الصوم فريضة من فرائض الإسلام كتبها الله على عباده بقوله في سورة البقرة: {يَا أَيها الذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلكُمْ تَتقُونَ} الآية: 183
وزكاة الفطر كذلك أوجبها الله على عباده، وقد ثبت في الحديث المتفق عليه أن النبي صَلوات الله وسلامه عليه فرض زكاة الفطر في رمضان
وصوم رمضان لا يغني عن أداء زكاة الفطر، كما أن زكاة الفطر لا تغني عن صوم رمضان، فكل منهما واجب مستقل، وكل منهما مطلوب الأداء من المسلم القادر، ومن ترك الصوم وزكاة الفطر معا كان أفحش ممن ترك أحدهما، ومن أداهما معا فذلك هو المسلم الصحيح. ولكن ينبغي ألا يقال لمن يصوم ولا يزكي زكاة الفطر إنه غير مقبول الصيام؛ لأنه يمكن أن يقال إن الصيام فريضة لها ثوابها عند أدائها، وعلى الإنسان عقوبتها إذا أهمل في أدائها، ومثل هذا يمكن أن يقال بشأن زكاة الفطر، وإن كان الواجب علينا ألا ننسَى أن الإسلام كل لا يتجزأ، وأن فرائضه وأوامره كلها يجب أن تؤدى
ولقد جاء في كتب السنة حديث منسوب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول:(صوم رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر). ومع أن علماء الحديث قد تكلموا في درجة هذا الحديث، نفهم أن هناك تصويرا في كلماته لنوع من الارتباط بين حكمة الصوم وحكمة زكاة الفطر، فمن بين حكم الصوم أنه يحرك الشعور بما يتعرض له الفقراء والمحتاجون من ألم الجوع، فتأتي زكاة الفطر ترجمة عملية لما يترتب على هذا الشعور من عطف على المساكين وإغناء لهم عن السؤال في مناسبة العيد، ولعل ما يفسر هذا أن بعض الأحاديث الشريفة قد بينتْ أن زكاة الفطر فيها طهر للصائم من اللغو والرفَث، وطعمة للمساكين
وأما إذا كان الإنسان لا يملك ما يمكنه من إخراج هذه الزكاة، فلا ذنب عليه إذا لم يخرجها؛ لأن القرآن الكريم يقول: {لاَ يُكَلفُ اللهُ نَفْسا إِلا وُسْعَهَا} البقرة: 286
إن زكاة الفطر إنما تجب على من يقدر على دفعها، بأن كان عنده نصاب الزكاة، أو كان لديه ما يَزيد عن حاجته وحاجة من ينفق عليهم يوم العيد وليلته، ويدفع الإنسان هذه الزكاة عن نفسه، وعن كل من تلزمه نفقته كالزوجة والأولاد الصغار والخدم ونحوهم