قد يظن بعض المربين أن تعليم النشء مكارم الأخلاق ومعاليها يكون بالطرق المباشرة التي تتمثل في إفراد كتب الآداب والأخلاق بأبواب التربية المعروفة، ولكن أجــدى الوسائل وأنفع الطرق تكون بزرع المثل العليا في كتب البرامج عامة كالنحو واللغة والبلاغة والبيان والاستشهادات المتعلقة بها وكذا كتب الجغرافيا والفيزياء والكيمياء والطبيعة والرياضيات وغيرها وذلك باختيار الأمثلة المفيدة في الحياة الخاصة والعامة للتلميذ والطالب، ونجد مصداق ذلك في كتب المجاميع والأمالي والفوائد؛ كالافادات للشاطبي والجراب لعبد الصمد كنون وغيرهما؛ إذ نجد فيها فوائد خلقية ومسائل تتعلق بالعادات الصحية والطبية والعقلية أو ما نسميه بالتربية الشاملة؛ وإلا فما جدوى أن يتعلم الطفل العلوم وهو لا يطبق ذلك في حياته وعلاقاته بغيره، ونحن نعرف أن الرياضيات والجبر والهندسة والفيزياء والطبيعيات والفلك كان يتعلمها المسلم ما دامت مرتبطة بحياته، ولها علاقة بشؤون دينه لأن هذه العلوم كانت تخدم دينه وصحته واقتصاده وخراجه وماله وتكسير المسافات ومعرفة أوقاته واستخراج ما غمض من المقاييس والابعاد في الليل والنهار وفي أداء الزكاة والمواريث وغيرها من القروض وغير ذلك من الضروريات التي لها علاقة بمصالح المسلمين في الحل والترحال كمعرفة خصائص الأشياء والطبائع كالنباتات والأحجار والمعادن والتراكيب والأمزجة.
وفي التراث الاسلامي مجموعة من المصادر التي كانت تدور عليها شؤون التربية والأخلاق كالأدب المفرد للبخاري ومكارم الأخلاق ومعاليها ومحمود طرائقها ومرضيها لأبي بكر الخرائطي وكتاب مساوئ الأخلاق وطرائق مكروهها له أيضا، وكتاب أدب الدنيا والدين للماوردي ونوادر الأصول للترمذي والآداب الشرعية لأبي عبد الله بن مفلح المقدسي وتزكية النفوس لابنقيم الجوزية، وتهديب الأخلاق لمسكويه والفوز الأصغر له والرعاية للمحاسبي وآداب النفوس له ومقاصد الرعاية له ورسالة المسترشدين له، وكتب الوصايا وهي لابن عربي وأبي الوليد الباجي وأبي يوسف وغيرهم وكتاب شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال للعز بن عبد السلام ولباب الآداب لأسامة بن منقد وكتاب الآداب لابن شمس الخلافة جعفر الأفضلي وكتاب المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح للحافظ عبد المومن الدمياطي التوني وكتاب الأخلاق الاسلامية لعبد الرحمن جنبكة الميداني وغير ذلك مما نجده في أبواب خاصة من كتب المعاني والمجاميع وهي كثيرة جدا. وقد ذكرت هذه المجموعة من الكتب لأجل مقارنة ما فيها ببعض ما سنذكره شواهد حية من الكتب النحوية والبلاغية خاصة وغيرها من المنظومات في العلوم المختلفة.
ومما يجدر التنبيه عليه أن كتب البرامج والمناهج الدراسية تشكل اللبنة الاساس في تكوين شخصيةالأطفال والشباب. وما زلت أذكر نماذج من الكتب المدرسية التي كنا نتعلم فيها في عهد الاستعمار؛ فقد كانت لا تتورع عن ذكر مسائل يسوء ذكرها في الأمثلة التطبيقية في المحادثات وتراكيب الجمل كالسيجارة والغليون والتدخين بل إن بعض الكتب كانت تخوض في مواضيع شاذة أو تنقل لنا مناظر عن فقراء مراكش في جامع الفنا أو خصائص اليهود أو ما له صلة بجليد القطب والزحافات ومغامرات لا تفيد التلميذ المغربي في أي شيء لأن المقصود من كل ذلك هو إفساد عقول التلاميذ وتحريف طبائعهم حتى ينصرفوا عن المبادئ الاسلامية المستنبطة من القرآن الكريم والحديث الشريف خاصة.
وإنني إذ أختار هذا الموضوع أنبه إلى أن كتب المناهج والبرامج كانت ترمي إلى تهذيب أخلاق النشء بأمثلة شتى لها صلة وثيقة بالتربية الرشيدة والأخلاق الفاضلة التي ترتبط بالحياة وذلك في غيرما إسراف أو شطط حتى لا تتسبب في السآمة والمللولهذا قد نجد هنا فائدة خلقية وهناك نادرة طبيعية أو طبية وهنالك مسألة نفسية أو غير ذلك …
وإذا نظرت في تلك المتون والمنظومات وجدت مصداق ما أصف لك.
فهذا ابن مالك الأندلسي (600-672) يذكر في ألفيته الخاصة بالنحو والصرف؛ عند الحديث عن الكلام وما يتألف منه:
كــلا منا لفــظ مفــيد كاستـقم
واســم وفعـل ثم حرف الكـلم
فلاحظ قوله “استقم” وهي لفظة لها دلالة عظيمة في القرآن الكريم وفي قوله تعالى {فاستقم كما أمرت}(هود 112). خاصة وفي قوله تعالى: {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ….}( الجن 16).
وقد وقف عندها المفسرون واتوا بالفوائد والأخبار في شأنها بما لو أردنا إيراد ذلك كله لخرجنا عن الموضوع ويكفي أن نذكر قوله : >شيبتني هود وأخواتها< وذلك عندما سئل عن سبب إسراع الشيب إليه، وفي كتاب النكت والعيون للماوردي والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ما يشفي الغليل.
ولاحظ أيضا كيف اغتنمها ابن مالك فرصة لتعليم النحو الممزوج بالتهذيب والتربية والأخلاق الفاضلة.(انظر مجموع مهمات المتون المشتمل على 66 متنا ص 317-318). وورد في متن الألفية أيضا:
ورغبة في الخـير خير وعمـل
بـــر يزين وليـــــقس مــالم يقــــــل
وفيها الدعوة إلى الاتصاف بأخلاق الصحابة والحث على الكرم والبذل (المجموع 326) (كان وأخواتها)
ترفع كان المبـتدأ اسما والخبر
تنصبه ككان سيدا عـمر
ومــثل كان دام مسـبوقا بـــما
كاعــط ما دمت مصـيبا درهــما
وفي حديثه عن الفاعل التفت إلى المرأة التي تأبى الأذى ص 331.
وتاء تأنـيث تــلي الماضي إذا
كان لانثى كأبت هـند الأذى
وهكذا سار ابن مالك يسدى لنا النصح في اتباع الأخلاق الحسنة ويظهر ذلك في هذه الأبيات:
والرفـــــع في غـــير الذي مــــر رجح
فما أبــــــيح افـــــعل ودع مالـــــم يـبح
فانـــصب به مفــــــــعوله إن لــــم ينب
عن فاعــــــل نحو تدبـــــــرت الكــتب
ولازم غــــير المعــــــدى وخــــــــــتم
لـــــــــزوم أفـــــعال السجايا كنـــــــهم
وعامـــــــل الحال بــــــــها قد أكــــــدا
في نحــو لا تعث في الأرض مفـــسدا
وألــزموا اذا إضافة إلى
جــمل الأفعال كهن إذا المتـلى
وفي البيت تضمين للمثل المعروف “اذا عز أخوك فهن”.
كلــــــــن تـــرى في الناس من رفـــيق
أولى به الفــــــــضل من الصــــــــديق
فالعـــطف مطــــــــلقا بـــــــواو ثم فا
حتى ام أو كفـــــــــيك صــــــدق ووفا
إياك والشـــر ونحوه نصـب
محــذر بما استتاره وجب
انظر الأمثلة ص 333-334-339-342-349-351-357. إلى غير ذللك من الأبيات التي تشتمل على الغرض المطلوب.
ومن كتب النحو الشهيرة كتاب النحو الواضح في قواعد اللغة العربية وهو خاص بمدارس المرحلة الأولى، تأليف الأستاذين علي الجارم ومصطفى أمين، وكان هذا الكتاب نموذجا معتبرا لعقود عدة خلال القرن الماضي، بل انه ما زال يمثل منتهى الآمال في سهولة مأخذه واختياراته المفيدة وأمثلته وتمارينه المؤسسة على الطريقة الواضحة، وما يلفت النظر كذلك أن كثيرا من الاستشهادات الواردة فيه كانت تراعي الجانب التربوي في اختيار الأمثلة ذات المغزى الخلقي الرفيع وكذا جانب الصحة النفسية والجسمية لما في ذلك من إرشادات إلى المأكل والمشرب والملبس والرياضة وغير ذلك من العادات النافعة. ومما ورد فيه مثلا حسب الاجزاء والصفحات:
نصائح نافعة في الحياة العامة للطفل 1/21: أطعم قطك، نظف ثيابك، نم مبكرا، تمهل في السير أجد مضغ الطعام.
ففي هذه الجمل: النظافة من الايمان والعناية بالحيوان وهذا يذكرنا بتلك المرأة التي دخلت جهنم في قطة أجاعتها وكذا التمهل في السير وفي ذلك إشارة إلى الرزانة والهيبة والوقار
وأما النوم المبكر وإجادة مضغ الطعام فهي من النصائح الطبيةالتي لا غنى عنها في الحياة العامة.
ومن الفوائد 1/23 : لا تكثر من الكلام ولا تنطق بما لا تعلم، اغسل يديك قبل الأكل وبعده ونظف أسنانك ولا تدخل الطعام على الطعام وفي ذلك نصيحة نبوية ظاهرة،1/26 انطق بالصدق، 1/35 الجري مفيد، النظافة واجبة،1/37 يندم الكسلان،1/48. ومن التمارين التي يتدرب عليها التلميذ: التلميذ الكسلان لن … الحسود لن… يصدق التاجر كي…
1/54 لا تتعود كثرة المزاح- لا تشرب وأنت تعب، لا تبلع طعاما قبل أن تجيد مضغه.
1/55 ومن التمارين : إن تهمل في عملك… ؟ – إن … تندم- إن تأكل الفاكهة الفجة…إن تسمع نصيحة والديك…
2/53 لم أكن لأرافق الأشرار 2/56 لا تأكل حتى تجوع 2/56 لا تدخل حتى يؤذن لك.
2/57 كن لين الجانب فتحب. 2/59 لاتأمر بالصدق وتكذب.
2/59 لا تنظر إلى عيوب الناس وتهمل عيوب نفسك. لا تقرأ في الضوء الضعيف.
2/66 من يفرط في الأكل يتخم. من يسافر تزدد تجاربه.
3/84 لا تسود الشعوب إلا بالأخلاق، لايسدي النصيحة إلا المخلصون، 3/86 لاتعتمد على غير الله، لا ينال المجد غير العاملين. 3/92 لا تصاحب إلا الأخيار، لا يعجبني من الكتب إلا النافع. 3/96 لا تأكلوا الطعام حارا. 3/97 لا تأكلوا الفاكهة وهي فجة. 3/100 لا تنم ونوافذ الغرفة مقفلة، لاتمش في الليل. 3/101 اصفح عمن أتاك معتذرا.
ومن الكتب السائرة في النحو والعربية كذلك كتاب: جامع الدروس العربية تأليف الشيخ مصطفى الغلاييني فقد تحدث في الملحق بنعم وبئس بما يلي: 1/86: قال الشاعر:
لا يـمـــنع النــــــاس مني ما أردت ولا
أعطــــــيهم ما أرادوا أحــــسن ذا أدبا
أي حسن هذا أدبا.
ثم جاء فيه :
قد يعـلم الناس أني من خيارهم
في الديـن دينا وفي أحسابهم حسبا
“واعلم أن الأدب الذي كانت تعرفه العرب هو ما يحسن من الأخلاق وفعل المكارم كترك السفه وبذل المجهوذ وحسن اللقاء، واصطلح الناس بعد الاسلام بمدة طويلة على أن يسموا هده العلوم “الأدب” وذلك كلام مولد لم تعرفه العرب بهذا المعنى لأن هذه العلوم قد حدثت في الاسلام.
وفي الكتاب كذلك شواهد شعرية روعي فيها الجانب الخلقي مثل قول الشاعر 1/93:
لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم
ليعـلم ربي أن بيتي واسع
وقول الشاعر 1/73 :
الاحـبــذا قــوما سليم فإنهم
وفـوا وتواصوا بالاعانة والصبر
وفيه معنى قرآني ظاهر :
حبذا الـصبر شيــمة لامرئ را
م مبـاراة مولـع بالمغاني
وقال آخر:
استغن ما أغـناك ربـك بالغنى
واذا تصـبك خـصـاصة فتجـمل2/195
وقول الآخر وفيه معنى الاستقامة 2/194
حيـثما تســــتقــم يقــدره لك االلــ
ــه نجاحا في غابـر الأزمان
وقول الشاعر 3/44:
وأغـفر عوراء الكـريم ادخاره
وأعـرض عن شــتم اللئيم تكرما
أو قول آخر 3/226:
ولقد أمــر على اللـئيم يسبــــني
فمــضيت ثمـت قلت لا يعنـيني
وإذا انتقلنا إلى فنآخر من فنون العلم رأينا أن هناك منظومة لابراهيم اللقاني وتسمى جوهرة التوحيد وفيها مبادئ التربية والحث على الأخلاق الفاضلة ، ومن ذلك (مجموع المتون:1)
فانظر إلى نفـــسك ثـم انتــقـل
للعـالم العلـوي ثـم السفــلي
ثم قال وهو يتحدث عن صفات الله تعالى :
وعــلمه ولا يقال مكتسب
فاتـبع سبيل الحـق واطرح الريب
ثم انتقل إلى الدعوة إلى تجنب النفاق والحسد وتقليل الأمل والكف عن النميمة والعجب والكبر ومحاربة البدع والامر باتباع الحق وما كان عليه السلف الصالح:
وكــل نص أوهـم التشبـيها
أوله أو فــوض ورم تنــزيها(13)
وأفـضل الخــلق على الاطلاق
نبيـنا فـمل عـن الشـقاق(14)
وأول الـتــــشاجر الـــذي ورد
إن خفـت فيه واجتـنب داء الحـسد(15)
فحــاسب النــفس وقلـــــل الأمـلا
فـــرب من جـــد لأمـر وصلا(16)
وامــر بعـــرف واجتـنب نمــيمه
وغيـبة وخصـلة ذمــيمة(18)
كالعـــجب والكـبر وداءالحــسد
وكالمــراء والجـدل فاعتـــمد(18)
وكــن كــما كان خــــيار الخــلق
حـلـيف حلـم تابـــعا للحــق(18)
فكـل خـــير في اتـباع من سلف
وكــل شــر في ابتــداع من خـلف(18)
فـتــابع الصــالح مـمــن سلـفا
وجانب البـــدعة ممـــن خــلفا(19)
ويقول أبو البركات الدردير (1127-1201) في الخريدة البهية وهي في الخريدة البهية في الفوائد التوحيدية:
حيـــاته وقــــدرة إرادة
وكـــــل شيء كائـــن أراده(25)
وإن يكــــــن بضده قـــــدأمـــرا
فالقــــصد غيــر الأمــر فاطــرح المرا(25)
لـو لـــم يكــن متـــصفا بمـــا لــزم
حــــــدوثه وهـــو محـال فاستــــقم(25)
ومن يقـــل فعــــل الصــلاح وجــــبا
على الالــه قـد أســـاء الأدبـا(26)
فاكــثـــرن من ذكــــرها بالأدب
تـــرقى بهذا الذكــر أعلى الرتب(26)
وغـــلب الخــوف على الــرجاء
وســـر لمـــــــولاك بلا ثـــناء(26)
وكــن على آلائــــه شكـــورا
وكـــــن على بـــــلائـــه صبــــورا(27)
فكــــــن له مســـلما كي تســــلما
واتـــبع سبـــيل الناسكــين العلما(27)
وخـلــــــص القــــــــلب من الأغــــيار
بالجــد والقــــيام في الأسحـار(27)
والفــكر والذكــــر على الـــدوام
مجـــتنـــبا لســـــائــر الآثــام(27)
وورد في متن الشيبانية:
ولكــن بالقـــرآن تهــدى وتهـتــدي
وقــد فاز بالقــــرآن عبد قد اهـــتدى(36)
فلا تكــن عــبدا رافضــــيا فتعــــــتدي
فــــويل وويـــل في الورى لمن اعتدى(38)
وتسكت عن حــرب الصحــابة فالذي
جرى بيـــنهم كان اجتــهادا مجـردا(38)
وفي متون الفرائض لموفق الدين الرحبي 577 هـ:
والــثـــلـثــان وهـمـــــــــا التـــمام
فاحفــــــــظ فكـــل حافــــظ إمـــام(48)
وفي باب السهام (55):
واطــلب طريــق الاختـصار في العمل
بالوفــــق والضرب بجانــبك الـزلــل
إن كان جـــنساواحــدا وأكــثرا
فاتــــبع سبـــيل الحـــق واطــرح المرا
وخــــــذ جمــيع العــــدد المـباين
واضــربه في الثاني ولا تـداهـن
ومن المتون المحفوظة قصيدة البردة المسماة الكواكب الدرية للبوصيري (608-696).
وفيها من غرر الأبيات ما هو مشهور ويرجع إليها،ومن المتون المتصلة بالعروض والقافية: كتاب ميزان الذهب لأحمد الهاشمي وقد جاء فيه: قال أبو دؤيب الهذلي:
والنـــفس راغـــبـة إذا رغبــتها
وإذا تــرد إلى قليل تقــــنع
وفيها:
غنى النفــس ما يكـفــيك من ســـد خـلة
فان زاد شــــيئا عاد ذاك الغنى فقرا
وجاء فيه:
أعـاتـب ذا المــودة من صديق
إذا مـارابني منه اجتـناب
إذا ذهب العــتــاب فلـيس ود
ويبقى الــود ما بقـي العــــتاب
وجاء فيه أيضا:
خلــيل لي سأهـــجــــره لذنــب لســت أذكــره
ولكــنـــــــــي سأرعــــاه وأكــــتمه وأستـــره
وأظهــــر أنــــي راض وأسكـت لا أخــبره(53)
وفيه:
ويحـك يا نفـــس احرصي على ارتـياد المخـلص
وطــاوعي وأخلصي
واستــمعي النــصح وعي(141)
وفيه:
يا خـاطب الدنـيا الدنـية إنــها تــرك الـــردى
دار متى ما أضحـكت في يـومها أبكت غـدا(144)
ومما ورد فيه زجل طويل نقتبس منه ما يأتي (النصيحة) لمحمد النجار (148):
كـل واحـــد يلـزمه لابنه يعـــلم
القــراءة والكـتابة وكــل حاجة
حتى إذا ما قــد كـبر يطـــلع مربي
لا يكـــون خبله من أولاد الســذاجة
ثانيا من خـوف إذا فـاته شبابه
ما يلاقي غير أمـور أهل السماجة
ثالثا كــونه طـلع له نجـل بعده
بدر مشرف بالكمال بين الأهـلة
وفي النص معان شتى منها: التبصر في الأمور- الرجوع إلى الحق – الحق دين في كل ملة n ميزان الفكر- الاعتبار- التفاوت في العقول- المربي يقبل المعرفة- الجهل عار- الاجتهاد في العمل- الصدفة- بث النصيحة في الخلق- لم يخلق الناس عبثا- عاقبة اللهو- لا تبع عاجلا بآجل- اغتنام الفرصة- طلب العلم الشريف- صحبة أهل الفضائل- لا تكن كلا على أكتاف الأرامل- ذل السؤال.
ومنه:
ربنا أنشـــاك وأعطــــاك عين وعافــية
وخــــلق أعطــاك لتشغيلها بشغله
ومنه : حب الوطن من الايمان- طاعة أولي الأمر- بث النصيحة في الخلق واجب- الاجتهاد في كل العلوم والفنون والصنائع كالنجارة والفلاحة والسياسة. مقام الرياضة واللغات الأجنبية- ترك التقليد- المشورة- التقاط الحكمة- خدمة الروح- العمل بأقوال الأجلة- عاقبة الافلاس- الدين هم بالليل وذل بالنهار- الحسد- المساعدة والمعاونة والتعاضد- المعاملة- إلى غير ذلك من المعاني.
وفي كتاب البلاغة الواضحة في البيان والمعاني والبديع للمدارس الثانوية من تأليف الاستاذ علي الجارم ومصطفى أمين أمثلة عديدة تخدم كلها التلميذ والطالب في مختلف الأقسام الدراسية ونظرا إلى سيرورة هذا الكتاب وتداوله بين الناس كثيرا فإن من خبره وتأمل فيه يجده حافلا بالأدلة والنماذج التي تخدم الأخلاق الفاضلة وتحث على التحلي بالمزايا العالية فإلى جانب الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة.
> ومن ذلك نصوص من كتاب كليلة ودمنة ص 38: ” يبقى الصالح من الرجال صالحا حتى يصاحب فاسدا فإذا صاحبه فسد مثل مياه الأنهار تكون عذبة حتى تخالط ماء البحر فإذا خالطته ملحت. وقال: من صنع معروفا لعاجل الجزاء فهو كملقي الحب للطير لا لينفعها بل ليصيدها”
وفيه للهذلي:
والنـــــــفس راغـبة إذا رغبـتها
واذا تـــرد إلى قلــــــيل تقــــنــع
ويظهر ذلك أيضا في التمارين والأسئلة التي صيغت فيها قوالب التربية ومنها:
ص43 : الحازم يعمل في شبابه لكبره- المذنب لا يزيده النصح إلا تماديا- الكلمة الطيبة لا تثمر في النفوس الخبيثة-المتردد في الأمور يجذبه رأي هنا ورأي هناك.
ص44 : الناس كركاب السفينة- الحوادث كبحر مضطرب- الشيب كالصبح.
ص46 :من يهـن يسهـل الهـوان علــيه
ما لجـرح بميت إيــلام
ص72 : بلادي وإن جـارت علي عـزيــزة
وقـومي وإن ضنوا علي كــرام
ص96 : وصف أعرابي بني برمك فقال رأيتهم وقد لبسوا النعمة كأنها من ثيابهم.
ص166: وقال أبو الطيب:
تــرفق أيها المـولى عليــهم
فان الرفــــق بالجــاني عـتاب
ص167 : من كلام الحسن: لا تطلب من الجزاء إلا يقدر ما صنعت.
ص180 : اذا كنت في كـل الأمــور معاتـبا
صديقـك لم تلـق الـذي لا تعاتبه
ص224 : ومما ورد في التمارين:
الفراغ مفسدة- صداقة الجاهل تعب- طول التجارب زيادة في العقل- غدرك من دلك على الاساءة- يسود امرؤ قومه بالاحسان إليهم- وضع الاحسان في غير موضعه ظلم.
ص88 : خالد بن صفوان: لا تطلبوا الحاجات في غير حينها ولا تطلبوها من غير أهلها
وفي الكتاب فوائد جليلة في التربية والأخلاق والثقافة العامة ممزوجة بقواعد البيان والبلاغة والبديع نجدها في التشبيهات والمجاز والاستعارة والتورية والكناية وكلام العرب عامة، ويجدها طالب العلم في الشواهد المختارة من القرآن الكريم وجوامع الكلم وفي الأمثال والمواعظ والحكم وغيرها.
وخلاصة القول إن المتون والمنظومات حافلة بكثير مما ينفع المربي في العاجلة والآجلة.
د.أحمد حدادي