مقالة مترجمة
حتى القادة العسكريون الأمريكيون
لم يعودوا مقتنعين بالانتصار
Même les généraux US ne croient plus en la victoire
هذه ترجمة لمقال بقلم الصحافي كلود انجيلي تم نشره في الصحيفة الأسبوعية الفرنسية لو كنار انشينيه بتاريخ 30/11/.2005
وقد قمنا بترجمته لما فيه من معلومات قيمة جدا حول قرب هزيمة قوات الاحتلال في العراق.
إذا كانت مصادرها من واشنطن أو من بغداد أو من العسكريين في الحلف الأطلسي، فإن كافة المعلومات متطابقة : إن قادة الحرب في العراق يؤكدون بأنه ليس بوسعهم كسب الحرب.
لا يوجد أي مجال، وحتى على الأمد البعيد، لمناقشة إمكانية تحقيق النصر على” المتمردين”.
إن رؤساء المارينز ليس لديهم ما يشغلهم سوى التهيؤ للانسحاب من العراق. ولكن من سخرية القدر المأساوي، أن أمريكا العظمى لا يمكن لها أن تقرر الانسحاب الآن. إلا إذا وافقت على فقد ماء وجهها، وإن الجنود الأمريكيين مضطرون لخوض المعارك خلال سنوات أخرى قبل أن يستطيعوا العودة إلى بلادهم.
خلال اجتماع لقيادة العمليات الخاصة، الذي عقد يومي 19 و 20 تشرين الأول (اوكتوبر) المنصرم في تامبا (فلوريدا)، الذي كان قد شارك فيه ملحقون عسكريون أجانب، كثير من الضباط الكبار الأمريكيين قيموا الوضع في العراق ب “انتفاضة شعبية عامة ليست مقتصرة فقط على الأقلية السنية”.
وإن وزير الدفاع الفرنسي، في أحدى ملاحظاته إلى بعض المقربين، أشار إلى ارتياحه لعملية النقد الذاتي من قبل هؤلاء الضباط الأمريكيين.
اعتراف خبراء عسكريين
صقور البنتاغون يقدمون، بين وقت وآخر، اعترافات تصب في نفس المنحى المشار إليه. عندما يصرحون : بأن القوات العراقية، جيشاً وشرطة، سيكونون قريبا مؤهلين لاستلام ما يتعلق بأمن البلد.
وبدون خشية الوقوع في تناقض، هم أنفسهم يزودون وسائل الإعلام، الممنوعة من التواجد في العراق، بأننتيجة العمليات العسكرية، التي لا تحصى، ومنها “الستار الحديدي” على الحدود العراقية السورية، التي استعملت فيها الطائرات والمروحيات والدبابات، هي العاشرة أو الثانية عشر عملية عسكرية من نفس النوعية، في هذه المحافظة ” الأنبار ” بانتظار العملية المقبلة. وكل هذه العمليات لم يحققوا فيها أي نصر ملموس لحد الآن.
إن الجنرال جوزيف تالوتو، قائد المنطقتين الشمالية والوسطى في العراق، يعترف بأنهم يعانون، يوميا وبدون انقطاع، من العبوات الناسفة المصنعة محليا والتي تؤدي إلى إلحاق خسائر كبيرة بين صفوفهم.
وأشار تقرير حديث، أعد بعناية في باريس، موجه إلى البنتاغون، بأن القوات الأمريكية استطاعت الاستيلاء على ” 1300 مدفع هاون و 1300 صاروخ و 2800 قذيفة صواريخ، التي كان من المتوقع أن تستعمل، من قبل المقاومة، لأهداف عديدة”. ولكن عملية الاستيلاء هذه لم تستطع منح الثقة لهذا الجنرال.
ولهذا السبب فإنه قرر تخفيض عدد المواقع العسكرية الأمريكية في المنطقة المسئول عنها من ” 27 إلى 17 ” لأنه حسب تقديره بأن تقليل الأهداف، أمام المقاومة، سيؤدي إلى تخفيض الخسائر.
وحسب جنرال آخر، الذي قدم تحليلات تفيد دوائر المخابرات الفرنسية، : جام كونوي، مدير العمليات في هيئة القيادة العسكرية الأمريكية، فإنه أشار إلى أنه بالإضافة إلى تعدد أنواع القنابل المصنعة محليا، هناك كمية كبيرة من الأسلحة التي تصل عبر الحدود التي لا يمكن السيطرة عليها لكثرة الثغرات فيها.
وإن ممثله في العراق، الجنرال ريك لينش، ذكر بأن عدد الهجمات التي قامت بها المقاومة خلال أسبوع واحد ” بين نهاية تشرين الأول ( اوكتوبر) وبداية تشرين الثاني ( نوفمبر) “، بلغت 569 عملية، و 40% من هذه الهجمات كانت بقنابل مصنعة محليا والتي أدت إلى مقتل 64% من القتلى الأمريكيين.
هذه مجرد صورة لأسبوع خريفي عادي.
وأخيرا، دليل جديد على اضطراب ومعاناة أمريكا حاليا، فإن الجنرال لينش قام بدعوة ضباط ونواب ضباط صدام حسين للانخراط في القوات العراقية التي يتم تمويلها من قبل الأمريكان.
وبهذه الدعوة، يأمل بدون شك، أنه بواسطة هذه الطريقة يستطيع وضع حد لإبقاء كافة المنتسبين إلى هذه القوات من الشيعة فقط.
وحسب تقرير الجنرال كونوي : أن مجموعات من الخبراء العسكريين الأمريكيين قاموا بالسفر إلى ايرلندا الشمالية وإلى ( إسرائيل )، بشكل سري، لغرض تعلم وسيلة تحميهم من العبوات الناسفة التي توجه من بعد والتي يتم زرعها على جانبي الطرق.
نعم إننا نحتاج إلى التعلم وفي أي عمر نكون.
الرصد الدبلوماسي
السفارات الغربية في بغداد ليس لديها نفس التحليل للأحداث. مثلا في شهر تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، بعد الاقتراع على الدستور، بارك السفير الأمريكي ” الخطوة الكبيرة نحو الديمقراطية ” مع ابتسامة عريضة ممتزجة بنوع من التحدي تجاه مخاطبيه.
إن تفاؤله هذا لم يدم طويلا أمام العديد من هجمات المقاومة.
بيرنارد باجوليه، سفير فرنسا لدى العراق، غالبا ما يكون متفقا مع نظرائه الأوربيين، فإن البرقيات التي يرسلها إلى وزارة الخارجية تعتبر تحذيرية ويبدو متشائما من مستقبل الوضع في العراق.
في بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، أشار إلى (الطائفية) للمجتمع العراقي التي تكس نتائج الاقتراع على الدستور والمخاطر لاحتمال مواجهة طائفية.
إن الوضع حسب بيرنارد باجوليه ؛ سيستمر بالاتجاه نحو الأسوأ، ليس فقط في بغداد التي تسيطر المقاومة على عدة أحياء منها، ولكن العراق بأكمله يسير نحو حرب أهلية.
ويشير السفير الفرنسي، أخيرا، إلى أن التصريحات التي تؤكد على ” أن قوات الشرطة والجيش العراقية ستستطيع قريبا من السيطرة على أمن البلاد وعلى حدوده وتحل، تدريجيا، محل القوات الأمريكية ” ما هي إلا أسطورة خيالية.
قبل أسبوعين من الانتخابات التشريعية، في 15 كانون الأول ( ديسمبر )، لا شيء تغير في العراق، كما يقال في وزارة الخارجية الفرنسية، وهم يعلمون أن بوش سيحاول، طمأنة الرأي العام الأمريكي كعادته.
وأخيرا فإن أحد الدبلوماسيين الفرنسيين أكد حول هذا الموضوع، قائلا : ” العامل السياسي والإرهابي للحرب الأمريكية سوف يكون عبئا ثقيلا، وحتى بالنسبة لنا نحن الأوربيين، خلال العشرة أو العشرين عام المقبلة.
هذه هي، أيضا، نتيجة العولمة.
ترجمة د.عبد الاله الراوي
——
(ü) دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
hamadalrawi@maktoob.com