بدأت يوم الجمعة 2006/5/5 فعاليات الحملة التي أطلقتها لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب، وتستهدف الحملة جمع مليار يورو خلال عام تحت شعار (فلسطين.. أبدا لن تجوع) لمساعدة الشعب الفلسطيني على التصدي للحصار المفروض عليه من جانب الغرب وإسرائيل بعد قرار الإدارة الأمريكية والعديد من الدول الأوربية وقف الدعم عن السلطة الفلسطينية الجديدة المنتخبة، ولم تكتف بذلك بل قررت منع البنوك من تحويل الأموال إلى الجوعى والمرضى من الفلسطينيين المحاصرين بين المعابر التي تتحكم فيها السلطات الإسرائيلية.
وشهد الاحتفال ببداية حملة المليار يورو العديد من المشاهد المؤثرة؛ فقد صعد عدة أطفال إلى منصة الاحتفال حاملين معهم مدخراتهم ليتبرعوا بها للفلسطينيين، وخلعت الكثير من السيدات والفتيات حليهن الذهبية وتبرعن بها، وأرسلت إحداهن مبلغ 1000جنيه مصري التي كانت تستعد بها لتجهيز عش الزوجية. وتبرع العديد من رجال الأعمال بآلاف الجنيهات، ووصل المبلغ الذي تم جمعه أكثر من ستة ملايين جنيه مصري.
وخلال المزاد الذي جرى على ساعة يد لإحدى الشهيدات الفلسطينيات تم دفع مبلغ 65 ألف جنيه ثمنا للساعة، كما أن حقيبة جلدية كتب عليها (فلسطين إسلامية) دفع فيها أحد الحضور مبلغ 500 دولار أمريكي.
وفي مستهل الحملة ألقى الدكتور حمدي السيد نقيب أطباء مصر كلمة أوضح فيها أن الشعب الفلسطيني يتم معاقبته على اختياره الديمقراطي الحر، وبدأنا نسمع عن مؤامرة خبيثة تقودها أمريكا وإسرائيل والعديد من دول العالم لتجويع الشعب الفلسطيني.
مرضى مهددون بالموت
وفى كلمته أشار الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب، إلى أن مستشفيات فلسطين تعاني من العجز الشديد في الأدوية والطعام والمستلزمات الطبية العاجلة لمرضى الفشلالكلوي والسرطان وغيرها من الأمراض الخطيرة، وأن وزارة الصحة الفلسطينية أرسلت لهم العديد من الاستغاثات التي تكشف عن حجم المأساة الإنسانية المروعة التي يعيشها إخواننا الفلسطينيون, وأن حملة المليار يورو ستبدأ إلى جانب القاهرة من عواصم عربية وإسلامية أخرى، وستشهد العاصمة القطرية الدوحة يومي الأربعاء والخميس القادمين حملة (لن تجوع فلسطين)، وسيشارك فيها أطراف خليجية عديدة.
وقال السفير الدكتور حسين حمودة، ممثل عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية: إن الجامعة بدأت منذ أيام قبول التبرعات الشعبية والرسمية لتوصيلها للشعب الفلسطيني، وتم جمع 70 مليون جنيه في أقل من ثلاثة أيام ولكن الحصار وإغلاق طرق توصيل الأموال هي المشكلة التي تواجهنا في إيصالها إلى المحتاجين في فلسطين المحتلة، والغريب أن الحصار يأتي من جانب أمريكا وأوربا اللذين يزعمان ليل نهار وقوفهم إلى جانب حقوق الإنسان.
مشيرا إلى أن مجلس وزراء الصحة العرب تبرع بـ 100 ألف دولار بصفة عاجلة لإنقاذ المرضى الذين لا يجدون الدواء والطعام في المستشفيات الفلسطينية, وأن الجامعة العربية ستشارك مع لجنة الإغاثة والطوارئ في جمع التبرعات لإنقاذ شعب فلسطين الصابر الصامد.
وفى لهجة مشحونة بمشاعر الحزن قال الدكتور يوسف المدلل، مدير مكتب وزير الصحة الفلسطينية: إن وزارة الصحة وضعت على المحك؛ لأنها الوزارة المسئولة عن توفير العلاج والدواء للمرضى والمصابين من جراء القصف الإسرائيلي اليومي للقرى والمدن الفلسطينية، وإن الكثير من المرضى لا يجدون الطعام ولا الدواء، ومرضى الفشل الكلوي والسرطان وأمراض أخرى لا نجد لهم العلاج اللازم الذي لا يحتمل التأخير، وإن هناك مرضى بالفعل معرضون للموت بين لحظة وأخرى خاصة مرضى الفشل الكلوي لعدم وجود فلاتر لتشغيل ماكينات غسيل الكلي. كما أن مرضى الجهاز التنفسي لا يجدون العلاج المطلوب لهم، وتزداد المشكلة سوءا بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر التي تدخل منها المواد الغذائية والأدوية.
وناشد دول العالم والمنظمات الدولية ممارسة الضغوط على إسرائيل حتى تفتح المعابر لمرور المساعدات العاجلة، مشيرا إلى أن مخزون وزارة الصحة من الأدوية والمستلزمات الطبية لا يكفي سوى لأيام قليلة، ويعني هذا إذا لم تصل المواد الغذائية في أسرع وقت ممكن فستكون هناك كارثة إنسانية خطيرة، وسيموت أعداد كبيرة من المرضى والمصابين, وأنه إذا لم تقم إسرائيل بفتح المعابر فسيحدث ما لا يحمد عقباه بالنسبة للشعب الفلسطيني.
إنقاذ الفلسطينيين واجب ديني
وفى كلمته للحفل من خلال اتصال تليفوني تم بثه على المشاركين قال الدكتور يوسف القرضاوي الداعية الإسلامي الكبير من العاصمة القطرية الدوحة: إن الفتوى التي استقر عليها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنه يجوز دفع زكاة الأموال إلى الشعب الفلسطيني المحاصر؛ لأنه يجتمع فيهم عدة مصارف من المصارف الشرعية للزكاة الثمانية؛ بل ويجوز تقديم دفع الزكاة عن مودعها، كما أنهم يستحقون الصدقات والهبات والوقف انطلاقا من أن “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يسلمه”.
ونبه إلى خطورة الحصار المفروض على الفلسطينيين الذين لا يجدون الطحين الذي ينتجون به الخبز، وأن اليهود يتبرعون لنصرة إسرائيل الظالمة المحتلة لأراضي المسلمين ولا يجوز لأهل الحق أن يتقاعسوا عن نصرة حقهم، وتساءل: كيف يجوع 3.5 ملايين فلسطيني داخل الأراضي المحتلة، وهناك مليار وربع المليار مسلم في أنحاء العالم؟! وكيف نبخل بالأموال على شعب بطل يضحي كل يوم بالأنفس والأموال والأولاد؟!.
وتحدث الدكتور جمال عبد السلام، المدير التنفيذي للجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب أن اللجنة استطاعت بفضل الله تلبية الاحتياجات العاجلة والطارئةلوزارة الصحة الفلسطينية التي ترسل فاكسات تحدد المستلزمات الطبية التي تحتاجها، فتم إرسال 50 ألف دولار لشراء فلاتر لماكينات غسيل الكلى، ومبلغ 17 ألف دولار أخرى، ثم 150 ألف دولار ثالثة بالتعاون مع جامعة الدول العربية (تبرعت بـ 100 ألف واتحاد الأطباء بالـ 50 ألفا الأخرى)، وأخبرتنا وزارة الصحة الفلسطينية بأن هناك 63 حالة يهددهم الموت حاليا، ويحتاج أصحابها لزراعة كلى ونخاع وكبد بشكل عاجل، ولا توجد الأموال اللازمة لإجراء عمليات الزرع.
وتساءل رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور عزيز صدقي: لماذا لا تقوم الدول العربية والإسلامية بتقديم مبلغ المليار يورو الذي هو حق الشعوب؟ لماذا تسكت تلك الشعوب على القتلى والجرحى الذين يسقطون يوميا؟ وكيف تقبل تلك الحكومات بحصار حكومة منتخبة انتخابا حرا من جانب الشعب الفلسطيني؟ وكيف نفرط في شعب يقاتل عدوا شرسا لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة؟.
جريمة ضد الإنسانية
وخاطب الدكتور عطا الله أبو السبح، وزير الثقافة الفلسطيني، الحاضرين قائلاً: إن مصر في رباط إلى يوم القيامة كما أخبرنا بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن مصر تصدت على أرض فلسطين للصليبيين والتتار وهزمتهم بمشاركة غيرها من البلدان الإسلامية، وكأن فلسطين جزء من مصر ومصر هي الأم الرءوم لفلسطين, وشكر مصر على مواقفها المشرفة على مدار التاريخ لنصرة قضايا العرب والمسلمين، مؤكدا أن السلطة الفلسطينية المنتخبة لن تساوم على دماء شهداء فلسطين، وأن المسلمين في العالم لن يتركوا إخوانهم يواجهون الحصار وحدهم؛ ذلك الحصار الذي جعل الطفل يذهب إلى مدرسته وجوفه خال من الطعام طوال اليوم، ولا يجد القلم الرصاص الذي يكتب به؛ لأن إسرائيل قررت بإغلاقها للمعابر عدم وصول الغذاء والدواء وحتى الأدوات المدرسية.
وشدد الدكتور إبراهيم الزعفراني، رئيس لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب، على أن حملة المليار يورو ستستمر وتتوسع لتشمل أوربا وأمريكا لحشد جهود كل محبي السلام، وحرية الشعوب لدعم الشعب الفلسطيني الصابر والمناضل، وكما انتصرنا في معركة الصور المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم سننتصر في معركة فك حصار التجويع عن الشعب الفلسطيني، وأن ما تقوم به إسرائيل من تجويع لأكثر من 3 ملايين فلسطيني هي جريمة حرب ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.