ابني قرة عيني… لو استطعت لطرت إليه…!
استبد بي القلق.. ابني في أزمة نفسية حادة؛ غربة واكتئاب وإدمان للخمر، بعد أن هجرته زوجته الغربية، وجردته من ثروته، وحرمته من صغيرته!
حين ابتعثته للدراسة هناك، وعمره ثمانية عشر عاما، تمنيت أن يعود إلي بشهادته العلمية، لينتفع بها وطنه.. إلا أنه آثر الاستقرار هناك!
سافرت إليه في رحلة طويلة إلى أقصى الأرض، يسبقني قلبي إليه!
توسمت فيه بقية خير، مادام يسكر متخفيا استحياء مني… لم أقنط من تذكيره.. قلبي يتقطر ألما مع كل نقطة دم.. كيف حدث له ذلك وقد ربيته على الصلاة والاستقامة؟!
كنت أستحيي من ربي وأنا أجمع قناني الخمر التي يخفيها بين الأثاث.. يارب، إن كنت قد قدرت لي لمس هذا العفن تمحيصا لي، فلك الحمد على ذلك… يا رب مهما أحببتُ ابني، فلن أحبه كما تحبه أنت… يا رب نق قلبه ونفسه من أم الخبائث كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس!
أمضيت معه ثلاثة أشهر.. وعدت مكسورة الجناح، لكنني لم أيأس من رحمة الله عز وجل…!
توجهت إليه جل وعلا بصلاة القيام والدعاء لابني.. موعد زيارته لي يقترب… اللهم رده إليك ردا جميلا، قبل أن ترده إلي!!
داووا مرضاكم بالصدقة.. أوصانا الحبيب عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام… نذرت للرحمن صدقة كل خميس لسبعة أسابيع!
عاد قرة عيني… لمست تغير شكله… لم أسأله أي سؤال ريثما يرتاح!
وفي آخر الليل، سمعت صوته متهدجا في غرفته،… أتراها أم الخبائث لعبت بعقله؟!
جف حلقي، وأنا أسْتَرقُ النظر إليه.. سجدت لله باكية شاكرة.. سبقني ابني البار إلى صلاة القيام… احتضنني باكيا : والله يا أمي لا اطمئنان إلا بذكر الله، فهيا نهيم معاً في عشقه!.. في لحظة كنت قد خسرت الزوجة والإبنة والمال، فظننت أن حياتي قد انتهت، هربت إلى أم الخبائث عسى أن تنسيني همي، لكنها أردتني في هوة سحيقة.. صحوت وقررت التوبة النصوح، فقد أدركت أن الله عز وجل قد جعل لي الخير في فقدان ذلك كله لأبدأ حياة جديدة.!
كيف أشكرك أمي الحبيبة؟!
فكلماتك كانت بلسما؛ بل نجما مضيئا، بعد أن اسودت الدنيا وضاقت علي بما رحبت!!