2ــ لنغير قلوبنا قبل سلوكنا :
بصيغة أكثر مباشرة، يجب أن تعترينا أما م كل موجة إنكار أو استهتار للمعلوم من الدين بالضرورة، حالة مقت لأنفسنا قبل الآخرين. ولنضرب المثل التالي لكل غاية مفيدة :
إن فيضا من المياه ينفجر في بيت ما فيتلف المتاع والزاد ويشيع الرطوبة والقادورات، يجب أن يدفع صاحب الييت دفعا إلى البحث عن مصدر تدفق هذا الماء السائب بكل عجلة ودون التوقف عند طبيعة هذا الماء أنجس هو أم طاهر، ودون إهدار للوقت في صفات ونعوت هذا الماء، والأصح أن يضع يديه على مصدر التسرب المائي أكان صنبورا معطلا أو مجرى مياه أو ثقبا ما، وتلك هي البداية الأولى للإصلاح على النهج النبوي لا نهج كوندوليزا رايس المعلوم !..
وبالعودة إلى هذه التناسلات المقلقة لمجموعة من السلوكات الإجترائية على الله سبحانه والمنافية لكل قيم الحياء فإن مصدر العلةيكمن في القلوب الغافلة التي ألهمت الأيادي عجن هذه الخلطات البشرية الهجينة، في أي موقع كانت..
تلك القلوب المحكومة بأمراض الشهوات هي التي تتخلق في رحمها أجيال فلسفة اللذة وعبادة الهوى والإنتصار لقيم النفعية والغنيمة، تلك القيم المغشوشة التي تجعل الشاب في لقاءاته الحميمية بالشابة يعتبرها لعبة مجانية لإرواء غرائزه بلا ولي ولا صداق، في حين تعتبره هي طريدة تسوقها إلى أقرب مأذون للزواج أو أقرب واجهة تجارية لإفراغ جيبه
وصدق رسول الله حين قال : التقوى هاهنا وأشار إلى قلبه،وبكل تأكيد فإن زاد القلب لتشرب الثقوى هوكتاب الله تعالى، دستور المسلمين والعالمين، هذاالدستور المركون في الرفوف، والذي لايتجاوز الكُتّاب أو المدرسة أو حتى المساجد، وصلات تدريبية للذبذبات الصوتية والنوتات الموسيقية بين ارتفاع وانخفاض ! وإذا كنا مخالفين للصواب فيما نقول، فأينها فتوحات الفاتحة التي نجهر بسبعها المتاني ونسر بها في صلاتنا كل يوم، وفي صفوف مدارسنا، ومع ذلك يظل السراط المستقيم، سراط الذين أنعم عليهم الخالق غير المغضوب عليهم ولا الضالين، مجرد أمان معششة بدواخلنا، المنخورة بـداء “الإزدواجية”.
ولأن الشيئ بالشيئ يذكر، ففي السنة الماضية شهد فصل الصيف الآفل، تجمعا كبيرا لقوافل من الشباب من عبدة الشيطان، في حفلة راقصة على الهواء ، أطلق فيها العشرات من عبدة الشيطان، وفيهم من يدعى محمد ومصطفى وعمر وعثمان وعلي،، العنان لكل السلوكات الشيطانية المرعبة، فأينهم الآباء وماجاورهم من مسؤولين، وماذا يقولون لربهم غدا ؟
وتروي إحدى السيدات الثريات لإحدى الواعظات التي استعانت بها لإنقاد إبنها من شبكة عبدة الشيطان التي ينتمي إليها، قائلة لها أن إبنها أحدث ثقوبا في لسانه وفي حاجبه يزينها بأقراط ذهبية،وأنه لا يلبس إلا اللون الأسود وأنه لايغير ملابسه أبدا ولا يغتسل مطلقا حتى أن رائحته الكريهة جدا أصبحت مصدر غثيان لمن يجالسونه، وأنه لا يصحو أبدا من وصلات المخدرات حتى أن هذه الأم كما تحكي باتت تقفل عليها باب غرفتها خوفا من أن يغتصبها لأن عبدة الشيطان يستطيبون زنا المحارم، ولمعلوماتك قارئي الكريم، فالأم الثرية مطلقة ومدمنة خمورسابقا، قبل أن تفيئ إلى الحق وتعود إلى الله سبحانه مستجيرة وهي ترى فلذة كبدها ينحدر إلى اللاعودة، نسأل الله لنا وله الأوبة العاجلة إلى ظلال القرآن. وصدق سيدنا عمر حين قال قولته المأثورة : (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام،فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)..
ويتبادر إلى الأذهان ونحن على مشارف الختام ذلك السؤال الحارق :
ألم يقرأ هذا الشاب بضع سور من هذا الدستور في صغره؟، بكل تأكيد قرأها وحفظها، لكنها القراءة العابرة التي تشبه الموج، إذ يكُرُّ وسرعان مايتلاشى، لترث المجتمعات العربية الإسلامية مخلوقات معطلة الطاقات، مهدمة الهمم مطفأة السراج وأشبه بالبيوت الخربة، مخلوقات يصدق في حالها قول رسول الله : (إن الذي ليس في جوفه شيئ من القرآن كالبيت الخرب).
وصدق في حالنا قول ابن عمر رضي الله عنهما من حديث طويل : (..ولقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن فيقرأه من فاتحته إلى خاتمته لايدري أمره ولا زجره ولا ماينبغي أن يوقف عنده ينثره نثر الدقـل) والدقل هو رديئ الثمر
وإن من سيئات هذه الممارسات في صفوف الكبار ثم الصغار، مانراه من تفرق للقلوب وانحسار للحياء واجتراء على محارم الله ورفع رباني للخيرية، تلك الخيرية النابعة من القرون الأولى، قرون انضواء أصحاب رسول الله تحت لواء القرآن أسوة برسول الله ص فكان القرآن والسنة، مشاعر وقناعات قلبية قبل أن يكونا سلوكا.فلكلوريا، فحسب..
ونختم بالحكاية البليغة التالية ففيها الخبر لمن أراد أن يعتبر :
[أرسل الصحابي الجليل جرير البجلي غلاما ليشتري له فرسا وبعد أن اشتراه واتفق مع البائع على الثمن ورضي البائع قال له الغلام تعال إلى سيدي لينقدك الثمن ونظر جرير إلى الفرس فعلم أن الثمن الذي اتفق عليه غلامه ثمن بخس فزاد للبائع في الثمن، فقال البائع :عجبا أتزيد ثمن المبيع وأنت المشتري ؟ فقال له جرير يا أخي إن فرسك لا يقل ثمنه عما بينته أنا، فإذا أخذته بأقل من ذلك فقد غششتك، وقد بايعت رسول الله (على النصح لكل مسلم ونصحي لك أن أشتري المبيع بما يستحق من ثمن دون أن أبخسك حقك)…….
وتطول الشجون..وتنأى المسافات ويستحكم الظمأ والماء الزلال موجود، وصدق في حالنا ذلك البائع الحكيم حين عرض علي مجموعة من المبيعات، فقلت له : ليس لدي المال الكافي لشرائها فقال ببساطة بليغة : (اللحم هاهو والأسنان فين هي !!)
وعودا على بدء فلازلنا على باب الله واقفين ننتظر توفيقا ربانيا لنلج عتبة مرج من مروج القرآن الزاهرة لعله يحالفنا التوفيق بإذن الله في الحلقة القادمة.
ذة.فوزية حجبي