الحاجة إلى رسالة محمد لا تزال باقية، فإن الضلال القديم لم تنحسم شروره بل اتسعت في هذا العصر دائرته وتكاثفت ظلمته. الوثنيون اشتد ساعدهم وأهل الكتاب ازدادت المسافة بينهم وبين ما لديهم من صحائف بل أهملوها كل الإهمال..!
ليس التدين علاقة موهومة بالله، فلا قيم للتدين إذا لم يمنع الإسفاف ويدفع إلى التسامي ويقمع غرائز الاستعلاء وقهر الضعفاء.. إن الحكمة من رسالة محمد تزداد وضوحا في عصرنا هذا الذي تألق فيه الذكاء البشري ولكنه وقع تحت سلطة الهوى الجامح وتربّع فيه أهل الكتاب على قمة القوة ولكنهم خاصموا موسى وعيسى ومحمدا وأهالوا التراب على تعاليمهم جميعا لقد قال الله لنبيه الخاتم شارحا حكمة إرساله : {تَاللَّهِ لَقَدْ أرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ منْ قَبْلِك فَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أعْمَالَهُم فَهُوَ ولِيُّهُم اليوْمَ ولَهُمْ عذَابٌ أَلِيمٌ ومَا أنزَلْنا عليْك الكِتابَ إلاّ لتُبَيِّن لهُمْ الذِي اخْتَلَفُوا فِيه وهُدَى ورحْمةً لقَوْمٍ يُومِنُون}.
إن أقطار الغرب نسيت الله واليوم الآخر وكرست العمر كله لإضاع الصلاة واتباع الشهوات، وقد قرأت بغضب تصريحا لزوجة “ميتران” الرئيس الفرنسي السابق وأدركت بُعد الشقة بين القوم وبين تعاليم السماء!
قيل لها أكان لك ابن غير شرعي من ميتران قبل أن تتزوجيه فقالت للسائل : دَعْك من هذا البحث فربما كشف عن خمسة وعشرين ألف حالة من هذا القبيل! ما هذا البلاء؟ هل خمد الوازع الديني فلم تعد له حركة؟ هل أظلمت الآفاق فلم نر بها أثارة من تقوى؟ يبدو أن الدين الذي يحارب الخنا لا يزال بين جوانحنا نحن! ومع ذلك فإن الغرب -الراقي جدا- عقد عدة مؤتمرات ليجعلها ترضى بالعلاقات الوضعية فطلب منا في القاهرة وبكين أن نرضى بالزواج بين رجلين! وبين امرأتين! وبين رجل وامرأة بغير عقد! فمن من أنبياء الله قَبِلَ هذا الفحش الخسيس أو سكت عنه؟
إننا نحن المسلمين المتقيدين بتراث محمد نناشد الإنسانية أن تتدبّر هذا التراث بدل أن تتهمه وتحاربه.
> جريدة البصائر الجزائرية عدد 231 مارس 2005