بالنسبة للهزة الأرضية التي حدثت في جنوب آسيا، في الفترة القريبة الماضية، بين جزيرتي سومطرا وجاوا في قعر المحيط على عمق أربعين كيلوميترا، وكانت قوته تقريبا 9 درجات على سلم “رشتر”، أي أنه وصل إلى نهاية المقياس، ومن رحمة الله أن هذا الزلزال بهذه القوة حدث في الماء في قعر المحيط لأنه لو كان حدث بهذه القوة على اليابسة لكانت آثاره المدمرة أشد بكثير مما حدث.
كيف تحدث الزلازل؟
إن الغلاف الصخري للأرض ممزق بشبكة من الصدوع، وهذه الصدوع لها طبيعة خاصة، ففي مكان منها، أو في بعض هذه الصدوع تندفع الصهارة، تتسمى مناطق الاتساع، ويقابل هذا الاتساع اصطدام قاع المحيط بالقارات المجاورة أو باليابسة المجاورة وتسمى هذه بحدوث التصادم، كلا الحدين يحدث عنده هزات أرضية، ولكن الهزات الأرضية في مناطق التصادم أشد عنفا بكثير من الهزات الأرضية الناتجة في مناطق الاتساع، الذي يتم في وسط المحيط، هذا يعوض بأن يهبط قعر المحيط تحت اليابسة المجاورة، حينما يهبط قاع المحيط تحت اليابسة يحدث الاحتكاك الذي يولد القوة الشديدة التي تسبب الهزة الأرضية.
الهزة الأرضية الأخيرة كانت تحت المحيط بأربعين كلم، ومعروف علميا بأنه كلما كان مركز الهزة الأرضية أقرب إلى سطح الأرض كلما كان أثرها التدميري أشد، وممكن للهزة الأرضية أن تتحرك خمس كيلومترات، فتنساق الأرض إلى سبعمائة كلم، الهزة حركت الأمواج، والأمواج تحركت بسرعات فائقة تصل إلى 1000 كلم في الساعة بطول موجة يتجاوز 200 كلم وبارتفاع تجاوز العشرة أمتار، والماء بهذه السرعة يعتبر من القوى المدمرة، ضربت السواحل المفتوحة فأدت إلى هذه الخسارة الفادحة.
طبعا العلمانيون والدهريون يقولون هذا من غضب الطبيعة، ونحن نعلم أن الله تعالى الذي يقول في محكم كتابه عن ذاته العلية : {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولارطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} لا يمكن أن تكون أحداث كهذه تتم دون إرادته وعلمه وأمره.
هل تسونامي عقاب من الله؟
يسألني الكثير من الناس : هل هذه الزلازل عقاب للعاصين؟ ماذنب الأعداد الكبيرة من المسلمين الذين هلكوا في خضم هذه الثورة العنيفة؟ سئل رسول الله : >أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا كثر الخبث، ثم يبعث الناس على نواياهم< وأنا أقول دائما أن مثل هذه القضايا الطبيعية ، يفسرهاربنا تبارك وتعالى عقابا للعاصين وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين، وإذا لم نأخذها في هذا الإطار، لا يمكن لنا أن نتعلم منها أبدا، والقرآن بنصه يقول : {وكلا أخذنا بذنبه}ويقول رب العالمين في سورة النحل : {قد مكر الذين من قبلهم ، فأخذ الله بنيانهم من القواعد، فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} ولا أجد وصفا للزلزال أبلغ ولا أكمل ولا أشمل من هذا الوصف، لأن الزلزال أول ما يدك، يدك القواعد، فينهار المبنى بالكامل، بعد ذلك بآيات قليلة يقول ربنا تعالى : {أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض، أو يأتيهم العذاب من حيث لايشعرون} والإمام علي كرم الله وجهه يقول : (ما وقع عذاب إلا بذنب، ومارفع إلا بمثوبة).
وأهل المنطقة صحيح أنهم من المسلمين، ولكن الغرب استغل هذه المنطقة، استغل فقر هذه المنطقة ليجعلها ساحة لمبارزة الله بالمعاصي، فتيلاند يباح فيها الأطفال في عمر الزهور ليعتدى على أعراضهم، في سن السادسة وااسابعة والثامنة، وهذا لا يرضي الله تعالى، جزر المالديف يحكمها حاكم مسلم وهو خريج الأزهر، 1200 جزيرة، نصف هذه الجزر مقفلة في وجه المواطنين وتستخدم للعراة من الغربيين.
جزيرة شرق تيمور، اقتطعت من أندونيسيا لكي تقام عليها دولة مسيحية بتكتل العالم الغربي كله وتكتل الأمم المتحدة،لأن البرتغاليين قد نصروا أعدادا قليلة من الناس فيها، وفتحت ماخورا للمفاسد، وهذا لا يرضي ربنا تبارك وتعالى، لذلك سخر بنا هذه القوة الهائلة لتعطينا إنذارا بأن الذي يقع في المعاصي، ويبارز الله بالمعاصي هذا مصيره، ولعل الناس تعتبر مما حدث وتأخذ العضة إن شاء الله.
عملية الإنذار المبكر.
من صعوبة الزلزال فجائيته، ولا يمكن التنبؤ بحدوث الزلزال بدقة أبدا، حدث سنة 1973 أن الصنيين نجحوا في التنبؤ بحدوث الزلزال وبتحديد بؤرته، فدعوا سنة 1974 إلى مؤتمر عالمي ليعلموا الناس كيف يتنبؤوا بحدوث الزالازل فحدث زلزال كان مركزه القاعة التي عقد فيها الاجتماع، هل يمكن أن يكون هناك عبرة ودرس أكثر من ذلك؟ لكن هذا لا ينفي أبدا أخذ الاحتياطات من الاحتياطات عمليات الرصد المستمر، يعني رصد ميول الطبقات في المناجم والمحاجر، رصد أشكال سطح الأرض، إذا حدثت انهيارات أو غيرها، رصد اختلاف منافذالماء في الآبار وفي البحيرات الداخلية وفي الأغوار في الشواطئ الضحلة، أي تغير في هذا النسيج يوحي بأن عملا ما سيحدث، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أن الهزة الكبيرة تسبقها هزات خفيفة ، وتتبعها أيضا هزات خفيفة، فهذا نوع من أنواع الإنذار ، فمثل هذه الملاحظات قد تعين على أخذ بعض الاحتياطات، منها أيضا صعود بعض الغازات النادرة كغاز الرادو، هذا الغاز يوحي بأن شيئا ما يحدث بداخل الأرض، وأيضا الهجرة الجماعية للحيوانات كالخيل والفيلة والكلاب، كل هذا يوحي بأن شيئا سيحدث، لكنه لا يستطيع أن يوقف هذا العقاب الإلاهي أبدا .
د.زغلول النجار