هل يحتفل صَدَّامُ بعيد ميلاده؟
الثامن والعشرون من شهر أبريل عيد ميلاد صدام!! هذا ما نقلته بعض القنوات العربية.. نقلت مظاهر من أيام العز القديم حيث بدا الزعيم الذي لا يُقهر مختالا أمام عدسة الكاميرا في بذلته البيضاء الأنيقة محاطا بحاشيته ومقربيه من المهرولين والمبصبصين.. بدا الرئيس منتشيا بحب شعبه الراقص على أنغام يَضج لها الرافدان على طول البلاد وعرضها.. ثم توقف هنيهة عند حلوى عيد الميلاد البيضاء المستديرة بحجم ساحة واسعة!! وقطع جزءا منها بسكين مزينة بالورود.. لايبدو أن الزعيم أكل قطعة الحلوى تلك في أيام العز.. وما أحوجه إليها الآن!!
في حال صدام الزعيم العربي الكبير الذي حكم العراق بقبضة حزب البعث الحديدية أكثر من عبرة موجعة لمن يعتبر :
فقد توالت سنوات ولم يحتفل القائد بعيد ميلاده، ففي حاله من البؤس والألم ما يغني عن الاحتفال والفرح.. هل يستطيع الآن أن يطلبكأس عصير دون رقابة أولياء الأمر الجدد؟.
كان وجه الزعيم مكتنزا طافحا بالدماء العربية لَوَّاحَ الشمم لكنه يبدو في جلسات المحاكمة متغضنا بائسا تكاد عيناه تستجديان الرثاء.
إن الشعب الذي تفنن في ابتكار لوحات الاحتفاء والفرح بعيد ميلاد رئيسه هو نفس الشعب الذي ساهم في إسقاط نصبه التذكاري وفي ضرب صوره بالأحذية…!! فليحذر الغالبون نفاق المغلوبين..
كان الرئيس يأمر وينهى ويعزل ويولي ويجدع الأنوف ويصْلِمُ الآذان.. وها هو الآن لا يستطيع أن يرد عن نفسه سيلا من التهم البشعة. فما أضعف الإنسان وما أقل حيلته وما أوهن حبله حينما تتبدل الأحوال وتدول الأيام ويحل الغروب وتأذن شمس العز بالأفول! ما كان القاضي الذي نصبه الأمريكان لمحاكمة صدام -مثلا- يستطيع أن يصرخ في وجه الرئيس في الأيام الخوالي؟!! إنها الحكمة الربانية.. وتلك مشيئة الله الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء!
لَشَدّ ما تأخذ بعض النفوس العزة فتطغى وتتطاول.. لكنه الابتلاء الإلهي الذي يحيق بالبشر حتى تُسأل كل نفسٍ عما عملت وكيف تصرفت في ما اسْتُرْعِيَتْ.
كم من أمم طوتها الكوارث ولَكَمْ من جبابرة أسكتهم الموت.
وكم من حكومات صالت ثم دالت.. وكم من وزراء أبرموا وعقدوا ثم مضوا ونُسُوا. وتبقى عين الحسيب ساهرة لا تنام وكفه مبسوطة لمن يشاء تقبض وتمن وتعطي وتمنع وتُعلي و تُدْنِي سبحانك ربي ما أبلغ حكمتك ما أعظم شأنك!. كم من صدام وكم من شارون وكم من هيتلر وكم من فرعون ساسوا البشرية بالسوط وحد السيف لكن من استطاع منهم أن يقبض على ناصية اللحظة الهاربة لحظة العز والسطوة والمنعة والسلطة والبقاء؟.
يحدثنا التاريخ عن المعتمد بن عباد -على فرق كبير بينه وبين النموذج الصدامي- ذلك الملك الشاعر الرقيق المجواد الذي فرش الأرض يوماً (للرميصية) مسكا وكافورا.. فقد انتهى به الأمر إلى أغمات حتى بدأت بناته يتعيشن من غزلِ أيديهن لبنت عريف شرطة أبيهن!!. إنها القدرة الربانية في تصرف الأمور فاعتبروا يا أولي الأبصار!!
ذة.أمبنة المريني