للتفوق الدراسي في المنهج الإسلامي مقومات وشروط، ولكي يكون الطالب من المتفوقين في الدنيا والفائزين في الآخرة إن شاء الله تعالى، عليه معرفتها والعمل بها، هذه المقومات في الوصايا العشر التالية :
الوصية الأولى : إخلاص النية لله، وأساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى :{قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}(الأنعام : 162)، فعليك أخي الطالب أن تنوي بأن الغرض من تحصيلك العلم هو خدمة الإسلام وإحياء الدين الذي لا يكون إلا بالعلم ولا يكن غرضك الأول من تحصيلك للعلم الحصول على اللقب أو الدرجة العلمية أو الوظيفية أو إقبال الناس عليك أو غير ذلك.
ولكن ما أهمية إخلاص النية لله في تحصيل العلم؟ يقول الرسول : “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرتهلدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه”)رواه أبو داود).
ويُفهم من الحديث ان النية شرط أساس لقبول الأعمال عند المولى سبحانه وتعالى، ومن ثم الإثابة عليها، وأنه بدون النية لا يُعد العمل مقبولا عند الله، ومن ثم لا يُثاب الفرد عليه، وأنه على قدر إخلاص الفرد في نيته يكون الجزاء والثواب، وهو ما يُفهم أيضا من حديث الرسول : “إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، وابتُغي به وجهه”(النسائي).
الوصية الثانية : الالتزام بتقوى الله واستشعار مراقبته في السر والعلن، وأساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى : {واتقوا الله ويعلمكم الله}(البقرة : 282). فالالتزام بتقوى الله يفتح عليك أبواب العلم ويعلمك ما لمن تكن تعلم وييسر لك النجاح والتفوق، فالعلاقة ـ بلغة الرياضيات ـ طردية بين الالتزام بتقوى الله وتحصيل العلم النافع في الدنيا والآخرة.
الوصية الثالثة : احترام وتقدير المعلمين، سواء أكان ذلك في السر أو العلن. فالرسول يقول : “ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوفر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه”.(رواه الترمذي). ومن صور التقدير والاحترام للمعلمين رفع أقدارهم وعدم ذكرهم إلا بالخير وعدم انتقادهم تصريحا أو تلميحا، فالمعلم قيمة يجب أن تُحترم لذاتها حتى وإن كان هذا المعلم غير مسلم.
الوصية الرابعة : المحافظة على الوقت، فالوقت هو العمر، والرسول يقول : “لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع… وعن عمره فيما أفناه”(رواه الترمذي).
الوصية الخامسة : إتقان وحسن المذاكرة، وأساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى : {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}(البقرة : 195). وكذلك قول الرسول : “إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته”، فالمسلم مأمور بإتقان وإحسان العمل حتى وهويذبح أو يقتل ما أحل الله قتله فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بتحصيل العلم.
الوصية السادسة : حسن الصحبة، أساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى : {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}(الكهف : 28).
ويقول الرسول : “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”(رواه أحمد)، كما يقول رسول الله : “مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسلك ونافخ الكير : فحامل المسك إما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا خبيثة”(رواه البخاري).
وعلى ذلك ينبغي عليك أخي الطالب أن تلزم مصاحبة الورع المجتهد وأن تفر ممن عدا ذلك.
الوصية السابعة : الصبر والثبات، وأساس ذلك قول الحق تبارك وتعالى : {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}(البقرة : 200)، فعليك أخي الطالب أن تصبر على تحصيل العلم حتى لا تنتقل من كتاب إلى آخر بدون فائدة، وجزاء هذا الصبر تجده في قول الحق تبارك وتعالى : {إن الله لا يضيع أجر المحسنين}(التوبة : 120). وكذلك في قوله : {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}(الزمر : 10) فأجر الصابر ـ على العلم، وغيره من الأمور النافعة ـ بغير حساب.
الوصية الثامنة : الثقة في النفس، فعليك أخي الطالب أن تثق في نفسك، وأن تستعين بالله وأن تستعيذ من الشيطان، فإن القلب المرتجف لا يقود صاحبه إلى النجاح، واليد المرتعشة لا تحسن العمل والعقل المشتت لا يحسن التدبير.
الوصية التاسعة : الإحسان وعدم الإساءة إلى الزملاء، سواء أكان ذلك بالفعل أو القول، لما في ذلك من إفساد للعلاقة بين الزملاء وبعضهم البعض وكفى بالطالب أن يستشعر قول الحق تبارك وتعالى : {هماز مشاء بنميم}(القلم : 11)، وكذلك قول الرسول : “لا يدخل الجنة نمام” رواه مسلم).
الوصية العاشرة : الدعاء لنفسك ولزملائك وإخوانك كما تدعو لنفسك، فالرسول يقول : “ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا وقال الملك : ولك بمثله” (رواه مسلم)، فأنت عندما تدعو لأخيك بالتفوق كأنك تدعو لنفسك.
الاقتصاد الاسلامي : عدد : 206
أ.د. عصام أبو النصر