18-كهاتيْن!
بلغني الفرح بين خمائله وأنا أرقب بريقه المنعكس على عيني أمي وأبي… أزهرت فرحتي أفراحا، فقد تزامن تخرجي وتعييني قرب أسرتي مع عقد قراني… اقترح أبي على زوجي أن نسكن البيت السفلي، لنوفر عناء الكراء، ريثما نكوِّن نَفْسَيْنا…
فجأة، توفي أبي.. ضمتني أمي مذكرة إياي بالرضا بالقدر.. صبرت نفسي لأتعود الصبر.. أرقني التفكير في مصير أمي وإخوتي الخمسة، فأنا كُبْراهم، وقد رحل الأب المعيل الوحيد لنا.. ووجدتني أخطط لتدبير راتبي حتى أنفق على إخوتي…
لكنَّ لله تدبيرا آخر، فبعد أسبوعين من وفاة أبي، تلحق به أمي، صعقت وقد كتمت حزني، يجب أن أبدو قوية أمام إخوتي، وأتوكل على الله، فالحزن لن يجدي شيئا.. لكن ما أحزنني أكثر هو غياب زوجي وأهله يوم الجنازة..
لم يعزني ولو عبر الهاتف.. حاولت التماس الأعذار له لأريح نفسي.. انتظرته، إلى أن تلقيت ورقة طلاقي!
لم أنكأ جراح نفسيبأي تساؤل، فقد استوعبت رسالته، ونسيته إلى الأبد!
أصبحت أما وأبا لإخوتي، سهرت على تربيتهم ودراستهم وعانيت كثيرا.. تقدم لي رجال كُثْر، لكن شرطهم الوحيد هو التخلي ماديا عن إخوتي.
هل أتركهم مشردين في الشوارع ولا دخل لهم؟!
هرولت السنوات كلمح البصر، وجدتني قد تخطيت سن الأربعين.. لكنني أعيش الفرح مع إخوتي وقد حققوا طموحاتي.. شعرت أني قد أديت الأمانة وعشت معهم الأمومة والأبوة والأخوة بكل معانيها السامية، وتخطيت التحديات والمعاناة والعراقيل… لم يخيبني ربي عز وجل.. لي أمنية واحدة أن أكون مع الرسول ، فقد قال : >أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين< (وأشار بأصبعيه يعني السبابة والوسطى)(رواه البخاري، وأبو داود والترمذي)
ذة.نبيلة عزوزي