أخي الكريم : إن الحبيب المصطفى قد أكرمه الكريم ليلة الإسراء بهدية طيبة مباركة، إنها الصلاة أعزها الله، ولا شك أخي الفاضل أن أطيب الأوقات، وأسعد اللحظات هي اللحظة التي تسمع فيها منادي الرحمان، يدعو إلى الصلاة والفلاح، فتتوجه بقلبك وحسك وشعورك، إلى سيدك وحبيبك تناجيه وتدعوه وترجوه، فتكبر مولاك وتستحضر ضعفك وفناءك، فتشعر بلذة الأنس، وفرحة القرب.
قال رسول الله : >إنما الصلاة تمَسْكُنٌ وتواضع وتضرع وتَأَوُّهٌ وتنادم، وتضع يديك فتقول : اللهم اللهم. فمن لم يفعل فهي خداج<(رواه الترمذي والنسائي وإسناده ليِّن).
هذه هي الصلاة التي يعول عليها في صناعة المسلم على عين الله، قال سلمان ] : >الصلاة مكيال فمن أوفى استوفى ومن طفف فقد علم ما قال الله في المطففين< -ويل للمطففين- إنها أعظم عبادة في حياتك يا أخي فقد قال : >ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد أحب إليه من الصلاة، ولو كان شيء أحب إليه منها لتعبد به ملائكته فمنهم راكع، ومنهم ساجد، ومنهم قائم وقاعد<(رواه الحاكم).
ولهذا كانت الصلاة لها في وصايا رسول الله نصيب وافر، جاء رجل إلى رسول الله فقال : أوصني، قال : >إذا صليت فصل صلاة مودع<(رواه الحاكم بإسناد صحيح) وهل تعلم يا أخي أن المسجد الذي تنعقد فيه صلاة الجماعة هو مهبط رحمة الله، فلهذا كانوا يحرصون على الصلاة فيه، قال سعيد بن المسيب : ما أذن مؤذن منذ عشرين سنة إلا وأنا في المسجد، لأنهم كانوا يعتبرون الصلاة في جماعة باب الدخول إلى بحبوحة العبادة، قال سعيد بن المسيب : من صلى في جماعة فقد ملأ نحره عبادة.
أما من فاتته صلاة الجماعة فيتحسر عليها كتحسرنا نحن على دنيانا وأموالنا ووظائفنا، عن ميمون بن مهران أنه أتى المسجد فقيل له : إن الناس قد انصرفوا، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون، لفضل هذِه الصلاة أحب إلي من ولاية العراق.
وكيف لا ومن صلى ركعتين تحقق له ما يقصده ويرجوه كل أواه حليم، قال : >من صلى ركعتين لم يحدث نفسه فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه<(متفق عليه).
ذ.عبد الحميد صدوق