في السنوات الأولى للدعوة إلى إنشاء أدب إسلامي ملتزم ضدا على المذاهب الأدبية الأخرى بمختلف مشاربها و ينابيعها ، ظهرت مجموعة من المصطلحات ، هي : الأدب الإسلامي ، أدب الفكرة الإسلامية ، أدب العقيدة الإسلامية ، أدب الفكر الإسلامي ، أدب الدعوة الإسلامية ، الأدب الديني ، الفن الإسلامي ، و هي مصطلحات كانت تتردد على ألسنة الدعاة إلى بعث هذا اللون المتميز من الأدب و أقلامهم ، و لكن لم يصمد من هذه المصطلحات إلا مصطلحان : الأدب الإسلامي و أدب الدعوة الإسلامية”( 22 )
و قد تعددت تعاريف الأدب الإسلامي تعددا يكاد يكون لافتا للنظر ، و إن كان جلّ الأدباء الإسلاميين يمتحون من التعريف الذي عرّف به محمد قطب الأدبَ الإسلاميَّ أولَ مرة حين قال بأن الأدب الإسلامي “هو التعبير الجميل عن الكون و الحياة و الإنسان من خلال تصور الإسلام للكون و الحياةو الإنسان”( 23 ) ، ثم راجت بعده تعاريف عدة نذكر منها ما يلي :
أ ـ يقول د . عماد الدين خليل : “الأدب الإسلامي تعبير جمالي مؤثر بالكلمة عن التصور الإسلامي للوجود .”( 24 )
ب ـ و عرّفه عبد الرحمن رأفت الباشا ، وهو أيضا من الرواد الأوائل و فضله على الأدب الإسلامي لا ينكر ، إذ قال : “هو التعبير الفني الهادف عن وقع الحياة و الكون و الإنسان على وجدان الأديب تعبيرا ينبع من التصور الإسلامي للخالق عز و جل و مخلوقاته”(25 )
ج ـ و عرّفه الدكتور عدنان رضا النحوي قائلا : “الأدب الإسلامي هو فن التعبير باللغة ، يحمل خصائص الفن ، و له عناصره الفنية الخاصة به “و “هو ومضة التفاعل بين الفكر و العاطفة في فطرة الإنسان مع حادثة أو أحداث ، حين تدفع الموهبةُ الأدبيةُ هذه الومضةَ موضوعا فنيا ينطلق على أسلوب التعبير باللغة ممتدا في أغوار النفس الإنسانية و الحياة و الكون و الدنيا والآخرة مع عناصره الفنية التي يَهَبُ كلٌّ منها الأسلوبَ قدرا من الجمال الفني ليشارك الأدبُ الأمةَ في تحقيق أهدافها الإيمانية الثابتة و المرحلية و ليساهم في عمارة الأرض ، و بناء حضارة إيمانية طاهرة و حياة إنسانية نظيفة ، و هو يخضع في ذلك كله لمنهاج الله الحقّ المتكامل قرآنا و سنَّةً”( 26)
د ـ و عرفه الدكتور نجيب الكيلاني تعريفا شاع هو أيضا على ألسنة كثير من الدارسين ، فقال :”الأدب الإسلامي أدب مسؤول ، والمسؤولية الإسلامية التزام نابع من قلب المؤمن و قناعاته”( 27 )
و هناك تعاريف أخرى تتردد في الدراسات النظرية والتطبيقية للأدب الإسلامي ، يصب معظمها في نفس اتجاه التعاريف أعلاه و التي لا تخرج في مجملها عن سبعة ركائز أساسية تحدد المفهوم الشامل للأدب الإسلامي ، و هي :
1 ـ تعبير فني مؤثّر . 2 ـ نابع من ذات مؤمنة .
3 ـ مترجم عن الحياة و الإنسان و الكون .
4 ـ وفق الأسس العقائدية للمسلم . 5 ـ و باعث للمتعة والمنفعة.
6 ـ و محرك للوجدان و الفكر .
7 ـ و محفِّز لاتخاذ موقف ، و القيام بنشاط ما .( 28 )
و كل هذه الأسس تؤكد على أن الأدب الإسلامي “مرتبط بالدين الإسلامي ، الدين الذي يمثل المنهج المتكامل للحياة ، الدين الذي صنع الحضارة و كوّن أمة ، الدين ليس بمعناه الكَنَسِيِّ كعامل مؤثر في أحد جوانب الحياة أو كعامل روحي أو أخلاقي ، بل الدين بمعناه الشامل الذي يعني الخضوع الشامل لمنهجه في شتّى الشؤون ، بل الحياة في ظل هذا المنهج بسلام و رخاء ، الشعور معه بالمحبة و العزة و الطمأنينة ، و لهذا فالأدب الإسلامي وَلِيدُ هذا الدين و هذه الحياة ، لأنه لا يمكن لمن تظلله حياة الإسلام أن يبدع خارج منهج الإسلام ، و لا يمكن داخل مجتمع الإسلام أن ينشأَ أدب غير أدب الإسلام .”( 29 ) ، فالأدب الإسلامي شكل من أشكال العبادة لدى الأديب المسلم ، و نمط من أنماط الخضوع لوحدانية الله عز وجل و ربوبيته التي تسري في عروق المبدع المسلم ، فلا يتكلم إلا وفق ما عليه الرؤية الإسلامية إلى هذا الكون كله ما علمنا منه و ما لم نعلم .
و ما تجدر الإشارة إليه مما سبق ، أن للأدب الإسلامـي جانبين : أحدهما خاص و ثانيهما عام ، فالجانب الخاص “هو جانب فكري يرتبط بالإسلام عقيدة و فكرا و سلوكا و عاطفة ، و الجانب العام تمتد جذوره إلى الإبداع العربي القديم و إلى التراث العالمي المشترك الذي ساهم فيه كل شعب بنصيب ، و خاصة ما يتعلق بالأشكال الفنية التي أصبحت في عصرنا ملكا للجميع لا تحجزها نزوات التعصب العرقية أو الدينية أو السياسية أو المذهبية أو الجغرافية”( 30 )
———–
22 ـ الأدب الإسلامي ضرورة ، ص 58 .
23 ـ منهج الفن الإسلامي ، محمد قطب ، دار الشروق بدون تاريخ ص 6 .
24 ـ مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الثانية 1988 ، ص 69 .
25 ـ نحو مذهب إسلامي في النقد ،ص 92 ، عن الأدب الإسلامي : أصوله و سماته ، الدكتور محمد حسن بريغش ، دار البشير ، عمان الطبعة الأولى 1992 ص 76 .
26 ـ الأدب الإسلامي : إنسانيته و عالميته ، الدكتور عدنان رضا النحوي ، الطبعة الثانية ص 76 ـ 77 .
27 ـ المدخل إلى الأدب الإسلامي ص 32 .
28 ـ نفسه ، ص 36 .
29 ـ الأدب الإسلامي : أصوله و سماته ، ص 103 .
30 ـ مدخل إلى الأدب الإسلامي ، ص 21 ـ 22 .
د.بنعيسى بويوزان