أصبح الوضع الحالي للأمة الإسلامية حساسا جدا، نتيجة للغزو و الاحتلال الذي تعرضت له. وقد تعددت أنواع هذا الغزو إلى فكري واقتصادي ولغوي وتقني وإلى غير ذلك.فأصبح جسد الأمة الإسلامية تؤرقه الجراح، بل وبدأ يفقد بعض أعضائه أيضا. فقد قطعت من أرض الامة مساحات ومساحات، وسلبت أراض وبلدان، والحاملون على ظهورهم أمانة حفظ البلاد وخدمة أمة سيدنا محمد غائبون عن الساحة.
كل هذا يدعونا للتساؤل عن الحل، وللوصول إليه ينبغي علينا فقه أصل المشكلة والوعي بأهداف أعداء هذا الدين الحنيف ومراميهم.
إن الناظر إلى الواقع بعين منصفة يرى التدخل السافر لأمريكا وللغرب بصفة عامة في شئون العالم الإسلامي، ففلسطين مغتصبة ويراد أن تقام دويلات صغيرة ضعيفة هزيلة حولها لعزلها تماما عن جسد الامة، وقد تمت محاولات لإنشاء الدولة القبطية في مصر، والدولة المسيحية في لبنان، والدولة العلوية في سوريا. بل ويراد شر بالمسجد الأقصى المبارك. وها هوذا السودان يفكك أمام الاعين.
وأفغانستان والعراق محتلان، تسلب ثرواتهما ويقتل الأبرياء فيهما.
وإيران وسوريا على مرمى حجر من العدوان.
فكيف استطاع الغرب التدخل في شؤون أمة يمتد كيانها من المشرق إلى المغرب؟
إن الضربة القاضية، والرصاصة التي تلقتها الامة، أول ما جاءت، بدأت من الداخل وليس من الخارج.
نحن الذين جعلنا هؤلاء يتدخلون في شئوننا. ومن العجز إلقاء أخطائنا على الغرب، ومن السذاجة أن ننتظر الغرب ليصلح أخطاءنا.
وجب علينا إقامة البنية الصحيحة لذاتنا والبحث عن جوانب الانحراف والتقصير فينا، والعمل على إصلاحها، وعند ذلك لن يتجرأ احد على التدخل في أمتنا. نحن في الداخل نعيش تقسيمات مذهبية، وفكرية ، وجغرافية، وعرقية يطبعها أمر في غاية الخطورة؛ حب الدنيا وكراهية الموت. وهذه هي حقيقة المشكلة وأصلها، أن يبحث كل واحد منا عن مصالحه الشخصية متجاهلا مصلحة الامة. ففي حديث رسول الله : >يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأَكَلَة على قصعتها< أحال الأمر علينا نحن الذين >أُلْقيَ في قلوبكنا الوهن، الذي هو حب الدينا وكراهية الموت<.
وسبيل الخلاص من هذه الحالة الانهزامية التي نعيشها هي أن نقطع آمالنا من الدنيا الفانية قطعا ونوحد صفوفنا متسامحين، للحفاظ على أمتنا. ونكون كما قال الحبيب المصطفى جسدا واحدا، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الأعضاء لنجدته.
هذا هو السبيل للتخلص من تسلط أعدائنا علينا وعلى حضارتنا واقتصادنا وفكرنا، هذا هو الحل. ولإسقاطه على الواقع المزري يأتي دور الدعوة الإسلامية لأنها الوسيلة لنشر الوعي وثقافة الإسلام والرجوع إلى طريق الله عزوجل.
والدعوة اليوم تسلتزم عدة أمور، منها :
1) تفعيل جاد لدور العلماء، وعدم حصر مهماتهم على الخطب،بل استشارتهم في كل ما يتعلق بالامة لأنهم حاملو إرث رسول الله الذي أتانا بأفضل قانون تشريعي يسمح لنا بالعيش موحدين وفي نظام تام. تشريع كامل لا نقص فيه لأنه تشريع رباني. والله عزوجل هو أعلم بعباده من أنفسهم وبما يصلح لهم.
2) تطوير طرق الخطاب الإسلامي، لا تغييره هو ذاته ، فالإسلام لكل زمان ومكان. بقي أن نقول بان دين الله محفوظ وباق أبدا. قال : >زويت لي الأرض مشارقها ومغاربها وإن ديني سيصل إلى ما زوي لي منها والذي نفس محمد بيده لن يبقى على وجه الارض بيت شعر أو مدر أو حجر إلا ودخله ديني بعز عزيز أو بذل ذليل< وبالتالي فلا قلق على الإسلام. لكن القلق علينا نحن، هل سيرتضينا الله لخدمة دينه ويرضى عنا، ” قال تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}(محمد: 38).
إن تقويم ذواتنا هو السبيل إلى ذلك. جعلنا الله ممن يرتضيهم ويرضى عنهم ويحبهم ويحبونه . آمين
فاطمة الزهراء ابريك