عباد الله :
إن التدين أمر فطري، فإذا رأيتم إنساناً لا دين له، فهو شاذ غير طبيعي. لأن التدين معناه احتياج واضطرار المتدين لمن يدين له وتقدسه وتنزهه ويخضع له. وهل هناك إنسان غيرُ محتاج ولا مضطر. والتدين كما يكون بدين حق، يكون بدين باطل، والدين الحق هو الإسلام كما تعلمون، والدين الباطل هو كل ما سوى الإسلام، سواء كان ديناً سماوياً سابقاً محرّفاً، أو كان طقوساً أرضية، أو كان هوىً وبدعاً، قال تعالى : {إن الدِّين عند الله الإسلام}. وقال سبحانه : {ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين} ومن كان متدينا بدين غير الإسلام وانتقل منه إلى دين آخر غير الإسلام فقد انتقل من باطل إلى باطل. فإذا انتقل إلى الإسلام فقد اهتدى إلى الدين القيم، قال تعالى : {فأقم وجهك للدين القيم}. أما من ينتقل من دين الإسلام إلى غيره فقد خاب وخسر، وضل وكفر وهذه هي الردة، قال تعالى : {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم} وقال سبحانه : {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}. والمرتد مشرك، لأنه إما اختار بنفسه أو اختار له غيره معبوداً غير الله، وهو سبحانه يقول في المشرك : {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير، أو تهوي به الريح في مكان سحيق} وحيث كثرت الردة في زماننا وانتشر التنصير والتكفير فنحن نتساءل : لماذا يرتد الشباب عن الإسلام، ولماذا يتنصر المسلمون؟ أليس الدين الإسلامي هو الذي ارتضاه الله للناس كافة، ونسخ به ما سبقه مما نزل من عند الله؟ هل الإسلام دين مختلط بالملل الأرضية؟ هل الإسلام دين ناقص؟ هل الإسلام شاقّ لا يُطاق. وصعب لا يمكن تطبيقه؟ هل الإسلام يُلزِم المسلمَ الفقروالذل والعار؟ هل الإسلام دين الجهل والظلم والتخلف؟ هل الإسلام دين الحيل والخيانة والمكر؟ إن الكفار يعلمون أن الإسلام بريء من كل عيب، سليمٌ من كل آفة، وإن جَهِلَ المسلمون أو ارتابوا في ذلك؟ فبأي شيء يستطيع الكفار أن يستلبوا نفوس المسلمين، ويُطفئوا أنوار قلوبهم، ويجروهم إلى ظلمات النصرانية والبهائية وغيرها من الملل الباطلة؟ إنهم يوزِّعون مآت الملابس منحاً، ومساعداتٍ ومواد مختلفة من أجل الدعوة الباطلة من أجل التنصير {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله} ونحن نبخل عن الدعوة الحقة، الدعوة إلى الإسلام، وننفق في وجوه الباطل الأموال الطائلة، فصرنا نشبه الكفار في ذلك. إن المنصرين يُيسرون سبل العملِ والكسبِ على من تنصر وكفر واتبع ملتهم، وتعلق بذيولهم، ونحن نعسّر سبل العمل، ونضيّق طرق المعيشة على البؤساء والفقراء والمسحوقين. إنهم يوسعون منافذ الهجرة إلىديارهم على من خلع الإسلام، وتنكر للقرآن واعتنق المسيحية ونحن نقفل منافذ الكسب، ونقدم أبناءنا طعما للحيتان أو اليأس أو الجريمة.. إنهم يبهرون عقول شبابنا بتقدمهم العلمي، وتنوع تقنياتهم وبضائعهم، وكثرة أموالهم، وسيطرتهم على الأسواق. ونحن نتنافس في استيراد منتجاتهم، وإنهاك أسواقنا ببضائعهم ونخنق الإبداع، إنهم يجعلون المسلمين يعشقون عدالتهم الاجتماعية عندهم، ويتمنون أن يعيشوا بينهم ونحن نولد القوانين التي تتفنن في القمع والقهر والزجر والنهر، إنهم يُخفون عنا عيوبهم، ويُظهرون لنا بريق الدنيا، ولمعان اللذات، وزينة الشهوات، ونحن نعاقب بالحرمان ونهدد بالطرد، ونربي بالسب والشتم والضرب، إنهم يغالطوننا وينسبون كل عيوبنا وكل تأخرنا وعجزنا إلى ديننا، ونحن نصدقُهم ونوافقهم، ونحبهم ونمدحهم ونحارب ديننا، ونعاند ربنا، وننقلب على أدبارنا، إنهم يجتمعون ويتحدون، ويتعاونون وهم علىالضلال والكفر، ونحن نختلف ونتخاصم، ونتوزع ونتباعد، ونبدأ خطبنا وكلماتنا بالحمد والصلاة، ونختمها بذلك تغريراً بالشعوب، وإثارة لسخرية العدو وغمزه، إن الكفار مخلصون لكفرهم، محبون لأوطانهم، ونحن خائنون لديننا، غادرون بأوطاننا، وجل حكام المسلمين اليوم كل همهم إرضاء الأمريكيين بأي ثمن، ولو بالتخلي عن الدين وخيرات الأوطان، والمواطنين.
فهل ترون عباد الله أسوأ حظاً ممن يخلع الإسلام وينتقل إلى المسيحية أو غيرها، وهو يعتقد أن الإسلام أهانه أو ظلمه أو حرمه، وأن المسيحية ستكرمه وتشرّفه، إن الكفار وهم يعلمون أن الإسلام هو الدين الحق -لا يثقون ولا يطمئنون إلى من خلع دين الإسلام، ولكنهم يريدون أن يفتنونا ويسخروا منا، ولن يُلحق المرتدّ سوءا بالإسلام، ولكنه يسيء إلى نفسه وأهله ووطنه، ويغفل عن سوء مصيره.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك واصرف جوارحنا في طاعتك آمين والحمد لله رب العالمين.
üüüüü
إن الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار وبعد :
عباد الله :
إن الدولة بأجهزتها الأمنية والمخابراتية ووسائلها المختلفة لا يُقبَلُ منها أن تدّعيَ أنها لا علم لها بوجود المنصرين في بلادنا، فإما أن يكونوا بإذنها وعلمها ينصّرون ويكفِّرون، وهم تحت رعايتها وحمايتها، فمن كان راضياً موافقاً على تنصير المسلمين فهو في حكم المنصِّر المكفِّر، ومن كان مغلوباً مكرَهاً، فليحرك همّة الشعب المسلم وليفكّ عنه قيوده ليقاوم المستعمر من جديد. وإما أن يكون المنصِّرون دخلوا بأسماء مزورة ولأغراض مغلوطة مكذوبة، وهم يعملون في خفاء وتحت عناوين مزيفة، فعلى الدولة أيضاً أن تراقبهم وتشدد في كشف خفاياهم، فإن أهملت أمرهم فستندم عما قريب، لأنهم يعملون ليل نهار، ويسابقون النوايا الحسنة، ويستعينون بالعلمانيين والملاحدة، وسيفيق النائمون الغافلون على نسبة كبيرة من المغاربة الذين يتنصرون الآن والذين سيطالبون بإنشاء قوانين تحمي وجودهم، وتمكنُهم من بناء الكنائس بإزاء المساجد في المدن والقرى، والمدارس والمعاهد المسيحية ، وسيحدُث تغير خطير في المجتمع المغربي حين يصبح المسيحيون رجال تعليم، وقضاةً، وضباطاً في الأمن والجند والدرك والحرس، ومسؤولين كباراً في الاقتصاد والصحة والداخلية وغيرها، وتصير القيادات الوطنية والأصواتُ البرلمانية يمثلها المسيحيون، ولا يصعُب حينئذ أن تصبح الأقلية المسيحية هي التي تهيمن على الحكم، وقد حدث هذا في بعض الدول الأسيوية والافريقية بعدما كانت دولاً اسلامية.
المغرب -كما تعلمون كان يفخر ويعتز بأن نسبة غير المسلمين في سكانه لم تكن تذكر رسمياً في الإحصاءات المتوالية، وكنا نسمع أن المسلمين يمثلون 100% وصرنا الآن نسمع أن الملاحدة بعشرات الآلاف، والمرتدين بالمآت، والحاقدين على الإسلام بالآلاف، فإذا أضفنا مآت الآلاف من الأطفال المتخلى عنهم، وعشرات الآلاف من المنحرفين المشردين، علمنا يقيناً أن المغرب مقبل على كارثة لا تنفع فيها مقاومة ولا يقاومها أي إصلاح، أليس هذا هو المس بالأمن العام بكل وجوهه!.
يأيها المغاربة إن الآفات التي ستدهمنا عظيمة، وإنما يجب مضاعفة الحذر والصبر في زمن الفتنة والنكسة، ففيها يميز الله الخبيث من الطيب.
ويأيها الشباب لا تلم الإسلام ولا تخلع الإسلام، فإنه ليس هو الذي جهْلك، ولا جوعك، ولا ظلمك ولا قهرك ولا سلب منك شرفك وعزك، إنما الذي أضاعك وجعلك تنتحر في البر والبحر، هم الذين منعوا الإسلام أن يحكم ويسود هذا الوطن، هم البشر مثلك، فإن كنت غاضباً فعليهم، وإن كنت مقاوماً فإياهم، وإن كنت عاقلاً فاعلم أنك حينما تخلع الإسلام وتقبل النصرانية إنما تنتقل من عبودية قومك إلى عبودية أعدائك، ومن ذل عشيرتك إلى رق حسادك. وإن الإسلام يريد تحريرك من هؤلاء وأولئك جميعا، وليس بغير الإسلام تتحرر وتعتز وقد قال : > من بدل دينه فاقتلوه<، وهب أنك ستنال مع النصارى سعادتك في الدنيا، فبماذا تسعد يوم القيامة؟ أتستبدل نعيماً محصوراً محدوداً، بنعيم شامل دائم! لماذا يعض الناس الإسلام كلما ظلمهم ظالم، وغشيهم طاغوت! هلا عضوا الأياديَ التي تصفعهم وتلطمهم، ما ذنبُ الإسلام أيها الناس. هل جربتموه فلم يشف ما بكم، هل صاحبتموه فخانكم، هل امتطيتموه فخنس بكم، هل حكّمتموه فجار عليكم، هل ارتويتم به فلم يُشبع ظمأكم.
إذا كان النصارى يحزنون من أجل بؤسكم أيها الشباب، ويُهمُّهم أمركم فلماذا يحرصون أولاً على أن تتنصروا، وتخلعوا دينكم؟ ألا تنظرون أيها الشباب إلى ما يفعله النصارى بمن يتمسك بإسلامه في الشرق والغرب! ألا تساءلتهم أيها الشباب هل أنتم المستهدفون عند النصارىأو الإسلام؟ ألا تساءلتم أيها الشباب : لماذا يحارِب النصارى الاسلام في كل لحظة وبكل وسيلة وفي كل جبهة؟ ما الذي يخشونه من الإسلام؟ إنهم يخشون أن يحييكم الله بالاسلام، ويُسْلم إليكم قيادة الأنام، فيصيروا تحت ذمتكم كما كانوا.
اللهم ألهم المسلمين رشدهم وقهم شرور أنفسهم آمين.
د.محمد أبياط