ترَجّل أيّها الرّجُل
عن سرْجِك
وتروَّضْ على وضْعكَ
الجَدِيد
فالأَمْرُ ليسَ الأمْرُ
والواقِعُ لمْ يَعُد فُرُطاً
قُمْ مِنْ كَهْفِك
واذْهَبْ بوَرِقِك إلى المدينة
ولتَتَلَطَّفْ
فالحَالُ ليْستِ الحالُ
وأنْت لم تعدْ أنْتَ
والزمانُ لا يعتذرُ
اقلب الصفحةُ
واكتُبْ أيُّها القلمُ
مَن اليوم يعتذرُ؟
üüüü
ترجّل أيها المُدير المُدْبِر
فقد أصبحتَ نَكِرة
تغْتَالُ الوقتَ
بيْن نجْوَى وشكْوَى
بين تِيهٍ وحَدِيث تافِهٍ
بيْن مقْهَى ومقهى
يعافُكَ النادِلُ
تُبَدِّل
ترْحَل إلى كُرْسيِّ الحديقَة
يهْزِمُك الزّمان
يسْخَر
يسْلَخُ منك الأيّام قهْراً
تنْكَفِئُ
تَثْنِي صدْرَك
تُرَجِّعُ
أيّام كان الزّمان مِنْك
يحْتَشِمُ…
انْفُض غُبار المَعاركِ
فِي فِنْجَانِ قهْوَتِكَ
والْوِ جَرِيدتكَ
وقُمْ نازِلاً
فأنْتَ رَقْمٌ مُخْتزَلُ
مُجَرَّد مخْتصَر
يتَنازَلُ… يتَنازَلُ…
üüüü
في بيْتِ اللّه اسْعدْ
اغْتنِم صُحْبته
افْتقر إِليه في دُجَى اللَّيْل
اطْرُق بَابَه
تَبَتّل إليه.. تهجّدْ.. فخَيْرُ جَليِسِ
ذِكْرُهُ…
أخْبِتْ إِليه
فالزّمانُ لمْ يَعُد الزّمانُ
بَلْ هُو الزَّمانُ لمْ يَعُد
يُمْهِلُ
اقلبِ الصّفحة وقِفْ
üüüü
قِفْ.. أيّها الفارسُ
قفْ صفصافةً
لا أمتَ فِيها ولا عوجُ
تروَّضْ على النُّطْق
ما بَالُك اليومَ
تَلْجَلِجُ
ما بَالُكَ باخِع النّفسِ
أسف الحديث
أفي الحلق… جَفّتْ الحروفُ
أمْ عَصِيَّ الدَّمْع
في العُمْقِ
أمْ دَّوَّخَتْك رِحْلةُ المَدِ
أيُّها الآفِل
بين الخَلْق… والحَقِّ؟
هَا قِطارُك أيُّها المتقاعدُ
يَــــصِـــــلُ
مُحطَّتهُ
يُبدلُ سِكَّتَه
أقْلب الصفحة
خلْخَلةٌ… لحْظَةٌ
لا تَخْسَف… فالرِّحْلَةُ مَاضِيَةٌ
üüüü
اقلب الصفحةُ
واكتُبْ أيُّها القلمُ
لمَن اليوم أعتذرُ؟
üüüü
اقلب الصفحة وابتسِمْ
فالفجرُ انْفلقْ
والرّفاق غابوا.. ما عادوا
تسَلَّلوا لواذاً
والرحلة ما انْتهتْ
اقلب الصفحة
وابْدأ حياتك الجديدة
بين الوهْم والحقيقة
فمِلْح الجراحِ
تَلْحسُه شمسُ الصّباح
وزمْزَمُ يدْعُوك
فقُل لبّيْك
ابْرَح مكَانَك سلاماً
وخَيْرُ عُقباً
واغْتَنِم الوقْت سعياً
مُقتدراً
بين المروة والصّفَا
إلى عرَفا
هم مشْياً على قدَمَيْك
طإ الشّوْك حافِياً
مُلبّيا لا شرِيك لك
خَضّب بالدّمع المثالِب
وارْفَع يديْك عاليا
فاليومَ الأنامُ
بُنورِ الرّحمان
تغْتسِل
اقلب الصفحةُ
واكتُبْ أيُّها القلمُ
هذا العبدُ للرحمان
يعْتذِر
üüüü
يتغَنّى الرفاقُ أنّّى كنتُ
صنعتُ.. أضفتُ…
ضحّيْت… أبدعتُ…
تفقّرْت في مِهْنة الأنبياء
اغْتنيتُ
تعِبْت
سامقا كالنحلة
حاضراً كنتُ
لازمْتُ الأجْيال
فاشْهد أيُّها الطفل المُبكّر إلى المدرسة
أني هُنا كنتُ مضبوطاً كالساعة
واقفا مُخلصاً صارماً
كنتُ
تنْدَرجُ العصَافِيرُ
في الدّرج
تحت عيْنِيَ.. تُقَبِّلُني
تتفتَّق البراعمُ
تحت بُرْجِي
يؤرّجُنى عِطْرُها
وأنا أعدُّ الأيام صُبْحةً، صُبْحةً
أقلب الأعوام صفْحة صفحةً
يصْفَعني
الزمنُ العاقُّ
حِينَ تُخْصَى القِىمُ
فمَن إليك أيُها الرجلُ
يعتذر؟
اقلب الصفحةُ
واكتُبْ أيُّها القلمُ
أنّي قصّرت.. قصّرتُ
حين لم يعد الحالُ.. حالُ
فرَّطْتُ
وأخيراً حين تأهّلْت
لأُصبح مُديراً
هَا أنَا قد تقَاعَدتُ
اقلب الصفحة
üüüü
جَارَ الزمانُ
وعيونُ اللّيل تُحاصِرُ
نجْمة الفجْر واللّه أكبر فوْق المآذن
تحوّلت الأقوالُ
سلاسِلاً
فسِرْنا مغلولين فوقَ
الحقيقة
صامِدين في مدينتنا
القديمة
تمْتدُّ فينا الجراحُ
وبين السُّدّ والسُّد
تغٌلظ الغِشاوة
تحاكُ الرّواية
وفي الزّمن السّافِل
تُغٌتالُ القيم
كبرتْ كلمة تخرجُ
من أفواههم تخرجُ
رجْماً بما لا يُحتمل
تخْرُج
تَشِقُّ الصّخْر.. تفْلُق
لكن الحقّ على الباطِل يُقْذَف
يدْمَغُه
فإذاً هو زَاهِق…
فمَن إليك اليوم أيها المكظُوم
يعْتذِرُ؟
اقلب الصفحةُ
واكتُبْ أيُّها القلمُ
مَن اليوم يعتذرُ؟
üüüü
أنا الـمتقاعدُ الآفِل
اليوم يعتذرِ
لفَوانِيس الغَبَشة
لشُمُوع الفجر
ومَصَابيح العتَمة
أعتذرُ
لصَانِعِي الأجْيال
وحُراسِ القِيَم
فأنَا.. هُمْ.. هُنّ… مِنْهُنّ
ضَيّعت فِيهِن كثِيراً
وضاعَتِ فيّ مِنْهُنّ
البَسْمةُ
بَيْن طغو الانفعال
يزعق الصوتُ
جامحا في طُقُوس المُقَدّس
بيْن فَضَاضةِ الحَرَف
ولُغة الهَوان
ضاعَتِ الحِكْمة
كنتُ أمشي كيف أشَاءُ
ولم أعرف أن الدّرب شَقَاءُ
فلِمَن اليوم أعتذرُ؟
اقلب الصفحةُ
واشهد أيُّها القلمُ
هذه أسْرتِي
وأنا لها اليوم أعتذرُ…
üüüü
ضع القَوْس
وترجّل أيُّها الفارسُ
ففِي أسْواق المِهنة
ضاعَتِ الخيولُ
صدَأَت
البيداغُوجِيات
واختَلّت القِيم
والتّىارُ جارفٌ
فكيْف نُقاوِم؟
أيّها المدير الحاضرُ
أيّها الدرويشُ
لا تكْفيك الجُبَّةُ ولا السُّبْحة
فالوعْظُ في الزّمن
المُستباح
نُباح
ارْتح أيُّها الفارسُ
المُتْعب
فقَد لقيك في سَفَرك هذا
نَصَبُ
ابْرح مكانك وارْتح
وعانق الفجْر بأسماء الله الحُسْنى
ثمّ اشْرب قهوة الصّباح.. مهْلاً.. مهْلاً
وقُلْ الحمْد لله…
ثم اقلب الصفحة
ما أقسَى اللّحظة
أنْ ينزع المُحارِب دِرْعه
ما أقْسى أن يُغْبن المرءُ حَقّه
ما أقْسَى أن يَفْقِد الوطنُ تَارِيخه
سجَّلْ
أيُّها الحضورُ
أنّي لكُم جَميعاً أعْتذِر…
ذ. محمد جدوعة(ü)
———-
(ü) مدير متقاعد
فاس في 2007/03/5