كلما حل فصل الصيف، كلما أطلت علينا الكثير من القنوات العربية الفضائية بمجموعة من البرامج : لتساهم في المعركة الدائرة بين الأمة الإسلامية ومن يناصبونها العداء، ولتكون في الصف المعادي، إذ تعمل هذه البرامج -التي تعتمد كلياً على مخاطبة الغرائز والعواطف- على زعزعة القيم الإسلامية في نفوس المشاهدين، جاعلةً من الرقص والغناء والإختلاط مضماراً للتنافس بين مجموعة من الشباب والشابات، وشاغلةً بذلك مئات الألاف من أبناء الأمة في مشاهدتها والمشاركة فيها، عبر تصويتهم لاختيار نجم الضياع في هذه المجموعة، وهو من يعتقدون أنه الأفضل في الرقص والمجون.
وتتضاعف خطورة هذه البرامج عندما تجتمع الأسرة كلها حول الشاشة الصغيرة ليشترك الآباء والأمهات والأبناء في مشاهدتها ناهيك عن المشاركة فيها بالتصويت. ويعتبر الأطفال والمراهقون الفئة الأكثر تضرراً من مشاهدتها. لصغر سنِّهم واندفاعهم، وذلك بسبب قدرة هذه البرامج على التأثير على قيمهم وشخصياتهم وسلوكهم.
انتشرت في الأونة الأخيرة برامج تلفزيون الواقع، وبخاصة القنوات الفنية وغيرها من الفضائيات، وهي برامج تعتمد على الواقعية والطبيعية في التصوير وتسلسل الأحداث، فهي لا تحتاج إلى إعداد ولا تحضير، ويطلق عليها أيضاً برامج النجوم، إذ يتم تجميع عدد من الشبان والشابات بعد اجتيازهم امتحانات في الرقص والغناء في مدرسة موسيقية داخلية، فيعيشون هناك حياة مشتركة، يتم تصوير كل لحظات حياتهم، وأسوأ ما في الأمر أنها حياة عادية طبيعية وليست تمثيلاً، الأمر الذي يضاعف من تأثيرها على مشاعر الأطفال والمراهقين، فتتولد في داخلهم الرغبة في أن يكونوا مثلهم، وأن يعيشوا تجربتهم، وهنا يكمن الخطر من هذه البرامج.
يستطيع الأشخاص البالغون والذين يملكون القدرة على السيطرة على تصرفاتهم أن يدعوا أنهم يشاهدون هذه البرامج من باب الفضول. أو لقتل الوقت، أو كما تقول بعض السيدات لتشاهد الملابس وقصات الشعر، ويمكنهم الادِّعاء كذلك أن هذه البرامج لا تؤثر على سلوكهم وقيمهم، على اعتبار أنهم لا يزالون يؤدون الصلاة ويتمسكون بالحجاب ويرفضون الإختلاط، متناسين أن مجرد المشاهدَة معصية، وأن ارتكاب المعصية دون إحساس أن يقوموا بدورهم بحملات مضادة ضد هذه البرامج المشبوهة، وأن يحسسوا بخطورتها.
إن أبناءنا أمانة في أعناقنا، ونحن مسؤولون عن تربيتهم أمام الله، فهل نعي خطر المسؤولية الملقاة على عواتقنا؟