إنها السفيرة.. العجوز.. نعم العجوز السفيرة!
قالت الأم الأوربية.. تبادل المسؤولون في مركز اسلامي باحدى دول أوربا النظرات، فلم يزدهم قولها سوى الغموض.. ومن ثم، فالمغرب لا تمثله سفيرة في ذلك البلد.. ثم ما علاقة كلامها بإلحاح ابنها على اعتناق الاسلام؟!
كان الطفل قد هرول لاهثا إلى المركز لاعتناق الاسلام.. فسئل عن السبب… فأجاب بحماس طفولي :
- كل ما في الأمر أن صديقي الحميم مسلم، وهو ابن الجيران!.. وأمي هي تلح علي على اعتناق الاسلام!
- وهل أمك مسلمة؟!
فأومأ بالنفي!
اتصل المسؤولون هاتفيا بالأم… فحضرت على التو.. متسائلة وقد أمسكت بشيك :
- هل ثمة رسوم على اعتناق الاسلام؟ كم تريدون؟!
- هل فعلا سيدتي، ترغبين في إسلام ابنك؟!
أجابت بالإيجاب.. وحين سئلت عن السبب… قالت :
- العجوز… السفيرة… نعم العجوز السفيرة!
صمتت.. نظرت إلى المسؤولين وقد بدت عليهمعلامات الاستغراب.. فتابعت :
- جيران مسلمون متدينون.. يصادق ابني ابنهم.. لمست فيهم حسن الجوار والأخلاق والمعاملة.. غير أن ما لفت انتباهي أكثر، العجوز المتوجة على عرشها.. يتنافس أبناؤها وأحفادها على البرور بها ونيل رضاها والتبرك بدعائها.. سألت كل و احد منهم على انفراد، إن كانت العجوز ثرية وستوصي لأحدهما بثروتها.. فكان الجواب واحدا : الأمر ليس كذلك.. إنه أسمى من أموال الدنيا كلها.. إنه أمر رباني بالبرور بالأم.. إنها الخير والبركة، بل إن الجنة تحت قدميها!
- كم أغبط هذه العجوز.. ولذلك، أريد أن يعتنق ابني الاسلام، حتى أحظى منه بالحب وحسن الرعاية في خريف عمري، حيث الضعف والوحدة…
انفجرت باكية :
- لا أريد أن أموت وحيدة كئيبة في دار للعجزة.. كما حدث لأمي وجدتي.. أكره دور العجزة، إنها كوابيس تؤرقني كلما تقدم بي العمر.. مازالت معاناة أمي ترن في مسمعي، حين كنت أهاتفهابين الحين والآخر… كنت أومن أن دورها قد انتهى في حياتي وفي حياتها أيضا، فتخليت عنها، كما تخلت عن أمها.. من حقي أن أعيش حياتي بكل مباهجها ولاو قت لي للالتفات إليها!.
إني لأغبط هذه العجوز.. إنها حقا سفيرة الجنوب، حيث الحضارة الاسلامية.. وحيث عمق العلاقات الانسانية ودفؤها وتكريم الأم الحق… إلى الشمال المتقدم ماديا، المتقهقر عاطفيا، حيث دور العجزة والوحدة والألم!
كيف أتبوأ مكانتها؟! الحل الوحيد هو إسلام ابني…!
(ü) روى لي هذه القصة أحد علمائنا الأجلاء.
ذة.نبيلة عزوزي