إشراك الجار فيما أنعم الله به عليك وأتاك من فضله، وإكرامه بمعروفك وإحسانك، دعوة إيمانية أصيلة، وقد يعظم قدر هذا الإنعام والإحسان بقدر قرب الجار منك نسبا، ودينا، ودارا.
قال ابن حجر الهيثمي : الجيران ثلاثة؛ جار مسلم وقريب، له ثلاثة حقوق؛ حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة. وجار مسلم له حقان؛ حق الجوار وحق الإسلام. وجار ذمي – أي غير مسلم – له حق واحد؛ حق الجوار.
فلابد من مراعاة نسب هذه الحقوق لهؤلاء، “فعن عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال : إلى أقربهما منك بابا”رواه البخاري.
ومن تمام الإكرام تمكينه من الانتفاع بمرافق بيتك إن دعت الضرورة لذلك، قال : “لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره”متفق عليه.
ومن كمال الإكرام احترامه وتقديره، وعدم احتقاره، قال :” يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة”متفق عليه.
وقد يحدث النزاع لا قدر الله أحيانا بين الجار وأخيه الجار، ولكن النبي أعطى النموذج في الإصلاح بين الجيران، حيث كان يعرض الجار الظالم للرأي العام ليعلم كلمة الناس فيه. جاء رجل إلى النبي يشكو جاره، فقال : أَخرج متاعك واجعله على الطريق، فجعل الناس يسألونه لماذا جعلت متاعك على الطريق، قال : جاري يؤذيني، فجعل الناس يلعنون جاره، فلما سمع الجار أن الناس يلعنونه أتى النبي فقال : يا رسول الله، لعنني الناس، فقال ” لقد لعنك الله قبل أن يلعنك الناس”رواه البزار بإسناد حسن.
واللعنة هي الطرد من رحمة الله، وأعلى مظاهر الرحمة الجنة، قال رجل : يا رسول الله، إن فلانة تذكر من صلاتها وصيامها، لكنها تؤذي جيرانها، قال : هي في النار.رواه الحاكم. لأن العبادة إذا لم تثمر عملا صالحا، فهي رد على صاحبها، قال : أتدرون من المفلس : قالوا المفلس يارسول الله من لا درهم له ولا دينار، قال : المفلس من أمتي هو من يأتي يوم القيامة بصيام وصلاة وصدقة، ويأتي وقد ظلم هذا، وضرب هذا وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا نفذت حسناته ولا زال عليه، أخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه، ثم طرح في النار. حديث مجمع على صحته أو كما قال .
ذ.عبد الحميد صدوق