إن المخططات الرهيبة للتخريب الداخلي خطيرة، وما خفي منها كان أعظم، ومن الغفلة والسذاجة، بل والجهل المكعب الإعلان المكرر والمتواصل والاحتفالات والمظاهر المتعاقبة المتصلة بالقرارات والإجراءات والخطوات بالقضاء على الفقر وعلى الأمية وعلى السكن غير اللائق وعلى مضاعفات الأسِرّة وعدد ليالي النوم للرفع من حجم السياحة وعلى التنمية القروية والمدنية والجبلية والسهلية والبحرية وغير ذلك مما نقرأ ونسمع عبر الإعلام الرسمي في عالمنا العربي والإسلامي…
وما سمعنا قط الاهتمام ببناء ” الإنسان ” على أساس سلامة العقيدة ومتانتها وفعاليتها، وعلى أساس الأخلاق الكريمة والخلال الحميدة البناءة، وعلى أساس التكوين العلمي والمهني والتكنولوجي المرتبط بالحاجات الضرورية للتنمية، وربط المدرسة والجامعة بالجهاز الصناعي والإداري والاجتماعي وتعزيز ذلك بإعلام راشد وإدارة واعية فعالة ومجتمع مدني يقظ ونشيط، ونهضة اجتماعية شاملة تتغذى من محيطها وتغذي محيطها، وكل ذلك يجب أن يكون محاطا بسياج قوي وصلب وواع ومسؤول للحماية والصيانة والتأمين…
لكن الذي نرى هو استفحال الأمية الحضارية والغباء الإداري والفوضى في الإعلام وفي التسيير، والتقهقر في التعليم وانصراف المجتمعات المدنية عن الاهتمام ببناء الأمة وسد ما يصيبها من الخلل والغفلة شبه الشاملة عن مواجهة المؤامرات التخريبية الداخلية والخارجية، وفي خضم ذلك تنشط أجهزة التخريب n بالداخل – المحلية والمستوردة والمصدرة إلينا عبر المساعدات والمعاونات في مجال الاقتصاد والثقافة والتعليم والإعلام وعبر السياحة وبعض الفنون!!
إن بلاد المسلمين تتمتع بحرية التخريب للإنسان وأخلاقه، وليس لها حدود، فإن سارت الأمور هكذا أو بعبارة أخرى إذا سارت التنمية التخريبية على هذه الوتيرة فإن آفاقنا المستقبلية ملبدة بغيوم الكوارث والمآسي التي تنذر بأخطار تفوق ما تعانيه بلاد إسلامية وعربية التي هي أمثلة حية وماثلة أمامنا. إن ما يقع في العراق ولبنان والسودان قد يزحف هذا الواقع على بلدان مجاورة أو بالأطراف، أما حالات البوسنة وأفغانستان وباكستان فإننا في غفلة عنها وساهون عن مآسيها…
إن الاعتقاد أننا ننمو أو في طريق النمو اعتقاد باطل … إننا في الحقيقة نسير بسرعة فائقة وخطوات جبارة نحو الخراب والدمار والانحدار.. فالأخسرون أعمالا هم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.