيد، من القمة إلى القعر، من أعلى الهرم إلى المطْحونين في قاعدته، لا شيء سوى الحلم… أربع مرات والمغرب يراهن على احتضان بطولة كأس العالم على أرضه، ولكن رهانه أو لنقل حلمه يرتطم بالحقيقة، لأنه طيلة هذه السنين الطويلة من الحلم لم يقدم شيئا لأعضاء “الفيفا”، اللهم صُوَراً لبَعْض المنشآت على الماكيط، بينما منافسونا في كل مرة يكونون في مستوى الحدث، وما كدنا نلملم جراح كبريائنا من جراء انتزاع تنظيم كأس العالم منا لصالح جنوب إفريقيا، حتى دخلنا في سباق محموم من أجل احتضان “عروس الشمال” للمعرض الدولي 2012، ورغم ما قيل وما لم يفصح عنه ورغم الوعود التي تلقاها المغرب من قبل الأشقاء والأصدقاء، يبقى الواقع أقوى من الصخب الإعلامي ومن الوعود الزائفة، وهكذا يرتطم الحلم مرة أخرى بجدار الحقيقة، وهذه المرة لحساب نمر من نمور آسيا “كوريا الجنوبية”.. قد يقول قائل أن المغرب مستهدف من قبل خصومه، وأنه الأجدر بهذا الشرف.. وأنه.. وأنه… لكن نظرة عابرة على واقع مدننا وأحوالنا تكشف حجم الجرح الذي يعاني منه الإنسان المغربي البسيط مع إشراقة شمس كل يوم جديد وحتى غروبها.. معاناة بعضها فوق بعض.. في النقل.. في السوق.. في المستشفى.. في دواليب الإدارة… في التعليم… وهلم قهراً.. فكفى من الأحلام.. ولنلتفت ولو قليلا إلى واقعنا المهترئ، وإلى بنياتنا الأساسية التي طالها النسيان ليس المهم أن ننظم كأس العالم أو أن تحتضن طنجة معرضا دوليا، ولكن المهم هو الاعتناء بالإنسان المغربي وإقحامه في العملية التنموية، وتقوية شعوره الوطني والديني كي يموت من أجل الوطن لا أن يرمي بنفسه في البحر هروبا من الوطن… هكذا يكون الحلم إذن، يزاوج بين الطموح وبين العمل، يقلص الفجوة بين الغني وبين الفقير.. ويشعل شمعة بدل أن يَسُبَّ الظلام.
ذ. أحمد الأشــهــب