تؤكد بعض الإحصائيات الحديثة المرتبطة بالدراسات الخاصة بتداول الكتاب بين أبناء لغة الضاد، أن معدل نشر الكتاب في العالم العربي أقل من 1% (واحد في المائة)، وهذه حقيقة صادمة، بل صاعقة من الصواعق الكبرى، ويا ليتها بلغت هذا الرقم، فالنسبة دون ذلك، فقد أفاد أحد الباحثين التونسيين في هذا المجال مؤخرا أن معدل نشر الكتاب في العالم العربي لم يتجاوز لحد الآن نسبة 0,7%.
وتبعا لذلك إذا تساءلنا : كم نحن ؟ وكم نقرأ من كتاب؟ وكم يُنشر من كتب؟ سيكون الجواب مقلقا جدا، والنسبة المستفزة الآتية كفيلة بزعزعة الجبال الراسية، لأنها قسمة ضيزى، ومعادلة مختلة، فضعوا أيديكم على قلوبكم وكسروا أقلامكم أيها الكتاب، وألقوا بأجهزة الطبع إلى البحر، ذلك نصيب كل مليون عربي من الكتب المنشورة لا يتجاوز الثلاثين كتابا، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ويأبى هذا الباحث إلا أن يرفع من درجةقلقنا حين يعقد مقارنة بين الواقع العربي لاقتصاد الكتاب، والواقع الأوروبي والأمريكي، فقد ذكر الباحث التونسي في العلوم الثقافية، الأستاذ الحبيب الإمام في خبر نشره عبر الأنترنيت ضمن كتابه : ( الاقتصاد الثقافي) الصادر في 222 صفحة أن معدل نشر الكتب في أوربا يبلغ حسب العناوين 584 عنوانا لكل مليون نسمة، وفي أمريكا يبلغ عدد العناوين 212 لكل مليون ساكن.
وأما في عالمنا العربي فلا يتجاوز عدد العناوين 30 كتابا لكل مليون عربي، والفرق شاسع، والبون كبير.
وعلى عادتنا في تهوين كبريات الأمور بطريقتنا الخاصة، كان بالإمكان أن نقول إن هذه الإحصائيات قد تكون مجرد اجتهاد شخصي من هذا الباحث المكتوي بنار الحقيقة المرعبة، ولعله كتب ما كتب وهو في حالة من القلق والتشاؤم والنقمة، غير أن الواقع خلاف ذلك، فهو يحيل على مصادره المعتمدة، وفي مقدمتها ـ حسب ما يذكره ـ التقرير الذي أعدته منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والتربية (اليونيسكو)، وتبعا لذلك تصبح أزمتنا في النشر وفي القراءة عالمية، وهذا يتطلب حلا مستعجلا، لأن هذه الأرقام المتباعدة تكشف بوضوح ـ حسب عبارة الباحث نفسه ـ الهوة العميقة الفاصلة بين العرب وبين الغرب، وبذلك لا تقتصر الفجوة بيننا على المجال الاقتصادي والصناعي وما يرتبط به، بل هي فجوة ثقافية عميقة أيضا، ولا شك أنها لا تزداد إلا عمقا واتساعا مع الأيام، فإلى متى ؟
وما العمل ؟
د.علي اغزيوي