توطئة : وتشتمل على نقطتين :
> الأولى : في بيان دلالات إشراك المرأة في عمل المجالس العلمية المحلية.
من المعلوم أن غــــاية الخلق العبادة: {وما خلقت الجن والانــــس إلا ليعبــــــدون}(الذاريات :56)، وأن غاية العبادة التقوى: {ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}(البقرة :61). والقرآن الكريم حين طلب العبادة والتقوى طلبها من جميع الناس، والناس رجل وامرأة: {ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء…}(النساء :1)، فقرر ههنا أن المرأة شريكة الرجل في الخلق، والقرآن حين وصف المؤمنين قال: {…العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والنــــاهـــــــون عــــن المنكر…}(التوبة :112)، وحين وصف المؤمنات قال: {مسلمات مومنات قانتات تائبات عابدات سائحات…}(التحريم :5)، فقرر ههنا أيضا أن المرأة شريكة الرجل في العبادة، والعبادة الكلية لا تكتمل إلا بإقامة الدين لله، وأساس إقامة الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن هنا وصف الله المؤمنين والمؤمنات بهذه الخصيصة التي تثبت خيريتهم وفضلهم على سائر الأمم، فقال عز وجل: {والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويوتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله…}(لتوبة :71)، فقدم الأمر والنهي على سائر الطاعات الواجبة؛ لأن الولاية تقتضي التعاون والتضامن والتكافل في تحقيق الخير ودفع الشر، وبين أن المومنين والمؤمنات حقا هم الذين يمتثلون الأمر الإلاهي بدعوة الخلق إلى العبادة: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر…}(آل عمران: 104). ورأس المعروف هو العلم بالله ومعرفة طريق عبادته، ورأس المنكر هو الجهل بالله وبطريق عبادته، كما هو شائع في منكرات هذا الزمان.
تأسيسا على هذه المفاهيم المترابطة في هدي القرآن، أذن للمرأة المسلمة منذ فجر الإسلام بتعلم الدين وتعليمه وإذاعته، وأذن للمرأة المسلمة المغربية في القرن الماضي بولوج جامع القرويين، الذي أسس على وقف امرأة، وذلك من خلال معهد الفتيات التابع له، والذي تخرجت منه أول دفعة للعالمات.
ومنذ عهد قريب، تم تعيين طائفة من النساء العالمات في المجالس العلمية، وهو تعيين يدخل ضمن سلسلة من الإصلاحات التي دشن بها المغرب عهده الجديد، ويحمل في طياته إيحاءات ودلالات، أهمها:
* تأكيد التزام المرأة المسلمة بدين الله.
* تحقيق مساواتها بشقيقها الرجل في الأمر والنهي، كما قرر القرآن الكريم.
* توثيق صلة المرأة المعاصرة بسلفها من العالمات والصالحات.
* تجديد الثقة في قدرة المرأة على تدبير الشأن الديني، ونشر الوعي الإسلامي الصحيح.
من وحي هذه الدلالات وغيرها، نسلط بعض الأضواء على عمل المرأة في المجلس العلمي لنبرز أهميته ومميزاته وآفاقه. وتمهيدا لذلك نقدم ورقة تعريفية موجزة عن المجلس العلمي لفاس، تحدد أهدافه ووظائفه الكبرى التي يمكن أن تجسد أرضية للتشارك والتنسيق بينه وبين الجمعيات والمؤسسات المهتمة بالشأن الأسري خاصة، وتبرز موقع عمل المرأة من برامج المجلس واستراتيجياته وأنشطته، وذلكم هي:
> الثانية: نظرة تعريفية موجزة بالمجلس العلمي.
هذه النظرة استقيناها من المادة 13 من الظهير الشريف، الذي يؤطر عمل المجالس العلمية المحلية، ومن الخطاب الملكي السامي الذي ألقي في 30 أبريل 2004، ودشن به جلالة الملك الانطلاقة الجديدة للمجالس العلمية، وتنتظم هذه النظرة نظرات:
< في تاريخه :
تدرج المجلس العلمي المحلي لفاس في خمسة أطوار منذ تأسيسه أول مرة عام 1332هـ برئاسة العلامة محمد ابن الحسن الحجوي الثعالبي – رحمه الله -. إلى حين تعيين رئيسه العلامة عبد الحي عمور وأعضائه في 22 / أبريل / 2004، وقد بلغت المجالس العلمية في هذا العهد 30 مجلسا.
< في تعيين أعضائه وصفاتهم :
يعينون بظهير شريف،ويختارون” من بين الشخصيات العلمية المشهود لها بالحضور المتميز في مجال الثقافة الإسلامية والتوعية الدينية والكفاية والدراية في مجال الفقه الإسلامي، والإسهام الجاد في إغناء الدراسات الإسلامية، والمعرفة العميقة بأحوال البلد ومستجدات العصر، والتحلي بقويم السلوك وحسن الأخلاق”(ظ 22/4/4. م11).
< في أهدافه :
- “الحفاظ على الأمن الروحي للمغرب” (خ30/4/4).
- “حماية عقيدة المواطنين وعقولهم من الضالين المضلين”(خ30/4/4).
- “صيانة الحقل الديني من التطاول عليه من بعض الخوارج عن الإطار المؤسسي الشرعي” (خ30/4/4).
< في وظائفه :
> أهمها
- “نشر مبادىء الدين الإسلامي الحنيف” (ظ22/4/4).
- “ترسيخ قيمه السامية وتعاليمه السمحة” (ظ22/4/4).
- “صيانة مقومات الشخصية المغربية والإسهام في تحصينها” (ظ22/4.م13).
> أخصها
- الإشراف على كراسي الوعظ والإرشاد والثقافة الإسلامية.
- تنظيم حلقات خاصة للتوعية والتوجيه الديني لفائدة المرأة المسلمة تؤطرها بصفة خاصة شخصيات علمية نسائية
- الإشراف على إعداد مسابقات دورية لحفظ القرآن الكريم وتجويده.
- الإسهام في تأطير حملات محو الأمية بسائر مساجد المملكة.
- الاضطلاع بمهمة إرشاد المواطنين والمواطنات المغاربة من المسلمين في أمور دينهم، ولاسيما تيسير سبل اطلاعهم على أحكام الشرع المتعلقة بحياتهم الخاصة.
- تنظيم ندوات علمية وموائد مستديرة لدراسة قضايا الفكر الإسلامي المعاصر والإسهام في نشر الوعي الإسلامي الصحيح.
- الإشراف على عمليات اختيار القيمين الدينيين واختبار قدراتهم العلمية والفقهية لشغل مهام الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد بمختلف مساجد المملكة.
- تنظيم دورات التكوين الأساسي والتكوين المستمر لفائدة القيمين الدينيين بصفة منتظمة قصد تأهيلهم والرفع من مستوى أدائهم…(ظ22/4/4.م13).
أهمية العمل النسائي دخل المجلس العلمي
تبين فيما تقدم أن إشراك المرأة في وظائف المجلس العلمي الكبرى ، سواء على مستوى تنظيم حلقات خاصة للتوعية الدينية، أو على مستوى إرشاد المواطنين والمواطنات في أمور دينهم، أوعلى مستوى الإشراف على عملية تزكية الواعظات خاصة…وغير ذلك؛ فيه دلالة على أن عمل المرأة في قلب اهتمام المجالس العلمية ، وأن هذا العمل عزز دور المرأة ، بوصفها توأم الرجل في الدعوة والركن الأساس للأسرة، في التوجيه الديني السليم لمختلف شرائح المجتمع وفئاته، وخاصة في القطاع العريض من النساء المتعطشات لمعرفة دينهن وطريق عبادة ربهن. ومن هذا الجانب فإن المرأة بحكم طبيعتها المتميزة بالصبر والأناة والإخلاص هي المرشحة للتعامل مع أختها فيما يتعلق بالإجابة عن إشكالاتها الخاصة جدا، وتصحيح عاداتها الفاسدة، بما تنشر من قيم الخير والصلاح، وذلك من خلال دروس تعليمية أو محاضرات وندوات علمية ودينية…
وعلى هذا الشأن جرى عملنا، فقد كونا عند التعيين خلية نسائية، مكونة من ست عضوات ذوات كفاءات علمية ودعوية، يقمن ببرمجة أنشطتهن الدينية والثقافية دوريا، في مختلف الموضوعات التي تمس حياة الفرد والمجتمع، ولاسيما النساء، ثم لما أسندت إلينا مهمة الإشراف على هذه الخلية، عملنا في إطار من التشارك والتعاون والتنسيق على اقتراح جملة من البرامج والاستراتيجيات لأنشطة الخلية ومنهج عملها، وأنجزنا-بحمد الله- طائفة كبيرة من الدروس التعليمية في المساجد ودور القرآن لفائدة النساء، ونسبة هامة من المحاضرات والندوات التي ألقيت في المجلس العلمي، ورابطة علماء المغرب، والمؤسسات التعليمية، ومؤسسات تكوين الأطر، ودور الشباب والنوادي النسوية، والإصلاحيات، والجمعيات، والسجون… وذلك لفائدة الشباب وأطر التدريس، ورائدات النوادي والجمعيات، ونزيلات السجون… كما قمنا بسلسلة من الأحاديث الإذاعية والتلفزية التي سجلت في إذاعة فاس الجهوية والقناة الأولى، ضمن البرامج التالية : “حديث المجالس”، و”الكلمة الطيبة”، و”يسألونك”.
ولقد رمنا من وراء هذه الإنجازات الإجابة عن الأسئلة التي تراود نساءنا وإيجاد حلول لمشاكلهن، والإسهام في تماسك أسرهن، واستئصال الفاسد من عاداتهن، كما حاولنا الإصغاء إلى الشباب من نافذة واقعهم ومشاكلهم، وبالنظر إلى خصوصيات بيئتهم، وبث النوافح الإيمانية في قلوبهم، وإعادة الثقة في هويتهم الإسلامية، وتحفيز هممهم على مزيد من التحصيل والمعرفة، وبعث كل الطاقات الإيجابية الكامنة فيهم وتسخيرها في بناء الوطن والمجتمع وتحقيق نهضة المسلمين.
وبالجملة، فقد أسهمت هذه الإنجازات الهامة في التأكيد على أن عمل المرأة في المجلس العلمي فريضة شرعية، تحقق المرأة بالتزامها النصيحة التي قال الرسول بشأنها: ” الدين النصيحة”، ولاسيما في هذا الزمان الذي يعيش فيه الإسلام ومجتمعاته وأسره تحديات كبرى على كافة المستويات…، كما أسهمت في التأكيد على أن هذا العمل ضرورة تنموية ، من حيث إن دور المرأة الداعية الأساس هو توعية المرأة لتنمية الأسرة، اللبنة الأساس في المجتمع، والعربة الأولى التي تدفع قاطرة التنمية في الأمة، فبغير هذا العمل النسائي الدعوي الذي يسعى بمعية العمل الرجالي إلى علاج كثير من الأدواء والمشكلات في أوساط النساء والشباب والأسر، وإشاعة قيم التكافل والتعاون والأمن والسلام بين الأسر وسائر فئات المجتمع، بغير ذلك لاسبيل إلى تحقيق تنمية أو نهضة لهذه الأمة… وفوق هذا وذاك فإن هذه الإنجازات اكتسبت، بنسبتها إلى أعمال المجلس، أهمية تواصلية، حيث رتقت ما انقطع من أوصال رحم المجلس بمختلف هيئات المجتمع وفئاته، وزادت من حركيته وفاعليته، وعبرت عن حس المرأة الاجتماعي في مجال التواصل العملي مع الفعاليات المهتمة بالشأن الأسري، ولعل تنظيم خلية المرأة والأسرة التابعة للمجلس لهذه الأمسية يجسد أوضح دليل على ذلك.
انطلاقا من هذه الأهمية، نمضي في تحديد أهم مميزات العمل النسائي داخل المجلس العلمي لفاس.
مميزات العمل النسائي داخل المجالس العلمية
وأهمها ثلاثة :
1- التشارك والتشاور
بما أن قضية الرجل والمرأة في القرآن الكريم هي قضية النفس الواحدة التي خلقها الله وخلق منها زوجها، وبما أن الإسلام قرر مبدأ الشورى في كل أمر، فقد حرصت المرأة العضو في مجلس فاس على مشاركة السادة العلماء العمل داخل لجن المجلس الدائمة، وتبادلت معهم المشورة والرأي بخصوص برامج الأنشطة الثقافية والعلمية التي ينظمها المجلس وشاركتهم في إعداد تقارير اللجن، واقتراح أعمالها ومناقشة تلك الأعمال، كما شاركتهم في إعداد دليل لدروس الوعظ والإرشاد يرتقب، بعد طبعه، أن يعمم على سائر وعاظ الإقليم لتيسير مهمتهم التبليغية.
وتفعيلا لمبدأ التشارك والتشاور، تم مؤخرا إدراج عمل النساء في جميع اللجن على مستوى الاقتراح والتنظيم والإنجاز. وبناء عليه عقدت المرأة في المجلس ندوات علمية ودينية لفائدة النساء والرجال- بعد أن كان جمهورها من النساء في الغالب- وانضمت في تأطيرها إلى العلماء المتنورين والأطباء المتخصصين، ولاسيما في رمضان الأخير. ومن منطلق هذه الخصيصة نطمح إلى مشاركة أكبر تعالج بها مشاكل النساء والرجال والأسر بالمفهوم الصحيح الشامل الذي لايبيح للرجل أن يدير شؤون حياته بمعزل عن المرأة وبالعكس. وإن هذه الأمسية التي نظمناها اليوم تعبر عن هذا الطموح بوضوح، إذ هي رغبة جادة في توسيع دائرة التشارك والتنسيق مع مختلف فعاليات المجتمع وهيئاته، ولاسيما المهتمة بالشأن الأسري، وذلك تفعيلا للخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة إلى المجالس العلمية، حيث قال : (وإن المجالس العلمية مؤسسة مرجعية لا ينبغي أن تبقى جزرا مهجورة من طرف باقي العلماء). ولهذا فإن المجلس العلمي، ممثلا في رئيسه وأعضائه وفروعه، يسعى جاهدا إلى استيعاب العلماء غير الأعضاء بالمجلس من ذوي المشارب والتخصصات العلمية والدينية المختلفة، والاستفادة منهم في تأطير نشاطاته وتفعيل لجانه، وهو يتوق الآن إلى التواصل مع هيئات المجتمع الأخرى ليحقق غيضا من فيض طموحاته وتطلعاته.
2- التنوع :
ويمكن رصده على مستويات ثلاثة:
مستوى المضامين :
وذلك مظهر من مظاهر التشارك الذي طبع عمل المرأة والرجل في المجلس العلمي، حيث إن الرؤية العامة لنشاط المجلس اتجهت منذ البداية إلى طرق موضوعات جديدة لم تطرح على بساط البحث والمعالجة من قبل، موضوعات تؤصل للقديم وتصله بالحاضر القريب، وتبرز تكامل المعرفة الإسلامية وثراءها واستجابتها لمتطلبات العصر، مثل موضوعات: الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، والبيئة في الإسلام، وتجديد الفقه الإسلامي، وخصائص المذهب المالكي…
وانسجاما مع هذه الرؤية الشمولية للموضوعات الإسلامية، سعت المرأة في مجلس فاس إلى التنويع في عطائها العلمي، فلم تحصر موضوعات أنشطتها التوجيهية والتثقيفية في تعليم النساء أمور دينهن، ولاسيما في مجال فقه النساء، وأمور الحيض والنفاس، بل تناولت أيضا موضوعات طرقت جوانب علمية من ثقافتنا الإسلامية الأصيلة والمعاصرة؛ مثل: مسألة القواعد الفقهية، وقضايا الإعجاز العلمي، وموضوعات معاصرة تؤرق الأسر والطفولة والشباب؛ كآفة المخدرات والانحلال الخلقي، وقطيعة الأرحام، وسوء المعاشرة بين الأزواج…
ونحن الآن نتطلع إلى إعداد برنامج سنوي متنوع الموضوعات، ومستوعب لمختلف مجالات حقول المعرفة الإسلامية، ومواكب لتحديات العصر وقضاياه، وسيكون لقضايا التربية والأسرة- التي تميل المرأة إلى إعطائها الأولوية- حظها الواجب من المعالجة الشرعية.
مستوى المؤطرين
بعد مضي قرابة عام ونصف على التعيين، تعزز النسيج النسائي في المجلس العلمي بكفاءات نسائية تنتمي إلى مختلف الأسلاك التعليمية والتخصصات العلمية؛ منهن الأستاذات الجامعيات في العلوم الشرعية والمادية، والمدرسات في أسلاك التعليم المختلفة، والموجزات في علوم الشريعة.
مستوى الأمكنة
تبين فيما تقدم أن الأمكنة المحتضنة لنشاط الخلية متنوعة، بدءا من المساجد، مرورا بالإصلاحيات والسجون، وصولا إلى المؤسسات التعليمية والنوادي النسوية. ولقد أخذ العمل النسائي على عاتقه في الآونة الأخيرة مسؤولية تغطية المساجد الكبرى في المدينة، ولاسيما مساجد المدينة العتيقة والأحياء الشعبية حيث يفشو الفساد والجهل والإجرام، ويكثر الطلب من النساء على تخصيصهن بيوم يلقين فيه أخواتهن الواعظات للتزود من معين التوجيه الديني، ولايزال الأمل يحذونا في استقطاب نساء مؤهلات للجندية في سبيل الله لتغطية حاجيات السكان المتزايدة إلى التوعية الدينية في المساجد وغيرها.
3- التفتح :
وهي ميزة أصبحت للمجلس العلمي سجية، فأصبح-بحق- ملتقى للعلماء بمختلف مشاربهم وتخصصاتهم. والناظر في برنامج نشاطه الثقافي والديني يلحظ ذلك بيسر. وهذه الميزة نفسها هي التي طبعت عمل المرأة في المجلس العلمي، حيث لم تقتصر مشاركتها على أعضاء الخلية، بل ضمت إليها جميع الفعاليات الثقافية والكفاءات العلمية، رجالا ونساء، من أعضاء المجلس العلمي وغير الأعضاء به، والخلية تشرئب من خلال عقد هذا اللقاء التواصلي مع الجمعيات المهتمة بالأسرة والطفولة إلى مزيد من الانفتاح على البيئة والمحيط، ومزيد من التأثير والتوجيه في المواطنين. وهذه الرغبة في الانفتاح هي التي دعتنا إلى التفكير والتخطيط لتجديد الخلية وتطوير أدائها وهيكلتها ورسم آفاقها بشكل يجعلها في مستوى التواصل مع النسيج الجمعوي النسائي لأداء المهمة المنوطة بها على أحسن حال، وذلك ما ترسمه آفاق العمل وبرامجه في الخلية، فما هي؟
آفاق العمل النسائي
في العام الماضي رسمنا آفاقا جديدة لعمل الخلية، انتظمت مخططا لهذا العمل تحقق بعضه، ومنه هذه الأمسية التواصلية، وإفساح المجال للراغبات في التطوع للعمل في نطاق الخلية، تجديدا لدمائها وتوسيعا لدائرتها. وضمن هذا المخطط أيضا، نظمنا العمل في الخلية ضمن أربعة مجالات، وهي:
1- مجال التوجيه الديني :
> أهدافه
- نشر تعاليم الدين الحنيف على أوسع نطاق.
- تعليم مبادىء العلم الشرعي الأولية، العقدية والعبادة والسلوكية.
- تصحيح الأوهام والخرافات التي علقت بأذهان النساء فيما يتعلق بأمور دينهن وعاداتهن.
> منهجه
- التدرج بناء على فقه الأولويات، ويقتضي ذلك التدرج في تناول الموضوعات من تصحيح العقيدة والتحذير من أنواع الشعوذة والخرافات أولا، ثم إلى تقويم الأخلاق ثانيا ثم إلى تصحيح المعاملات ثالثا
- المزج بين التعليم والوعظ، كما هو منهج القرآن، فإن الله لا يعبد إلا بعلم، والوعظ فيه تذكير وتخويف يحرضان على العمل بالعلم.
- اجتناب فروع الاختلاف التي سادت بين الأئمة والفقهاء، ابتغاء الوحدة واتقاء الفتنة.
> مكانه
المساجد مع مراعاة مساجد المدينة العتيقة والأحياء الهامشية، وقد راعينا الآن في توزيع الواعظات أن يكن بنات بيئتهن حتى يسهل عليهن التعامل مع واقع الحضور. وبما أن مساجد المدينة كبيرة، فإن حاجتنا ضاغطة إلى داعيات متطوعات، ولا سيما من أطر التربية الوطنية، وأساتذة التربية الإسلامية واللغة العربية، وأصحاب الغيرة الدينية من جميع المستويات والتخصصات العلمية.
2- مجال تحفيظ القرآن :
المكان: المساجد ودور القرآن وسائر الأماكن المتاحة للتحفيظ
الفئة المستهدفة: النساء والأطفال، ذكورا وناثا.
المؤطرات : كل الراغبات في التحفيظ.
3- مجال محو الأمية :
الهدف: تنمية الوعي الديني لدى المرأة الأمية.
المنطلق: دروس التكوين في الضروري من الدين، تنضاف إلى دروس محو الأمية الحرفية.
الفئة المستهدفة: النساء المسجلات في محو الأمية.
المؤطرات : متطوعات في دروس محو الأمية، أو أشخاص يعينهم المجلس العلمي.
4- مجال النشاط الثقافي والاجتماعي:
> أهدافه
- نشر مبادىء الدين الإسلامي الحنيف وقيمه السامية وتعاليمه السمحة في إطار التمسك بكتاب الله وسنة رسوله، والحفاظ على وحدة البلاد في العقيدة والمذهب.
- إرشاد المواطنات في أمور دينهن وتعريفهن بأحكام الشرع المتعلقة بحياتهن الخاصة والعامة.
- رعاية مؤسسة الزواج وتأهيلها والعمل على صيانتها وتماسكها.
- مساعدة النساء ضحايا أوضاع صعبة.
- توجيه الأطفال والشباب نحو تربية سليمة وأخلاق حميدة، ومساعدة الموجودين منهم في ظروف صعبة.
وسائله
- تنظيم المحاضرات والندوات والموائد المستديرة والأيام الدراسية… في جميع الفضاءات التي يوفرها المجلس أو الجمعيات أو هيئات المجتمع الأخرى.
- عقد دورات تدريبية للواعظات للرفع من مستوى أدائهن.
- إنشاء صندوق يموله المحسنون لتيسير سبل الزواج على المعوزين والقيام بحملات إعذار لأبنائهم، وتوزيع كسوة العيد ومعدات الدخول المدرسي.
- تنظيم دورات إرشادية للمقبلين على الزواج وللآباء في طرق تربية الأبناء وعلاج المنحرفين من الشباب، وذلك بتأطير متخصصين في الجانب الشرعي والتربوي والصحي.
- إحداث لجنة متخصصة في فض النزاعات الأسرية تعمل بتنسيق مع الجمعيات الحقوقية ومؤسسة قضاء الأسرة.
- تنظيم برامج تنشيط وتوجيه لفائدة الطفولة والشباب بتنسيق مع الجهات والفعاليات المختصة في هذا الشأن.
- تنظيم زيارات تفقدية لنزيلات السجون والإصلاحيات ونزيلات دار العجزة والخيريات والمستشفيات، وتشتمل على دروس ومحاضرات دينية والتفاتات رمزية.
وإنه لمن الواجب على جميع الفعاليات الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية أن تشارك في تفعيل هذه البرامج والأهداف والوسائل عبر إبرام شراكات وتنسيق نشاطات، وما أشبه. وإذا هي قامت بذلك فلسوف تحقق جملة من الأهداف الكبرى التي سطرها أولو الأمر بالنسبة لعمل المجالس العلمية وغيرها، وأهمها الحفاظ على الأمن الروحي للمواطنين، وحماية عقيدتهم، وتهذيب سلوكهم، وصيانة كرامتهم، وضمان تماسك أسرهم، واتصال أرحامهم… وذلك يحتاج إلى فقه الموازنات وترتيب الأولويات والاحتياجات؛ إذ الحاجة ماسة أولا إلى توعية المرأة دينيا وتأهيلها تربويا، لتقوم أبناءها وتساند زوجها، والحاجة ماسة ثانيا إلى إحلال المودة بدل الجفوة والرحمة بدل القسوة بين الأزواج، والحاجة ماسة ثالثا إلى غرس الفضيلة في نفوس الشباب وصيانة عقولهم من الانحراف، والحاجة ماسة رابعا إلى بث الأمل في نفوس الخاطئين والخاطئات، والمحرومين والمحرومات. والله الهادي إلى سبيل الرشاد.