من بين النصوص الفائزة في جائزة محمد الحلوي للمبدعين الشباب
شعر : منْ بيْنِ فرْثِ ودمٍ
فتَرَ القَريضُ بفتْرة الإحْساسِ ****** وعَراهُ ياسٌ في المَسِير بِياسِي
فإِذَا الجِراحُ شهِيقةٌ وزفِيرةٌ ****** ودوِيّها مِنْهُ العُيُونُ تُقاسِي
رحلَ الكَرَى خلْفَ الظّلامِ إلى المَدَى ****** ورَثَتْ مقَائِي في النّهَارِ نُعاسِي
فسَبَحْتُ في بحرٍ خَضمٍّ هائجٍ ****** مُتلاطِم الأحزانِ والوسْواسِ
ورقَصتُ كالطّيْر الذّبيحٍ كأنّما ****** حزُّ الحديدِ بأسْفَلٍ من راسِي
رُزِئَ الوَرَى في بعضِ عيشٍ تافِهٍ ****** ورُزِئتُ في عَيْشٍ يُقيمُ أساسِي
طرَقَ الأسَى قَلْبِي الوَلِيدَ مُبكِّراً ****** وأحاطَهُ في المَهْدِ وهْوَ سُدَاسِي
فجرَعتُ من لبَنِ النِّكايَةِ نِقْمةً ****** وسُقِيتُ منْ ثَدْي القُرُوح مآسِي
ففُطمْتُ لا أدْرِي السعَادة حَيّةً ****** بيْن الدُّجى كالفرْقَدِ النِّبْراسِ
ونظَرْتُ شزْراً للحياةِ بأُفّةٍ ****** متساقِطَ الأرْواحِ والأنفاسِ
سامَحْتُكم لا تحْسِبوني طاَمِحا ******ً فِي عِيشةٍ مفْرُوشةٍ بالماسِ
دارُ البلاءِ تعلقَت نَعماؤُها ****** بِمَشَقّةٍ محفُوفَةٍ بالبَاسِ
ولقَدْ صَبَرْتُ على المكارِهِ قبْلَما ****** لَفَظَ اصْطِبَارِي رُوحَهُ من ياسِي
فتَبخّرت علْياءَ في دُرجِ المَدَى ****** طَوّاحَةً كالسّهْمِ منْ قَوّاسِ
ما أقْرَبَ المُثُلل الوضِيئةَ مثْلَما ****** والمِثْلُ صِنْوُ المِثل في الأجْناسِ
فحييتُ أقْفَر منْ ظلامٍ موحِشٍ ****** لا نُورَ لِي أمْشِي بِه في النّاس
أرْثِي لحالِي بلْ لصَبْرِي إنّهُ ****** ذِكْراهُ تَسْرِي في الصّلا في الرّاسِ
قَطَّرْتُها منْ بَيْن فَرْثٍ حالِكٍ ****** ودمٍ قَريضاً أبْيضَ الإحساسِ
ودَفَنتُها تحتَ الضُّلُوعِ مصَونَة ****** ليْت الدّفِين يصُونُني من قاسِي
هيهَاتَ فالأرْواحُ منْها ميِّتٌ ****** تَحْيَى بهِ الأجْسادُ فِي الأدْناسِ
أمّا الذِي تفْنَى به مُلتَذّة ****** حيٌّ يقُضُّ مضاجِع الأجراسِ
فَيَرِنُّ في جَوْف الشِّغافِ دوِيُّهُ ****** مُستأْصلاً للجاثِمِ الخنّاسِ
تحْيَى النّفُوسُ بصَبْرها حتَّى تُرى ****** بالصّبْر نُوراً ساطِعَ الإحسَاسِ
صبْرُ الكَرِيمِ علَى البلاَياَ عزّةٌ ****** أمّا اللَّئِىمُ فَذِلَّةُ الأنجاسِ
ما النّاسُ إلاّ فِي الحَياةِ معادِنٌ ****** من فضّةٍ أو عسْجَدٍ ونُحَاسِ
يرْقَى إلَيْها بالتّفاوُتِ قدْرُهُمْ ****** فِي الصّبْر إكْسِير الثَّرَى والياسِ
أمّا الّذِي أمْسَى بيَأْسِهِ جازِعاً ****** مِثْلِي فَهىْهاتَ العُلا للْماسِ
شُكْرُ الإلَهِ على المُصابِ سعادَةٌ ****** والصّبْرُ أحْلَى رغْمَ مُرِّ الكَاسِ
ذ. عبد المجيد بلبصير