أصبح اسم النبي محمد عليه الصلاة والسلام والرسوم المسيئة إليه التي نشرتها عدة صحف غربية، منها صحيفة فرنسية، محور حديث الأسر الفرنسية، بعدما أخذت قضية الرسوم اهتماما كبيرا من وسائل الإعلام الفرنسية التي تمحور جزء كبير من تغطيتها على إشكاليات تتعلق بالمسلمين والإسلام وبشخصية نبي الإسلام.
وطالعت مجلة “نوفيل أوبسرفاتور” ذات الخط اليساري في عددها للأسبوع الجاري قراءها بعنوان ضخم تصدر غلافها يقول: “الحقيقة حول الإسلام في فرنسا”، أما مجلة “لكسبراس” اليمينية فصدرت صفحتها الأولى بصورة لمحجبة ترتدي العلم الفرنسي وفوقها عنوان يقول: “تحقيق حول صعود الإسلام”، أما مجلة “كورييه إنترناسيونال” فاختارت لصفحتها الأولى فتاة محجبة من حركة المقاومة الإسلامية “حماس” تضع على جبهتها الشارة الخضراء المميزة للحركة مكتوب عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، وفوقها عنوان “الإسلامية”، وتتساءل المجلة بعنوان فرعي “لماذا هذا الانتشار في كل مكان”؟.
هذا في الوقت الذي قامت به محطات التلفزة الفرنسية بإدارة نقاشات بين المثقفين الفرنسيين المسلمين وغير المسلمين، كما قامت بعض المحطات ببث بعض الأفلام الوثائقية عن الحضارة الإسلامية، فيما عمدت بعض المحطات الأخرى إلى ربط الاحتجاجات حول الرسوم بصعود الحركات الإسلامية سياسيا، خاصة في مصر وفلسطين.
وشهدت مبيعات الكتب التي تتحدث عن الإسلام ونسخ القرآن الكريم ارتفاعا ملحوظا في فرنسا منذ اشتعال الاحتجاجات الإسلامية المنددة بنشر صحيفة “جيلاندس بوستن” الدانماركية رسوما كاريكاتيرية مسيئة للرسول الكريم، وتبعتها في ذلك عدة صحف غربية منها صحيفة “فرانس سوار” الفرنسية.
اهتمام متزايد
وفي تعليقه على هذا الاهتمام الإعلامي يقول “إكسافييه ترنيزيان” الصحفي المختص في الإسلام الفرنسي بجريدة “لوموند” الفرنسية في تصريحات لشبكة إسلام أون لاين.نت السبت 2006/2/11 “إن هذا الاهتمام بدا منذ عامين ويزداد كلما صعدت إلى الأمر قضية المسلمون أحد أطرافها، وهذا يعود إلى الإشكاليات التي يطرحها هذا الدين والتحديات التي تنبع من تناول بعض قضاياه”.
وحول تقييمه للصورة العامة التي يتناول بها الإعلام الفرنسي الإسلام، والتحديات التي تواجه مسلمي فرنسا أضاف ترنيزيان، وهو أيضا صاحب كتاب “فرنسا.. المساجد”، أن “المسلمين يعتقدون أن الصورة الإعلامية التي تشملهم في الإعلام الفرنسي ليست عادلة تجاههم، ولهم انطباع بأن الإعلام ينتقدهم بسهولة أكثر من الأديان الأخرى، وهو ليس بالضرورة تصور صحيح”.
ويقول مراسل إسلام أون لاين.نت في فرنسا: إن الاهتمام بالإسلام وبالمسلمين الفرنسيين بدأ منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن هذا الاهتمام شهد ذروته مع النقاشات والاحتجاجات التي رافقت سن قانون عام 2004 الذي يمنع الرموز الدينية الظاهرة، ومنها الحجاب، في المدارس الحكومية الفرنسية.
من جهته قال “العربي كشاط “عميد مسجد الدعوة في باريس لـ”إسلام أون لاين.نت”: لعله من إيجابيات قضية الرسوم أن اسم محمد صلى الله عليه وسلم أصبح في كل بيت فرنسي، وهذا من الإعجاز الإلهي الذي يجعل هذا الدين حيا في النفوس، باعتباره دينا ذا رسالة عالمية جاء للبشرية جمعاء من غير تفرقة بين الأجناس”.
وفي استطلاع للآراء أجرته جريدة “لاكروا” الفرنسية بالاشتراك مع مركز سبر الآراء الفرنسي (أس أس آه)، ونشر في جريدة لاكروا في عددها ليوم الخميس 2006/2/9 اعتبر 54% من الفرنسيين أنهم يعارضون نشر الصور المسيئة للرسول، وقال 78% منهم: إنهم يتوقعون تصاعدا لأعمال العنف نتيجة نشر هذه الصور.
وثيقة احترام الأديان
وفي سياق الاهتمام المتصاعد بالإسلام والمسلمين وبقضية الرسوم وقع 200 مثقف أوربي وعربي عريضة حصلت “إسلام أون لاين.نت” على نسخة منها يطالبون فيها “باحترام الأديان وعدم الخلط بين الإسلام والإرهاب”.
وناشد الموقعون “وسائل الإعلام ورجال السياسة وكل المواطنين في الغرب والعالم العربي والإسلامي التنبه لخطورة الخلط والتعميم والمزايدة”، وقال الموقعون في بيانهم: “الظرف جد حساس، ويفرض على الجميع التحلي بأقصى قدر من التعقل والمسئولية؛ كي لا تزداد الهوة اتساعا (بين الغرب والعالم الإسلامي)، وحتى نستطيع تجسيرها والحفاظ على السلم والتعاون الدولي والصداقة بين الشعوب، والتآزر المثمر بين الحضارات”.
ومن بين الموقعين على العريضة الوزيرة الفرنسية السابقة “مارتين آبري” و”روبير مينار” الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” الفرنسية، وهيثم مناع المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان، والحقوقي التونسي المنصف المرزوقي، والمفكر السوري المقيم في باريس برهان غليون، والكاتب الدانماركي أندرس جيريشو، والشيخ ضو مسكين الأمين العام لمجلس الأئمة بفرنسا، والصحفي تيسير علوني المعتقل في أحد السجون الأسبانية.
> إسلام أونلاين