الحكمة أول مطلوب في موضوع الدعوة إلى الله، قال تعالى : {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}(النحل : 125)، فعلى الداعية أن يكون حكيما في دعوته، إذ الحكمة هي جماع الخير والتوفيق والسداد كله، قال تعالى : {ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}(البقرة : 269)، فيختار من الأساليب أحسنها، وأفضلها، وأقربها إلى القبول، فيستغني بالإشارة اللطيفة عن العبارة الغليظة، وبالكلام اليسير القليل عن الكلام الكثير الثقيل، وبالسر إن أمكن عن الجهر والتشهير، فإن السر نصيحة والتشهير فضيحة لأن الغاية من نصيحة المسلم لأخيه المسلم هي : التوصل إلى إصلاح العيب وستره، وليس توبيخه وفضحه.
قيل لبعض السلف : أتحب أن يخبرك أحد بعيوبك؟ فقال : إن كان يريد أن يوبخني، فلا.
إذ النفوس مجبولة على حب من تلطف بها، وأحسن في نصحها وترشيدها، وهذا من فقه الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر، قال أحد أئمة الدعوة : “واجتهد أن تستر العصاة، فإن ظهور عوراتهم وَهَن في الإسلام، وأحق شيء بالستر : العورة”.
فلهذا كانت النصيحة تستحق العهد والميثاق والبيعة على تعاهدها والاهتمام بها، عن جرير بن عبد الله ] قال : >بايعت النبي على النصح لكل مسلم<(متفق عليه).
ولا بد للناصح أن يكون عالما بما ينصح فيه، مميزا للفضيلة عن الرذيلة، والمصلحة عن المفسدة، وعلى بينة من مبدأ الأولويات، فيبدأ بالفرائض قبل النوافل في العبادات، وبالأهم قبل المهم في المعاملات، وبالحرام قبل المكروه في المنهيات، وهذا السلم في المراتب هو ما يستفاد من حديث النصيحة، قال : “الدين النصيحة”، قلنا لمن يارسول الله؟. قال : >لله عز وجل، ولكتابه، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم<(رواه مسلم).
فلهذا قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : >إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فادعوهم إلى شهادة أن لاإلهإلا الله وأن محمدا رسول الله،… ثم أخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة.. ثم أخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة<(متفق عليه).
ولا بد للناصح أن يكون على علم بحال المنصوح ليكون كلا مه ملائما للحال والمقام.
ذ.عبد الحميد صدوق