بينما جيش حزب الله الشعبي ينتصر على الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر نرى المقاومة الفلسطينية المجيدة تحاصر في الداخل والخارج ويتآمر عليها ” المناضلون ” و” الرفقاء” الذين عوّروا أو خوّروا عيون الناس بكثرة ما أشاروا بأصْبُعَيهم: الوسطى والسبابة قائلين:” ثورة حتى النصر”، أما الآن فقد عوّروها باقتصارهم على الإشارة بالوسطى وحدها مرددين:” تآمر على فلسطين حتى الخراب” معلنين الرضوخ للمقتضيات الدولية أي الخضوع للحلول المفروضة من لدن طغاة العصر.
لقد انتصر حزب الله ذلك الانتصار الباهر الذي هو انتصار للعالم الإسلامي لأنه اعتمد على اتحاد صفوفه وإخلاص قيادته ونقاء أتباعه وخلو معسكره من العملاء والخونة ويقظة حراسته من أن يتسرب إلى مجالاته المنافقون والجواسيس والطوابير المخربة.
أما ” المقاومة الفلسطينية ” فهي تجاهد وتناضل وسط خيانات ظاهرة وباطنة معلنة ومستترة، والعجب أن العالم العربي الذي أدان بورقيبة لأنه اقترح على الفلسطينيين أن يقبلوا تقسيم فلسطين إلى دولتين الذي أعلنه مجلس الأمن سنة 1948 وثار عليه ثورة عارمة بأحزابه المختلفة وتياراته المتعددة واتهموه بالخيانة والعمالة.
أما اليوم فإن أصحاب شعار ” ثورة حتى النصر” يحاولون إرغام حكومة فلسطين المنتخبة لتركع وتسجد وتقبل بما تفرضه أمريكا عليهم بالتخلي عن قرار التقسيم الأممي وعن الالتزامات السابقة وعن حرمان اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى وطنهم وبالرضى بالعيش في كنف إسرائيل في أقفاص من فولاد وزنازين من إسمنت تسمى ” دولة فلسطين”.
وبينما إيران تطلق الصواريخ وتتقدم في الصناعة الحربية وتوشك أن تصبح عضوا في النادي النووي فإن الدولة العربية ما تزال متخلفة في كثير من صناعاتها المدنية وماتزال تشاهد نزفا إثر نزف بسبب هجرة الأدمغة إلى الخارج بل ألمع الأدمغة وأفضلها وما تزال ” السنة” في مناهجها التعليمية والتربوية متخلفة. كما أنه لا يوجد بين ” دول السنة” تعاون صادق وتلاحم مخلص وتضامن قـوي بـل إن بعض ” السنة” من ألد أعداء جيرانهم السنة ويتمنّون بل يعملون بإصرار على عرقلة نموهم وغثارة الفتن خلالهم …
إن دول السنة عاجزة عن الدفاع عن مصالحها الحيوية وهي مقصرة في مناصرة أعضاء في جامعتها العربية مثل السودان الذي يتعرض إلى مؤامرة كبرى لتمزيقه وتخريبه وحرمانه من ثروته وعرقلة نموه ..
وما يقع الآن للسودان قد ينتقل غدا إلى مصر وإلى دول سنية أخرى …
إن العجز السني لا يزداد إلا استفحالا والقدرة الشيعية لا تزداد إلا قوة … والفتنة العراقية شاهدة على ذلك.
وأعـداء الإسـلام يراهنون على إشعال فتن جديدة بين المسلمين سنة وشيعة أو سنة وسنة أو شيعة وشيعة …
ويجب أن يعلم الجميع أن المؤامرات على العالم الإسلامي كله هو فقط في البداية وستكون المرحلة ما بعد ” ضياع فلسطين” وإقبار قضيتها وبعد تمزيق العراق أفظع وأخطر، وسيندم أولئك الذين يظنون أنهم سينتصرون في معركتهم وسيكوّنون دولة على حساب إخوانهم أو سينعمون بالسعادة وراحة البال والاستقرار بعد الإجهاز على فلسطين والوحدة العراقية .. وإنهم واهمون ومغرورون وإن من يظن ذلك عليه أن يقرأ التاريخ القديم والحديث.
إن الحل الوحيد لنجاة الأمة الإسلامية بمذاهبها وطوائفها في الوحدة والتعاون على الخير والتناصر في مواجهة الباطل والقضاء على أسباب الفُرقة وعوامل التناحر والتنافر .. ومن غير ذلك فالكُل في خطر وأي خطر!!! وقد أعذر من أنذر.
د.عبد السلام الهراس